واشنطن – وسط اجراءات أمنية مشددة أدى الرئيس باراك أوباما اليمين الدستورية في حفل التنصيب الشعبي الذي أقيم الإثنين الماضي في واشنطن، ودعا الرئيس الأميركي الـ٤٤ في خطابه الذي ألقاه من على شرفة «الكابيتول» إلى التحرك في العديد من الملفات الحساسة مثل إصلاح الهجرة، وحقوق المثليين، والأسلحة النارية، وأيضا التغير المناخي، حاضاً الأميركيين على التوحد لمواجهة هذه التحديات قائلا «لن تنتهي رحلتنا» ما دامت هذه القضايا لم تعالج.
واستشهد أوباما في خطابه المتخم بالأجندة الليبرالية، بنص إعلان الاستقلال وعدد الإصلاحات التي ينوي إجراءها أمام مئات آلاف الأشخاص الذين تجمعوا أمام مبنى «الكابيتول» في واشنطن. وشارك في الاحتفالات قبل أربع سنوات نحو ١.٨ مليون شخص إلا أن العدد تراجع هذا العام دون 600 ألف شخص.
أوباما وزوجته ميشيل محاطان بعناصر الحماية على جادة «ناشونال مول» في واشنطن. (رويترز) |
ودعا أوباما مواطنيه إلى التوحد، وقال على وقع تصفيق الحاضرين «الآن أكثر من أي وقت مضى، علينا أن نقوم بكل ذلك معا، كبلد واحد وكشعب واحد».
وأضاف «سنتحرك حيال خطر التبدل المناخي مع إدراكنا أن عدم القيام بذلك سيشكل خيانة بحق أطفالنا والأجيال المقبلة»، متعهدا أيضا الحفاظ على «تحالفات قوية» في كل أنحاء العالم.
وقال أوباما إن «البلد الأقوى له مصلحة في عالم يعيش بسلام»، واعدا بـ«دعم الديمقراطية من آسيا إلى إفريقيا، ومن الأميركيتين إلى الشرق الأوسط».
وقبل دقائق من إلقاء خطابه، أدى أوباما اليمين الدستورية لولاية ثانية من أربعة أعوام على رأس الولايات المتحدة.
وكرر أمام رئيس المحكمة العليا جون روبرتس «أنا باراك حسين أوباما أقسم بأن أخلص في أداء مهامي رئيسا للولايات المتحدة، وأن أبذل كل ما بوسعي للحفاظ على دستور الولايات المتحدة وحمايته والدفاع عنه».
وجرت مراسم أولى مقتضبة وخاصة لم تستغرق سوى أقل من دقيقة الأحد الماضي في البيت الأبيض، إذ أن ظهر العشرين من كانون الثاني (يناير) هو الموعد الرسمي لبدء الولاية الرئاسية. لكن التقليد ينص على أنه إذا صادف هذا التاريخ يوم أحد، أن تتم الاحتفالات الرسمية في اليوم التالي.
وقد أدى أول رئيس افريقي أميركي اليمين الدستورية بالقسم على انجيلين، الأول خاص بأبراهام لينكولن، الذي وضع حدّاً لنظام العبودية بعد حرب داخلية دامية (1861-1865)، والثاني انجيل خاص بمارتن لوثر كينغ، الذي صنع حركة الحقوق المدنية، وقاد السود الى حيث هم الآن.
وقف أوباما على المنصة في الجهة الغربية من مبنى «الكابيتول هيل» الذي يطل على الميدان القومي (ناشونال مول)، وعلى النصب التذكاري لكل من لينكولن وكينغ وجدد القسم الدستوري «أنا باراك حسين أوباما أقسم بأنني سأقوم بإخلاص بمهام منصب رئيس الولايات المتحدة بأفضل قدراتي، وسأحافظ وأحمي وأدافع عن دستور الولايات المتحدة».
وتحدث أوباما في خطابه عن دور الحكومة الفدرالية في زمن العولمة، وقال في هذا السياق «معا اكتشفنا أن السوق الحرة تزدهر فقط عندما تكون هناك قواعد لضمان المنافسة واللعب النظيف. معا عقدنا العزم أن أمة عظيمة عليها رعاية المستضعفين وحماية شعبها من أسوأ مخاطر الحياة». قبل أن يتطرق الى التحديات التي واجهتها أميركا في السنوات الأخيرة قائلا «عقد من الحرب أشرف على نهايته والانتعاش الاقتصادي بدأ. إمكانيات أميركا لا حدود لها لأننا نملك كل الصفات التي يتطلبها هذا العالم بدون حدود: الشباب والحافز، التنوع والانفتاح، قدرة لا نهاية لها في المغامرة وموهبة إعادة الاختراع».
كما لمّح أوباما الى عناوين المعركة الرئاسية الأخيرة قائلا «نحن، الشعب، ندرك أن بلدنا لا يمكنه أن ينجح حين تُبلي أقلية متقلصة بلاء حسنا، وأكثرية متزايدة بالكاد تعيش. نعتقد أن ازدهار أميركا يتوقف على طبقة متوسطة متنامية». انتهى الرئيس الشاب من موضوع الطبقة المتوسطة، ليتناول قضية الرعاية الصحية قائلا «علينا أن نتخذ الخيارات الصعبة لتقليص تكلفة الرعاية الصحية وحجم عجزنا. لكن نرفض الاعتقاد أن على أميركا الاختيار بين الاهتمام بالجيل الذي بنى هذا البلد، والاستثمار في الجيل الذي سيبني مستقبله». كما سلط الضوء سريعا على مجمل قضايا الليبراليين، حقوق المثليين والمهاجرين وحق الانتخاب والتغير المناخي وقيادة أميركا في ملف الطاقة البديلة وحظر انتشار الاسلحة الفردية.
وفي الشأن الخارجي قال «سندافع عن شعبنا وندعم قيمنا من خلال قوة أسلحتنا وحكم القانون. سنظهر الشجاعة لنحاول ونحل سلميا اختلافاتنا مع بلدان أخرى، ليس لأننا ساذجون حول المخاطر التي نواجهها، بل لأن انخراطنا يمكنه أكثر ان يرفع الشك والخوف دائما».
ثم جدّد ملامح السياسة الأميركية الخارجية «ستبقى أميركا مؤيدة للتحالفات القوية في كل زاوية من العالم، وسنجدد تلك المؤسسات التي تمد قدرتنا على إدارة الأزمة في الخارج، لان لا أحد لديه رهان أكبر في عالم سلمي أكثر من أمة قوية».
ومع أنه أكد تخليه عن مفهوم «العسكرة»، غير أن أوباما جزم «سندعم الديمقراطية، من آسيا الى افريقيا، من الأميركيتين الى الشرق الاوسط، لأن مصالحنا وضميرنا يجبراننا على العمل، نيابة عن أولئك الذين يتوقون من أجل الحرية. وعلينا أن نكون مصدر أمل للفقراء والمرضى والمهمشين وضحايا الأحكام المسبقة ليس كمجرد صدقة، بل لأن السلام في وقتنا يتطلب التقدم المستمر لتلك المبادئ التي تصفها عقيدتنا المشتركة: التسامح، تكافؤ الفرص، الكرامة الإنسانية، والعدالة».
ولم ينسَ أوباما توجيه تحية الى مارتن لوثر كينغ ونضال حركة الحقوق المدنية، مستذكرا مسيرته الشهيرة في ميدان «ناشونال مول» حيث وقف الاميركيون «للاستماع الى واعظ يقول لا يمكننا السير وحدنا، للاستماع الى كينغ يعلن أن حريتنا الفردية مرتبطة ارتباطا لا ينفصم بحرية كل نفس على الأرض».
Leave a Reply