واشنطن - قال الرئيس الأميركي باراك أوباما فـي مقابلة مع جيفري غولدبرغ، الصحافـي اليهودي المؤيد لإسرائيل فـي مجلة «أتلانتيك»، ان تصريحات رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتنياهو حول أنه لن يُسمح بدولة فلسطينية فـي عهده ودعواته المعادية للعرب يوم الانتخابات الإسرائيلية الماضية ستكون لها عواقب فـي السياسة الخارجية.
فقد أوضح الرئيس الأميركي خلال المقابلة مع المجلة الأميركية يوم الثلاثاء الماضي، أن وصف نتنياهو للناخبين العرب بأنهم «قوة غازية قد تقترع يتعارض مع اللغة التي دونت إعلان استقلال إسرائيل، والتي تنص صراحة على أن جميع الناس بغض النظر عن العرق أو الدين هم شركاء كاملون فـي الديمقراطية ».
«عندما يحدث شيء من هذا القبيل ستكون له عواقب فـي السياسة الخارجية، وعلى وجه التحديد لأننا قريبون جداً من إسرائيل، وبالنسبة لنا مجرد الوقوف (متفرجين) هناك من دون ان نتفوه بشيء قد يعني أن هذا المكتب، المكتب البيضاوي، فقد مصداقيته عندما يتعلق الأمر بالتنويه بهذه القضايا» أضاف أوباما، مشيراً إلى على الرغم من المواجهات مع نتنياهو على مدى عدد من السنوات الماضية، فإن معظم الجالية اليهودية الأميركية صوتت له فـي الانتخابات الرئاسية لعام ٢٠١٢.
وأردف «ما أعتقده أيضاً هو أنه كان هناك جهد مكثف للغاية من جانب بعض القوى السياسية لمساواة الموالي لإسرائيل، وبالتالي الداعم للشعب اليهودي، بالختم المطاطي على كل السياسات التي تصدر عن الحكومة الاسرائيلية. لذلك إذا كنت تشكك فـي سياسة الاستيطان فهذا يعني بعرفهم أنك معادٍ لإسرائيل أو لليهود. وإذا كنت تعبر عن التعاطف أو الشفقة تجاه الشباب الفلسطيني، الذين يتعاملون مع نقاط التفتيش أو يعانون من فرض قيود على قدرتهم على السفر، فأنت تصبح مشتبهاً به من حيث دعمك لإسرائيل. اما إذا كنت على استعداد للوقوع فـي خلافات علنية مع الحكومة الإسرائيلية، تصبح الفكرة السائدة والرائجة تهمة معاداة إسرائيل، واستطراداً، معاداة اليهود وانا أرفض هذا المنطق تماماً».
وأعرب أوباما عن قلقه العميق من «التوجه الذي تتجه فـيه إسرائيل، خصوصاً فـي كل ما يتعلق بقيمها الديمقراطية». وأشار إلى أنه قلق على وجه التحديد لأنه «مهتم كثيراً بإسرائيل وبالشعب اليهودي، لذلك أجد نفسي مضطراً إلى التحدث بصراحة وصدق حول ما أعتقد أنه سيوصلها على الأرجح إلى بر الأمن والسلامة على المدى الطويل، وسيجعلنا فـي وضع أفضل لمواصلة إيقاف معاداة السامية، وأنا لا اقدم اعتذاراً عن ذلك لأنني بالتأكيد واثق جداً ومتأكد جداً حول مدى عمق اهتمامي وارتباطي بإسرائيل والشعب اليهودي ».
وأكد أوباما أن ما يراه واجباً أخلاقياً هو «الدفاع عن إسرائيل والوقوف معها من أجل حقها فـي الوجود، وخصوصا بسبب الدروس المستفادة من القرن العشرين» واردف «قلت فـي مقابلة سابقة وقصدته وهو: أعتقد أنه سيحل الفشل الأخلاقي بالنسبة لي كرئيس للولايات المتحدة، والفشل الأخلاقي لأميركا، والفشل الأخلاقي للعالم، إذا لم نحمِ إسرائيل وندافع عن حقها فـي الوجود، لأن ذلك من شأنه أن ينفـي ليس فقط تاريخ القرن العشرين بل ينفـي التاريخ من الألفـية الماضية. مما يخالف ما تعلمناه، وما تعلمته الإنسانية، خلال تلك الألفـية الماضية، وهو أن عند إظهار التعصب وعند اضطهاد الأقليات وتنفـيرها عن طريق جعل أعضائها من الآخرين الغرباء، فأنت تدمر شيئاً فـي نفسك، ويصبح العالم فـي حالة من الفوضى».
وتابع «وهكذا، بالنسبة لي، كوني موالياً لإسرائيل ومؤيداً لليهود فإن ذلك يشكل جزءاً لا يتجزأ من القيم التي كنت أناضل من أجلها منذ تفتحت عيناي سياسياً وبدأت العمل فـي السياسة. وهناك خط مباشر بين دعم حق الشعب اليهودي فـي وطن وأن يشعر بأمان من دون تمييز واضطهاد، وحق الأميركيين الأفارقة فـي التصويت والحصول على حماية متساوية بموجب القانون. وهذه الأمور غير قابلة للتجزئة فـي عقلي».
واستدرك أوباما أن من الصحيح أيضاً أن عليه استطراداً واجب «إظهار نفس النوع من الاهتمام بالشعوب الأخرى. وأعتقد أنه من التقاليد الإسرائيلية والقيم والمباديء اليهودية التي وضعها المؤسسون، ان نعتني بهؤلاء الاطفال الفلسطينيين ».
وأشار إلى أنه عندما تحدث فـي القدس (المحتلَّة) نال التصفـيق الأكبر من الحضور «عندما تطرقت إلى هؤلاء الأطفال (الفلسطينيين) الذين زرتهم فـي رام الله، وقلت للجمهور الإسرائيلي إنه من دواعي التقليد اليهودي العميق، والثابت عميقاً مع التقاليد الإسرائيلية ان نهتم بهم، ووافق الحضور على ذلك».
وواصل الكلام «لذلك إذا لم تُترجم هذه القيم إلى سياسات إذن نحن لسنا على استعداد لتحمل المخاطر نيابة عن تلك القيم عندها تصبح تلك المبادئ كلمات جوفاء، فـي واقع الأمر، وفـي رأيي، فإنها تجعل الأمر أكثر صعوبة بالنسبة لنا لمواصلة تعزيز تلك القيم عندما يتعلق الأمر بحماية إسرائيل دولياً».
وأضاف الرئيس الأميركي أنه عندما يدافع عن إسرائيل على الساحة الدولية، وخاصة ضد السياسات المعادية لإسرائيل ومعاداة السامية والتي تقوم على العداء بدلا من تلك المتعلقة «بتفاصيل القضية الفلسطينية» فإنه يحتاج الى المصداقية. وأكد «لذلك، مطلوب منا أن نكون صادقين مع الأصدقاء حول كيفـية عرض هذه القضايا، وانا أتفهم انه لأسباب مفهومة، هذا يضع المسؤولين فـي كل من إسرائيل وهنا فـي الولايات المتحدة فـي وضعية غير مريحة».
وانتقد أوباما حملة الملياردير اليهودي شيلدون أتشيسون الذي ادعى ان سياسات أوباما ستقضي على إسرائيل فقال ان بعض الحجج الأخبث من حجة أتشيسون هي أنه «لا ينبغي أن تكون هناك خلافات علنية فـي الرأي بين اسرائيل والولايات المتحدة».
ولاحظ أوباما أنه تعرض للنقد بسبب انتقاده بإسرائيل، «على الرغم من ان حججاً أكثر إثارة للجدل يتم تداولها فـي مقاهي تل أبيب أو القدس». وشدد، على أن أهم شيء يمكن للولايات المتحدة القيام به لتعزيز موقف اسرائيل «هو ان نقول لرئيس الوزراء أن تحقيق السلام يتطلب بعض المخاطر».
«والسؤال الذي عليك أن تطرحه على نفسك بعد ذلك هو: كيف تزن تلك المخاطر بين (لاقامة السلام) ازاء مخاطر عدم القيام بأي شيء ومجرد تكريس الوضع القائم؟» تساءل أوباما وأسهب «حجتي هي أن مخاطر عدم القيام بأي شيء أخطر بكثير. وفـي نهاية المطاف، من المهم للشعب الإسرائيلي والحكومة الإسرائيلية اتخاذ القرارات الخاصة حول ما تحتاجه إلى تأمين سلامة وأمان شعب هذا البلد».
وأشار إلى أن هذه القيم «بلورته كسياسي» وانه قال لمجموعة من القادة اليهود ان «توقعاته عالية جداً بالنسبة لإسرائيل، والتي لا يعتبرها غير واقعية ولا غبية. وشرح بالقول» أريد إسرائيل، بنفس الطريقة التي أريد فـيها الولايات المتحدة، مجسدةً لتعاليم اليهودية والمسيحية وثم فـي نهاية المطاف، مجسدة للقيم الإنسانية أو العالمية التي أدت إلى التقدم أكثر من ألف عام.. ونفس القيم التي أدت إلى نهاية جيم كرو والعبودية. ونفس القيم التي أدت إلى إطلاق سراح نيلسون مانديلا واحلال ديمقراطية متعددة الأعراق فـي جنوب أفريقيا …. ونفس القيم التي تقودنا إلى التحدث علناً ضد معاداة السامية. اريد ان تجسد إسرائيل هذه القيم لأن إسرائيل منحازة معنا فـي هذا الكفاح من أجل ما أعتقد أنه صحيح، وهذا لا يعني أن ليس هناك خيارات صعبة ولا تسوياتٍ. وهذا لا يعني أننا لا نسأل أنفسنا أسئلة صعبة جداً حول، على المدى القصير، هل يجب علينا أن نحمي أنفسنا. ولاحظ أوباما أنه على الرغم من انتقاده لنتنياهو وسياسة حكومته، فقد عمل باستمرار منذ دخوله البيت الأبيض على زيادة المساعدة العسكرية والأمنية والمخابراتية لإسرائيل. وقال انه حتى أكبر منتقديه فـي إسرائيل يعترفون بذلك. وأشار إلى أنه خلال الضغط الأميركي الأخير للتوصل إلى اتفاق سلام بين الإسرائيليين والفلسطينيين، أرسل كبار المسؤولين فـي الجيش الأميركي لإسرائيل لتحديد احتياجاتها الأمنية لاقامة حل الدولتين.
«هذه ليست قضية ساذجة أو غير واقعية، ولكن فـي النهاية نعم، أعتقد أن هناك بعض القيم تمثلها الولايات المتحدة، فـي أفضل حالاتها، وأعتقد أن هناك قيماً معينة تمثلها افضل مثال إسرائيل والتقاليد اليهودية، وأنا على استعداد للقتال من أجل تلك القيم».
ودافع أوباما عن الاتفاق النووي الغربي مع إيران وقال ان اسمه على الإتفاق وان الساسة الايرانية رغم معاداة الولي الفقيه فـيها لإسرائيل والسامية لكن هذا لا يعني استثناءها من السياسة العقلانية وحب البقاء. كذلك أكد عدم موافقته على حيازة السعودية سلاحاً نووياً لمجاراة ايران قائلاً ان أكبر ضمانة للسعودية ومجلس التعاون الخليجي من اي سلاح نووي ردعي هو التزام الولايات المتحدة بأمنها.
Leave a Reply