الرئيس الحالي يتعهد بمرحلة انتقالية هادئة
واشنطن – الحديث عن «التغيير» في أروقة واشنطن ووسائل الإعلام الأميركية أخذ حيزا كبيراً من اهتمام الشعب الأميركي خلال الأسبوع الماضي ففي الوقت الذي خطا الرئيس الأميركي المنتخب باراك أوباما اولى خطواته في المكتب البيضاوي بالبيت الابيض حيث استقبله الرئيس جورج بوش، الذي تعهد بانتقال هادئ للسلطة، لاجراء مباحثات معمقة في هذا المكتب الذي سيدير منه الولايات المتحدة في مرحلة بالغة الحساسية، كانت التقارير حول الإدارة الجديدة والفريق الانتقالي تتدفق بين ساعة وأخرى عبر وسائل الإعلام الأميركية
فـي البيت الأبيض
قبل 71 يوما من انتقاله الى البيت الابيض، تباحث اوباما لحوالي ساعة مع بوش في فترة انتقالية وصفت بانها الاكثر حساسية في البلاد منذ عهد روزفلت في 1939 لا بل لينكولن في 1861. وكان بوش وزوجته في استقبال الرئيس المنتخب وقرينته ميشال، اللذين لم يصحبا ابنتيهما، امام المدخل الرئيسي للبيت الابيض لدى نزولهما من سيارة ليموزين. وامام عدد من العاملين في البيت الابيض تصافح بوش واوباما في حين تبادلت لورا وميشال القبلات. وبطريقة ودية وضع اوباما، الذي سبق ان زار البيت الابيض اكثر من مرة دون دخول المكتب البيضاوي، يده على ذراع بوش ثم على ظهره في زيارة اثارت حماسا لم يشهد له البيت الابيض مثيلا منذ اشهر. وبعد دقائق من السير بمحاذاة حدائق البيت الابيض، دخل بوش واوباما المكتب البيضاوي لاجراء اول مباحثات معمقة منذ فوز اوباما الساحق في الانتخابات الرئاسية قبل ستة ايام، دون الادلاء باي تعليق. ورافقت لورا بوش من جانبها ميشال اوباما في زيارة لمقر اقامة الاخيرة الجديد اعتبارا من 20 كانون الثاني (يناير). واوباما الذي، وجد الاثنين الوقت لايصال ابنتيه الى المدرسة في شيكاغو للمرة الاولى منذ انتخابه، اصطحب معه بعض مساعديه. وعندما يصبح في 20 كانون الثاني اول رئيس اميركي اسود، سيتولى اوباما رئاسة بلد يشهد ركودا اقتصاديا ويخوض حربين غير واضحتي النتائج. وتشهد الولايات المتحدة اسوأ ازمة مالية في تاريخها منذ 1929 وتستعد لفترة من الانكماش ولزيادة نسبة البطالة.
ولا يزال حوالى 150 الف جندي اميركي منتشرين في العراق منذ اكثر من خمس سنوات والانتصار غير مؤكد في الحرب في افغانستان. كما حذر بوش اوباما من مخاطر استغلال الارهابيين الفترة الانتقالية لتوجيه ضربات جديدة الى الولايات المتحدة. واكد بوش انه يبذل قصارى الجهود لتسهيل مهمة خلفه. وقبل اللقاء، وامام جسامة الوضع، قال اوباما انه يتوجه للقاء سلفه بروح تعلو على الانتماءات السياسية.
الفريق الانتقالي
قرر الرئيس الأميركي المنتخب باراك أوباما تشكيل فرق للاطلاع وتقييم عمل أكثر من 100 وكالة وهيئة وإدارة فيدرالية، في حين ذكرت مصادر أمنية أن وزير الخارجية الأميركي الأسبق وارن كريستوفر تولى مهمة تحديد معالم الشؤون الخارجية في الفريق الانتقالي، بينما وقع الاختيار على السيناتور الديمقراطي السابق سام نون للإشراف على ملف الشؤون الدفاعية.
وأكدت الناطقة باسم الفريق الذي يشرف على المرحلة الانتقالية أن أوباما قرر تشكيل فرق للاطلاع على سير ومعرفة نظم الوكالات والهيئات الفيدرالية، وتقديم تقارير عنها لمساعدته في صياغة وتشكيل سياسة إدارته في مختلف المجالات عندما يتولى مقاليد الرئاسة في العشرين من يناير المقبل.
وذكرت الناطقة أن السيناتور نون الذي كان يتولى رئاسة لجنة القوات المسلحة في مجلس الشيوخ الأميركي، ووزير الخارجية الأميركي الأسبق وارن كريستوفر أبرز من سيشرفون على الفرق التي وصفتها بأنها ل«الاستكشاف والاطلاع».
يذكر أن الفريق الذي يتولى العمل خلال هذه الفترة الانتقالية يتألف من نحو 500 شخص، بدأ قسم كبير منهم العمل في مبنى محصن في العاصمة واشنطن، بعد يومين من فوز أوباما بالرئاسة.
إلى ذلك ذكرت مصادر مطلعة على عملية الإعداد للفترة الانتقالية وتشكيل فريق الإدارة أن الرئيس المنتخب يريد الاستعانة والاستفادة من كل مصدر يمكن أن يقدم المشورة والنصيحة التي تجعل العملية الانتقالية «أكثر شفافية» وأكثر إنتاجاً، وليكون فريق الإدارة مستعداً منذ اليوم الأول لمواجهة التحديات الكثيرة التي تنتظر الرئيس وإدارته.
وقالت إن الرئيس المنتخب يريد تجنب ما حدث خلال الفترة الانتقالية بعد فوز الرئيس الأسبق بيل كلينتون، حيث ظلت إدارته لمدة ستة أشهر بعد توليه مقاليد الرئاسة، لم تحدد الأولويات ولم تضع الأسس الصحيحة للانطلاق.
في هذه الأثناء، يتوقع مدير الاستخبارات القومية مايك ماكونيل ومدير وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية (سي آي إيه) مايكل هايدن أن يستبدلهما الرئيس أوباما بعد فترة وجيزة من تسلمه منصبه، لأنهما أعلنا تأييدهما لسياسات إدارة جورج بوش بشأن التحقيق والتنصت الهاتفي.
ونقلت صحيفة «واشنطن بوست» عن مسؤولين استخباراتيين رفيعي المستوى أن عدداً كبيراً من الديمقراطيين المؤثرين يعارضون إبقاء ماكونيل وهايدن في منصبيهما، نظراً لكونهما يمثلان جزءاً من سياسة الإدارة السابقة. وقال أحد هؤلاء الديمقراطيين في لجنة الاستخبارات في الكونغرس الأميركي إن هناك «توافقاً» بين الديمقراطيين حيال هذه المسألة.
غوانتنامو
كما بدأ الفريق الإنتقالي لأوباما، النظر في سيناريو لتحديد مصير المشتبهين بالإرهاب المعتقلين في غوانتانامو، السجن العسكري بخليج كوبا المثير للجدل، الذي تعهد سيناتور ألينوي إبان حملته الإنتخابية، بإغلاقه، وفق ما نقل مصدر ديمقراطي مطلع.
وقال كبير مستشاري أوباما، دنيس ماكدونوه إنه لم يتم التوصل إلى قرار بعد حول مصير قرابة 250 معتقلاً، وأردف: «لن تبدأ إجراءات لاتخاذ قرار في هذا الصدد وحتى تشكيل طواقم قانونية وأخرى للأمن القومي».
إلا أن مصادر مقربة من الرئيس الديمقراطي المنتخب قالت إن الإدارة الجديدة تنظر في محاكمة بعض المعتقلين أمام المحاكم الفيدرالية القائمة؛ إقامة محاكمة أمن قومي خاصة للنظر في القضايا المتعلقة بمعلومات استخباراتية حساسة؛ وإطلاق سراح الآخرين.
وسيحجم السيناريو الجديد اللجان العسكرية التي إقامتها إدارة الرئيس الحالي جورج بوش لمحاكمة بعض من كبار قيادات القاعدة المعتقلة في غوانتانامو حالياً، منهم خالد شيخ محمد، العقل المدبر لهجمات 11/9 عام 2001 على واشنطن ونيويورك.
وأسفرت التحديات القانونية الضخمة عن إعاقة تقدم تلك اللجان العسكرية لسنوات، والتي قضت المحكمة الأميركية العليا بعدم دستوريتها عام 2006.
وحثت «نقابة الحريات المدنية الأميركية»، في إعلان أوردته صحيفة «نيويورك تايمز» في صفحة كاملة في عددها الصادر الاثنين الماضي، أوباما على إغلاق المعتقل العسكري فور توليه الرئاسة رسمياً «بجرة قلم»، كما جاء في الإعلان.
إلغاء قرارات رئاسية بوشية
كما أعلن مسؤولون أميركيون ان أوباما قد يلغي حوالي 200 قرار وأمر تنفيذي أصدرتها إدارة الرئيس جورج بوش. ونقلت صحيفة «واشنطن بوست» الأميركية عن مسؤولين في الكونغرس وفي حملة أوباما ان مستشاري الرئيس المنتخب في المرحلة الانتقالية حددوا القرارات والأوامر التنفيذية التي أصدرتها إدارة بوش والتي يمكن لأوباما إلغاؤها فوراً. وقال المسؤولون ان عشرات المستشارين يعملون منذ أشهر على تحديد ما هي التغييرات التنظيمية والسياسية التي يمكن إجراؤها بعد وقت قصير من تسلم أوباما منصبه. ونقلت عن مسؤول رفيع المستوى في فريق أوباما الانتقالي رفض الكشف عن اسمه، ان هؤلاء يتشاورون مع شخصيات من المتوقع أن تعين في الإدارة المقبلة وموظفين في الكونغرس وممثلي مجموعات حقوقية لمعرفة ما هي التغييرات التي يجب أن توضع في أولوية الإدارة الجديدة.
وقال المسؤول السابق في إدارة الرئيس الأسبق بيل كلينتون دان مندلسون للصحيفة ان هؤلاء المستشارين يبحثون عن التغييرات التي يمكن إدخالها «لأسباب سياسية» على تنظيمات طبقتها إدارة بوش. وقالت الناطقة باسم فريق أوباما الانتقالي ستيفاني كاتر انه لن يتم وضع اللمسات الأخيرة على خطط التغييرات التنظيمية قبل أن يناقشها أوباما مع المعينين في الحكومة الذين لم يتم اختيار أحد منهم حتى الآن ومع أعضاء في الكونغرس ومع اختصاصيين في هذا المجال. وأوضحت الصحيفة انه إذا ما تمت هذه التغييرات فإن أوباما يكون بذلك قد اوفى بوعود قطعها خلال حملته الرئاسية ويتبنى سياسات من عهد كلينتون تجاهلها بوش خلال ولايته التي دامت ثماني سنوات.
ومن بين الأمثلة التي أوردتها الصحيفة هي كلام أوباما في إحدى المناسبات خلال حملته الرئاسية بأنه ينوي رفع القيود التي فرضها بوش على التمويل الفدرالي لأبحاث الخلايا الجذعية والتي يعتبرها العلماء أساسية لإيجاد علاجات للعديد من الأمراض وأهمها مرض باركنسون. وكشفت الصحيفة ان مساعدي أوباما أعدوا نص مرسوم لرفع هذه القيود ينقصه فقط توقيع الرئيس المنتخب بعد تسلم منصبه. ومن المتوقع أن يلغي الرئيس الجديد قرارات أخرى تتعلق بالإجهاض وانبعاثات الغاز.
Leave a Reply