المناظرة الثانية: المرشح الديمقراطي يتقدم بشكل ملحوظ
ناشفيل – خاض المرشحان المتنافسان في الانتخابات الرئاسية الأميركية السناتور الديمقراطي باراك أوباما والسناتور الجمهوري جون ماكين جدلاً حاداً حول الأزمة المالية والعراق وباكستان، ولم يتفقا إلا على تشديد العقوبات ضد إيران ودعم إسرائيل في مواجهة أي ضربة إيرانية، في مناظرتهما الثانية التي استمرت 90 دقيقة ليل الثلاثاء الماضي في جامعة «بيلمونت» في ناشفيل بولاية تينيسي والتي أشارت نتائج استطلاعات الرأي المباشرة حولها إلى عدم إحراز أي من الطرفين فارقاً كبيراً تميل دفة الناخب الأميركي بشكل حاسم لصالحه.
وإذ دعا ماكين الى حل الأزمة المالية الكبرى التي تهدد أميركا، مقترحاً خطة لإعادة شراء القروض العقارية التي تعجز العائلات عن تسديدها للحؤول دون وضع اليد على منازلها المرهونة. وصف اوباما الأزمة بأنها النتيجة النهائية لفشل السياسة الاقتصادية لإدارة الجمهوريين خلال السنوات الثماني الأخيرة، وقال إن الطبقة الوسطى تحتاج الى خطة إنقاذ تعني خفضاً للضرائب والمساعدة كي يتمكن أصحاب المنازل من الاحتفاظ بمنازلهم.
واعتبر ماكين تغير اقتراحات اوباما في مسألة الضرائب كمن يحاول تثبيت سائل على جدار، بينما رد اوباما باتهام ماكين بأنه يريد خفض الضرائب المفروضة على الشركات الكبرى وعلى رؤساء مجلس إدارة وول ستريت بقيمة 300 مليار دولار وهو ما لا يمكن القبول به.
واشار ماكين الى خلاف عميق مع إدارة الرئيس جورج بوش حول مسألة الطاقة وتأثيرات انبعاثات غازات الدفيئة، مؤيدا زيادة الطاقة النووية. بينما قال اوباما: «لدينا 3 بالمئة من الاحتياطي النفطي العالمي ونستخدم 52 بالمئة من النفط العالمي ولا يمكننا الخروج من هذه المشكلة عبر حفر المزيد من آبار النفط».
ووعد المرشح الجمهوري بالعمل بطريقة مسؤولة بشأن الأمن القومي، وقال إن خبرة منافسه القصيرة لا تجعله مدركاً للتحديات في هذا المجال حيث لا وقت للتعلم بالتجربة. بينما رد السناتور الديمقراطي ساخراً من منافسه بقوله: «هذا صحيح، هناك امور لا افهمها، لا أفهم مثلاً كيف انتهينا باجتياح العراق، وهو بلد لا علاقة له باعتداءات 11 سبتمبر، بينما أسامة بن لادن والقاعدة كانا ينشئان معسكرات اساسية وملاجىء لتدريب ارهابيين على مهاجمتنا.. سنقتل بن لادن.. سندمر القاعدة.. يجب ان تكون هذه اولويتنا الاولى في الأمن القومي».
وقال اوباما: «اذا كانت الحكومة الباكستانية ليست قادرة أو لا تريد القضاء على القاعدة فاعتقد أنه علينا التحرك لتحقيق ذلك». بينما قال ماكين «إن الاستراتيجية التي يدعو اليها المرشح الديموقراطي لن تؤدي الى كسب حلفاء في باكستان وان مهاجمتها عبر الحدود سيجعل الرأي العام يقف ضد بلاده»، وأضاف «علينا أن ندفعهم الى العمل معنا والوقوف ضد طالبان وغيرهم وهذا التعاون لا يمكن ان يتم الا بتنسيق جهودنا معا لا بتهديدهم بهجوم».
ورغم الجدل والخلافات اتفق المتنافسان على تشديد العقوبات على ايران لمنعها من امتلاك أسلحة نووية. وقال اوباما «لا يمكننا ان نسمح لإيران بأن تحصل على سلاح نووي، لأن ذلك سيجعلها تغير قواعد اللعبة في المنطقة وذلك لن يهدد فقط اسرائيل بل سيوجد ايضاً احتمال سقوط اسلحة نووية في أيدي الإرهابيين»، مشيراً الى أنه إذا فاز في الرئاسة فإن إدارته «ستسعى الى تشديد العقوبات على ايران وتقييد واردات البنزين اليها والمنتجات البترولية المكررة لإجبارهم على تغيير تحليلهم لفوائد التكلفة ووضعهم تحت الضغوط»، ولافتاً الى أنه رغم استعداده لإجراء محادثات مباشرة مع ايران فإن الخيارات العسكرية ليست خارج الطاولة.
اما ماكين فاشار الى شبح سباق التسلح النووي في الشرق الأوسط الذي قد يهدد استقرار المنطقة وأمن اسرائيل. وقال «إذا حصلت ايران على اسلحة نووية فان كل الدول الاخرى ستحصل عليها ايضاً وستتصاعد التوترات بشدة.. لا يمكننا مطلقاً أن نسمح بأن تحدث محرقة ثانية».
وأضاف انه يؤيد ايضاً العمل مع حلفاء الولايات المتحدة لتشديد العقوبات وارغام الإيرانيين على تعديل سلوكهم.
وتعهد المرشحان بتقديم دعم فوري لإسرائيل إذا ما تعرضت لهجوم من جانب إيران حتى لو كان هناك اي استخدام لـ«الفيتو» في مجلس الأمن، لكن ماكين اتهم أوباما بأنه صديق للرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد لأنه يرغب في الحوار معه. بينما رد اوباما بأن الخيارات العسكرية ستتم دراستها إذا تعرضت إسرائيل لهجوم.
وهاجم اوباما وماكين روسيا حيث قال السناتور الديمقراطي: «إن موسكو تتصرف تصرفات آثمة، وأعتقد إن من المهم إن نفهم أنهم ليسوا الاتحاد السوفياتي القديم، لكن مازالت لديهم دوافع قومية أعتقد أنها خطيرة للغاية». بينما قال السناتور الجمهوري «ان روسيا ربما تكون امبراطورية للشر وأعتقد أنه يمكننا التعامل معهم لكن عليهم ان يفهموا انهم يواجهون ولايات متحدة صارمة جداً وصلبة الرأي ستدافع عن مصالحها والدول الاخرى في العالم».
ودعا اوباما الى فرض منطقة للحظر الجوي فوق اقليم دارفور غرب السودان الذي يشهد حربا اهلية. وقال «ان القوة المشتركة للامم المتحدة والاتحاد الافريقي في دارفور يجب ان تضع حداً للإبادة ويمكننا تقديم دعم لوجستي واقامة منطقة للحظر الجوي بكلفة قليلة وهذا ما انوي ان افعله بصفتي رئيسا».
وذكرت شبكتا «سي ان ان» و«سي بي اس» ان اوباما خرج شبه رابح من المناظرة حيث زادت نسبة مؤيديه بمعدل 4 بالمئة، بينما لم تتغير نسبة ماكين. وقالت «سي ان ان» ان المرشح الديمقراطي تفوق على منافسه الجمهوري في القضايا الخاصة بالسياسات الاقتصادية بشكل خاص في حين ان التقييم بالنسبة للسياسة الخارجية والامنية جاء متساويا تقريبا للمرشحين.
ولم يتمكن ماكين مرة جديدة من اخفاء مشاعره السلبية تجاه اوباما، علماً بأنه تعرض لانتقادات واسعة بعد المناظرة الاولى قبل اسبوعين لأنه لم يكن ينظر مباشرة الى منافسه. بينما اظهرت الاسئلة التي وجهها 80 ناخبا لم يحسموا موقفهم حتى الان بشان المرشح الذي سيصوتون له فى الرابع من نوفمبر والذين كانوا يجلسون حول المرشحين وكذلك الاسئلة الواردة عبر البريد الالكتروني على مدى انشغال الناخبين بوطأة الازمة المالية.
Leave a Reply