كتاب كتاب لمؤلفه مارك ويستون يقع في 600 صفحة باللغة الإنكليزية، يستعرض فيه صاحبه قصة مملكة طالما كانت مثار جدل في الأوساط الإعلامية الغربية والأميركية منها على وجه الخصوص، فهي وإن كانت على مدى ستين عاماً الأخيرة حليفاً إستراتيجياً للولايات المتحدة، إلا أنها نالت الكثير من النقد في أعقاب هجمات الحادي عشر من أيلول الإرهابية، التي قادها السعودي أسامة بن لادن، وكان بين المنفذين لها 15 سعودياً من مجموع تسعة عشر.يرى الكاتب والذي أمضى سنوات عدة دارساً في إحدى الجامعات السعودية، وكان مراسلاً لصحف أميركية كبرى، أن العربية السعودية والتي تكتنز صحاريها ربع البترول العالمي هي الدولة الوحيدة في العالم المشتق اسمها من اسم شخص وأنها بالرغم من الثراء الهائل الذي تنعم به، إلا أن ثلث شبابها عاطلون عن العمل، وهو في موقع آخر من الكتاب يشير إلى أن ثلاث عائلات عربية تسيطر على جزء كبير من نفط العالم هي آل سعود وآل الصباح في الكويت وآل نهيان في الإمارات العربية المتحدة.يورد ويستون في مقدمة كتابه سيرة الرسول محمد عليه الصلاة والسلام والخلفاء الراشدين الأربعة، وكيف أن هذه الكوكبة من الرجال العظماء استطاعوا في غضون سنوات معدودة أن يغيروا وجه العالم، سقطت أمام جحافل جيوشهم الإمبراطوريتين الفارسية والبيزنطية. جاءت الدولة الأموية التي يعتبرها المؤلف الدولة الأقوى في تاريخ العرب ومن بعدها الدولة العباسية التي دمر المغول عاصمتها بغداد، ظل العرب بعدها مفككين وضعفاء ألف عام.يقول ويستون إن المملكة السعودية الحديثة يرجع الفضل في إنشائها إلى عبدالعزيز بن عبدالرحمن بن فيصل آل سعود (1876-1953) الذي كان يتمتع بمهارات سياسية وشجاعة عسكرية، حيث اغار وسيطر مع مجموعة مسلحين عام 1902 على الرياض، وتمكن في مدة خمسة وعشرين عاماً من السيطرة على 80 بالمئة من شبه الجزيرة العربية.يذكر المؤلف أن الملك عبدالعزيز تزوج في حياته بأكثر من 75 امرأة أنجبن له 45 ولداً وعشرات البنات وكان يحيط نفسه بالجواري والخليلات، وأن كان يحتفظ دوماً بثلاث زوجات لا أكثر، حتى إذا ما أعجب بعيون إحدى الفتيات من وراء البرقع يتزوجها ولو لليلة أو عدة ليال، ودائما وفق الشريعة الإسلامية التي لا تجيز الجمع بين أكثر من أربع زوجات.يضرب المؤلف مثلاً على فساد الإدارة الحكومية في عهد عبدالعزيز في بداية تفجر النفط في السعودية منتصف الأربعينات من القرن الماضي، حيث تم في إحدى السنوات صرف عشرة ملايين دولار على شراء سيارات فاخرة للأمراء في مقابل 750 ألف دولار ذهبت للتعليم، وأن الدولة استدانت 21 مليوناً من شركة أرامكو النفطية، على أن تسدد من الإنتاج النفطي في السنوات اللاحقة، وكانت معظم هذه الأموال تنفق على بناء القصور لأبناء الملك والمقربين منه.يورد المؤلف أسماء من تعاقب من ملوك آل سعود على الحكم ونبذة عن حياة كل منهم وأسلوب إدارته للملك، ومنهم الملك فيصل الذي حكم مدة 11 عاماً، وهو الذي أوقف تدفق النفط الى أميركا والغرب في أعقاب وقوف هؤلاء إلى جانب إسرائيل في حرب 73 بين مصر وسوريا من جهة والكيان الصهيوني من جهة أخرى، وكيف أن وقف الإمدادات النفطية أدى في شهور وسنوات لاحقة إلى تدفق ترليونات إضافية من الدولارات على المنطقة نتيجة ارتفاع أسعار النفط.يقول ويستون «لو سالت أي سعودي عن أعظم ملك حكم المملكة على مدى السنوات الخمسين الماضية، فسيقول لك على الفور إنه فيصل» الذي اغتيل عام 75 برصاصات انطلقت من مسدس واحد من أفراد العائلة المالكة.قبل فيصل حكم البلاد الملك سعود الإبن الأكبر للملك عبدالعزيز، وقد شهدت المملكة في عهده تراجعاً في الميادين السياسية والأمنية والتعليمية والصحية وقد أنجب 107 أبناء وكان له عشرة قصور وجلّ اهتمامه منصب على البذخ والنساء والشراب. بعد ذلك جاء الملك خالد ومن بعده فهد وصولاً إلى العاهل الحالي الملك عبدالله. يذكر الكاتب فضيحة شهدتها السعودية أيام حكم الملك خالد السبعينات القرن الماضي عن أميرة سعودية «مشاعل» كانت متزوجة من أحد الأمراء لكنها وقعت في حب شاب اسمه خالد، تم القبض عليهما وأعدما في جدة على الملأ، أطلق على الأميرة الرصاص وقطع رأس حبيبها بالسيف، وقد تصادف وجود أحد البريطانيين ساعة الإعدام قام بالتقاط صور لعملية الإعدام بكاميرا جيب وتم عرضها لاحقاً على شاشة تلفزيون بريطاني بعنوان«موت أميرة» ما أثار غضب العائلة المالكة التي طردت السفير البريطاني من جدة وألغت صفقات تجارية مع بريطانيا بمليارات الدولارات.في عهد الملك فهد يسهب المؤلف في ذكر تفاصيل الحرب العراقية الإيرانية ومن بعدها عملية تحرير الكويت من القوات العراقية عام 1991، في حينأن عهد الملك عبدالله شهد حتى اللحظة العديد من الاصلاحات الديمقراطية ومحاربة الإرهاب. ويختم المؤلف بنتيجة مفادها أن إشكالية الديمقراطية والاصلاحات الاجتماعية في بلد كالسعودية ليست منوطة فقط بالعائلة الحاكمة، فالشعب السعودي شعب محافظ وملتزم بالدين يصعب إدخال تغييرات جذرية في نمط حياته وأسلوب تفكيره، وعليه لا بد من إعطائه زمناً طويلاً لكي يتقبل الكثير من المفاهيم العالمية الحديثة والمتطورة.
Leave a Reply