300 مليون اميركي إستهلكوا كل شيء.. حتى غرقوا تحت وطأة ديون تبلغ 14 تريليون دولار
وأطلقت شركات السيارات الاميركية التحذيرات من حالة أشبه بانهيار الطلب لان المشترين أصبحوا عاجزين عن الحصول على قروض أو غير راغبين فيها.وتتأهب المتاجر لأسوأ مبيعات في موسم الأعياد منذ 18 عاما على الأقل.وتشعر ميريديث ويتني المحللة بشركة «أوبنهايمر وشركاه» والتي كانت بين من نبهوا البنوك في البداية إلى ضرورة زيادة مخصصات تغطية خسائر الرهون العقارية بالقلق من أن يؤدي تقليص حدود الائتمان إلى فرض قيود شديدة على المستهلكين الذي بدأوا يتصرفون بحذر بما يطيل أمد دائرة مفرغة من خسائر البنوك والتراجع الاقتصادي.وقالت ويتني في قمة «رويترز» للتمويل العالمي والتي عقدت في نيويورك مؤخرا «إذا فقدت وظيفتك أو مرضت أو حدث أي أمر طارىء فهذا هو سندك الأخير».وأضافت «إذا حدث فجأة أن فقدت هذا الملاذ الأخير أو انه انكمش بدرجة كبيرة وهو ما سوف يحدث فكل شيء حولك يتغير وتصبح أكثر حذرا كمستهلك. ربما تكون على ما يرام تماما في كل ناحية أخرى من نواحي حياتك لكن خفض حدك الائتماني يغير كل توقعاتك».وخلال السنوات العشر الاخيرة بلغت قيمة الديون على الاميركيين ثمانية تريليونات دولار بزيادة 137 في المئة أي مثلي الزيادة التي طرأت على حجم الاقتصاد. وبلغ الحجم الاجمالي للديون 41 تريليون دولار (او ما يعادل نحو 64 الف دولار للفرد) ليصبح مساويا تقريبا لاجمالي الناتج السنوي للاقتصاد.ويبلغ عدد الاميركيين 300 مليون نسمة.
ورغم تنامي عبء الدين ضخ المستثمرون من مختلف أنحاء العالم أموالا في الاوراق المالية المدعومة برهون عقارية ومتحصلات بطاقات الائتمان طوال معظم سنوات العقد الحالي الأمر الذي كان عاملا في بقاء تكاليف الاقتراض منخفضة.وبفضل الائتمان السهل ظل المستهلكون الاميركيون يزيدون انفاقهم طوال فترة الازدهار العقاري بل وتجاوزوا بكل سهولة نمو الأجور.وفتحت متاجر التجزئة مئات من المتاجر الجديدة لشغل مراكز التسوق الجديدة التي بنيت خصيصا للاستفادة من الطفرة الاقتصادية. وزادت الواردات الأمر الذي أدى الى ارتفاع احتياطيات الدول المصدرة مثل الصين. وانكمشت مدخرات الأسر الاميركية لتقترب من الصفر.وبدأ كل ذلك يتغير مع تنامي مخاوف العالم من تقديم المزيد من الائتمان للاميركيين الذين تجاوزوا إمكانياتهم. ومع تزايد حالات التخلف عن السداد تواجه البنوك الان صعوبة في ايجاد مشترين جدد لاي استثمارات ترتبط باقتراض الاسر الاميركية. ومن المرجح ألا يتحقق الهدف من قرار وزارة الخزانة الاميركية الاربعاء الماضي باستخدام بعض من صفقة الانقاذ التي بلغ حجمها 700 مليار دولار لدعم اقراض المستهلكين وذلك إلى أن يثق المستثمرون أن الاميركيين يمثلون مخاطرة ائتمانية معقولة.وهذا يعني تقليص الدين البالغ 14 تريليون دولار. لكن ليس هناك اتفاق في الاراء على الحجم الذي يجب أن تقترضه الاسر الاميركية.والشيء الواضح هو أن نسبة ما يدخره الاميركيون من دخلهم تقلصت باطراد خلال الثلاثين عاما الأخيرة من حوالي عشرة في المئة إلى نحو الصفر وأن هذا الاتجاه يتغير.ويعتقد الأميركيون أن معدل الادخار سيرتفع إلى حوالي خمسة في المئة في السنتين القادمتين. وبناء على الدخل الحالي للاسر فإن هذا سيمثل تقليص انفاق المستهلكين بنحو 500 مليار دولار أو ما يعادل في المتوسط مبيعات التجزئة لنحو ستة أسابيع.وأشد ما يبعث على القلق بشأن الاقتصاد أن هذا التحول يحدث بسرعة كبيرة. فقد خفضت الأسر انفاقها كما أن البنوك التي تخشى أن يقبل أصحاب الادخارات على سحب ودائعهم تضيق الخناق أكثر فأكثر على الائتمان.وسواء كان الامر يتعلق بتراجع الطلب على السيارات اليابانية أو الاثاث الصيني أو الملبوسات من أميركا الوسطى فإن تباطؤ إنفاق الأميركيين يلقي بظلاله على الاقتصاد العالمي.وقد تعهدت الصين بتطبيق خطة لتحفيز الاقتصاد قيمتها 586 مليار دولار لدعم النمو مع تراجع الصادرات. كذلك فإن أوروبا انزلقت إلى ركود اقتصادي كما أن القوى الاقتصادية الصاعدة التي كانت بمنأى عن الأزمة المصرفية بدأت تعاني من تباطؤ النمو.وربما يكون العام المقبل أسوأ حالا. إذ تتوقع مؤسسة «فيتش ريتنجز» للتصنيفات الائتمانية خسائر أكبر في بطاقات الائتمان عام 2009 ربما تصل إلى مستويات قياسية. وتحاول المؤسسات المصدرة لبطاقات الائتمان تقليص الخسائر كلما أمكن.ويقول جوزيف بيوليو محلل قطاع التجزئة لدى شركة «مورننغ ستار» في مدينة شيكاغو «ترون الكثير من الضربات الوقائية من جانب البنوك».ويضيف «ترون البنوك تخفض سقوف البطاقات الائتمانية وتسهيلات الائتمان للمساكن بصفة عامة. وترون شركات بطاقات الائتمان تغلق الحسابات غير المستخدمة لأنها لا تريد لأحد أن يستخدم الحد الاقصى لبطاقة لم يستخدمها خلال عامين».ونمت ديون بطاقات الائتمان بمعدل سنوي متواضع بلغ 2,1 في المئة خلال ايلول (سبتمبر) ليصل إلى 4,179 مليار دولار بانخفاض شديد من نسبة7.4 في المئة التي سجلت خلال عام 2007 وذلك وفقا لبيانات مجلس الاحتياطي الفيدرالي. وأظهر مسح للمجلس أن البنوك شددت معايير الاقراض في الأشهر الثلاثة الأخيرة.وقال كيرتس أرنولد أحد المدافعين عن حقوق المستهلك ومؤسس شركة «كارد ريتنغز دوت كوم» «جرت العادة أنه إذا كنت حيا ترزق وتقدمت بطلب للحصول على بطاقة ائتمان فستحصل على خط ائتمان بقيمة عشرة الاف دولار. تلك الأيام ولت منذ زمن».إنها دائرة من الصعب الخروج منها. فمع نضوب الائتمان يتباطأ انفاق المستهلكين الذي يرغم الشركات على التخلي عن أعداد أكبر من العاملين وتتخلف أعداد أكبر من الناس عن سداد التزاماتها.ويتوقف مدى تدهور الوضع على حجم الخسائر في الوظائف مع انزلاق الاقتصاد الاميركي إلى ركود ربما يكون الأعمق منذ منتصف السبعينات. وإذا ارتفع معدل البطالة نقطتين مئويتين أخريين إلى 5,8 في المئة مثلما يتوقع عدد كبير من الخبراء الاقتصاديين فهذا سيعني أن ثلاثة ملايين اخرين سيصبحون عاطلين عن العمل وسيواجهون على الأرجح صعوبات في سداد فواتير بطاقات الائتمان والرهون العقارية.وقد عانت شركات تجارة التجزئة الكثير بالفعل.وقدمت عدة سلاسل كبرى للمتاجر طلبات لاشهار افلاسها من بينها شركة سركيوت سيتي ستورز ثاني أكبر شركة لمتاجر الالكترونيات. كما أن مشروعات بناء المراكز التجارية بسبيلها للانخفاض بنسبة 37 في المئة هذا العام.بل إن الشركات التي يبدو أنها ستنجو من الأزمة لم تسلم تماما من تداعياتها.فقد قال براد اندرسون الرئيس التنفيذي لشركة «بست باي» أكبر منافسي «سركيوت سيتي ستورز» إن شركته لم تتمكن ببساطة من الاستجابة بالسرعة الكافية للتحولات السريعة في سلوك المستهلكين خلال الشهرين الأخيرين.

Leave a Reply