بدأ الرئيس الأميركي باراك أوباما الأسبوع الماضي حملة موسعة لتحقيق تعهداته الإنتخابية بإصلاح قانون الهجرة، وتحركت معه العديد من المؤسسات المدافعة عن حقوق المهاجرين تحضيراً لتظاهرة ضخمة متوقعه في ١٠ نيسان (أبريل) القادم ستشارك فيها وفود من ميشيغن، حسبما أعلن مشرعون وناشطون حقوقيون في مؤتمر صحفي عقد السبت الماضي في ديربورن.
فقد أعلن أوباما، أنه للمرة الأولى منذ سنوات عديدة هناك استعداد لدى الجمهوريين والديمقراطيين معاً لمعالجة مشكلة إصلاح نظام الهجرة في الولايات المتحدة، خاصة وإن الولايات المتحدة «أمة مهاجرين». وقال أوباما في كلمة ألقاها في لاس فيغاس بولاية نيفادا «نحن بحاجة إلى الكونغرس كي يعمل على تطبيق نهج شامل يعالج أخيرا مشاكل 11 مليون من المهاجرين الذين ليست لديهم أوراق ثبوتية ويتواجدون في الولايات المتحدة». وأوضح أن أعضاء من كلي الطرفين بمجلسي الشيوخ والنواب في الكونغرس يعملون بنشاط للتوصل إلى حل، مشيرا إلى أن مجموعة من الحزبين في مجلس الشيوخ أعلنت عن مبادئ لإصلاح قانون الهجرة بشكل شامل، وهي تتفق بشكل كبير مع المبادئ التي اقترحها وقام بحملة من أجلها في السنوات القليلة الماضية، ونوه بأن هناك الآن رغبة حقيقية لتحقيق ذلك قريبا، وقال: «هذا أمر مشجع جدا».
فيما أعلن المشرعون إنهم يأملون في تقديم مسودة لمشروع القانون بحلول آذار (مارس) بهدف طرحه أمام الكونغرس للتصويت عليه بحلول أواخر الربيع أو مطلع الصيف. وطرح الرئيس أوباما ثلاثة عناوين رئيسية لإصلاح قانون الهجرة في الولايات المتحدة، وأولها الحاجة إلى الاستمرار في التركيز على إنفاذ القوانين وتعزيز الأمن على الحدود الأميركية وتضييق الخناق على الشركات التي توظف عمالاً لا يحملون وثائق ثبوتية صحيحة مع تشديد العقوبات في هذا الصدد.
من المؤتمر الذي عقد في »آكسس« |
وأشار أوباما إلى ضرورة تصحيح وضع 11 مليون من المهاجرين المقيمين بشكل غير قانوني، بينهم حوالي ١٠٠ ألف في ميشيغن) مؤكدا أن هؤلاء الرجال والنساء ينبغي أن يجدوا طريقاً سوياً للحصول على الجنسية الأميركية من خلال إصلاح قوانين الهجرة بشكل شامل يضم مراجعة الخلفية الجنائية ودفع الضرائب ودفع غرامات وتعلم اللغة الإنكليزية وذلك في عملية عادلة ولكن ربما غير سريعة تؤدي إلى حصول هؤلاء على الإقامة من خلال البطاقة الخضراء (غرين كارد) أولا ثم الحصول على الجنسية بعد ذلك.
وأوضح اوباما أن المبدأ الثالث هو تطوير قانون الهجرة لتتواكب مع القرن الحادي والعشرين، لأن القوانين الحالية لا تعكس واقع العصر الحالي، وضرب مثالا على ذلك بأنه إذا كان المهاجر مواطنا فإنه يجب أن لا يكون مضطرا للانتظار ثلاث سنوات قبل أن يتمكن من ضم عائلته إليه في أميركا.
وشدد الرئيس أوباما على الحاجة إلى اتخاذ هذه الخطوات الإيجابية الأولية ومواصلة المضي قُدماً للخروج بتشريعات فعلية تحظى بتأييد الحزبين وتتوافق مع مبادئه حتى يمكنه توقيعها في صورة قانون.
يذكر أن التوصل إلى توافق في الآراء بشأن هذه المسألة ظل مستعصيا على واشنطن لسنوات، حيث لم يكن هناك سوى تحرك بسيط بخصوص هذه القضية منذ أن فشل اقتراح قدم في عهد الرئيس الأسبق جورج بوش. وأعادت نتائج الانتخابات الماضية موضوع الهجرة إلى دائرة الضوء بالنسبة للحزب الجمهوري المحافظ الذي يعزو المراقبون تراجع نفوذه الى تزايد أعداد الناخبين من الأقليات، لاسيما كتلة الناخبين اللاتينيين الآخذة في النمو والتي صوت ٧٠ بالمئة منها لصالح أوباما في خريف ٢٠١٢.
مقترحات ومعارضة
وقد كشفت مجموعة من أعضاء مجلس الشيوخ الأميركي، من الحزبين الديمقراطي والجمهوري النقاب عن اتفاق أولي لتعديل قانون الهجرة الحالي.
وعبر السناتور تشارلز شومر في مؤتمر صحفي عقد الإثنين الماضي عن أمله في أن يصوت مجلس الشيوخ بقبول مشروع القانون مع نهاية الربيع أو بداية الصيف، لكن بعض النواب الجمهوريين يعارضون منح الجنسية للمهاجرين غير الشرعيين. وقال السناتور الجمهوري جون ماكين في المؤتمر الصحفي إن الإصلاحات المقترحة ستكون صعبة لكن ممكنة. يذكر أن السيناتور ماكين كان قد دعم منح المهاجرين المخالفين حق الحصول على الجنسية، مخالفا بذلك سياسة حزبه. ومن المرجح أن يتضمن القانون الجديد آلية لمراقبة مغادرة من يدخلون الولايات المتحدة بتأشيرة سياحية أو دراسية. ويرى زعيم الأقلية الجمهورية في مجلس الشيوخ ميتش ماكونيل أن نقاشا واسعا يجب أن يسبق أي مشروع قانون يتعلق بالهجرة.
ومن جانبها، قالت النائبة لامار سميث رئيسة اللجنة الحقوقية في مجلس النواب الأميركي إنه «حين نضفي الشرعية على المهاجرين غير الشرعيين فإن هذا يكلف دافعي الضرائب ملايين الدولارات، ويكلف العاملين آلاف الوظائف ويشجع الهجرة غير الشرعية».
من جانبه قال السكرتير الصحفي للبيت الأبيض جاي كارني «نحن نرحب بهذه المقترحات، ونعتقد أنها إيجابية» وهو ما كرره أوباما في خطاب لاس فيغاس.
تظاهرة الربيع
وفيما تستعد الجماعات الحقوقية في العديد من الولايات الأميركية للمشاركة في تظاهرة مليونية متوقعة بواشنطن في نيسان المقبل، عقد ممثلون عن مؤسسات حقوقية ومشرعون من ولاية ميشيغن مؤتمراً صحفياً السبت الماضي بمبنى «أكسس» في ديربورن، دعوا من خلاله الى المشاركة الفعالة بالتظاهرة تحت عنوان «لكي نجمع شمل العائلة».
وقال منظمو التظاهرة إن نظام الهجرة الحالي يسبب المعاناة لحوالي ٢٥٠ الف شخص في ولاية ميشيغن.
وأمل النائب الديمقراطي في الكونغرس الأميركي غاري بيترز إن «مسيرة العاشر من نيسان ستكشل حدثاً هاماً يساهم في تعزيز الضغط الشعبي على الإدارة والكونغرس لإجراء اصلاحات في نظام الهجرة الحالي.
وقال بيترز «أعتقد ان الكثير من الأميركيين سمعوا الكثير من القصص المؤثرة والمقنعة عن حالات إنسانية يمر بها المهاجرون في هذه البلاد بعد أن حاصرهم نظام الهجرة الحالي» الذي وصفه بيترز بـ«غير المتوازن» وغير الإنساني «فقد خلق مشاكل للعديد من الاسر.. والأميركيون يؤمنون بأن النظام الحالي غير مقبول».
وقد تخلل المؤتمر الصحفي كلمات للنائب الديمقراطي في الكونغرس الأميركي جون كونيورز الذي أشاد بالموقف المتقدم ومدير «أكسس» حسن جابر إضافة الى حقوقيين ونقابيين، رحبوا بالأجواء الإيجابية الصادرة عن اجتماع لجنة الشيوخ، ولاسيما الاطار المقترح «الطريق إلى اكتساب المواطنة» الذي سيساعد المهاجرين غير الشرعيين للحصول على الجنسية الأميركية وفق شروط يتم تحديدها في مشروع القانون الذي يجري إعداده.
وأكدت الناشطة سيندي غارسيا من ديترويت، وهي واحدة من العائلات التي تضررت من قوانين الهجرة الحالية أنها ستحضر هي وعائلتها مسيرة العاشر من نيسان. وقد نجحت سيندي بعد نضال طويل من إيقاف ترحيل زوجها المهاجر بشكل غير شرعي من المكسيك. وستكون واحدة من بين عشرات الناشطين الذين بدأوا التحضير من أجل جمع ٢٥٠ عائلة من ميشيغن للمشاركة في المسيرة، وسوف تتوفر الباصات في كل من ديترويت، غراند رابيدز، آناربر، كلامازو ولانسنغ لنقل الناس الراغبين بالمشاركة إلى العاصمة، حسبما أعلن في في المؤتمر الصحفي.
وسيشرف على تنظيم المتظاهرين من ميشيغن كل من «أكسس» و«التحالف من أجل حقوق المهاجرين والإصلاح»، إضافة الى نقابة العمال الأميركيين الصناعيين-فرع ديترويت ونقابة عمال السيارات (ياو) بالإضافة إلى سياسيين.
وقالت نائبة رئيس نقابة عمال السيارات، سيندي إيسترادا، إن «هذه المسيرة التاريخية لإصلاح قوانين الهجرة تعتبر بمثابة الخطوة التالية في التحرك الوطني من أجل تحقيق العدالة في المجتمع» وأضافت أيضاً «علينا التظاهر والإصرار على تغيير القوانين التي تقف عائقاً بين الآباء والأمهات والأخوة، إن العائلات العاملة هي العمود الفقري للحراك العمالي وعلينا العمل بجهد من أجل حماية وتكامل عائلاتنا».
وقال المنظمون إن أبناء العائلات المتأثرة بسياسات الهجرة الحالية سوف يقودون التظاهرة وسوف يعرضون قصصهم ومعاناتهم.
للإنضمام إلى المتطوعين والمساعدة في تنظيم التظاهرة يمكن والتسجيل عبر البريد الإلكتروني التالي: raquel.garcia.andersen@gmail.com أو الإتصال على الرقم ٣١٣.٤٥١.٢٧٦٨
Leave a Reply