شيكاغو – نأى المترشح الديمقراطي للرئاسة الأميركية باراك أوباما بنفسه عن تصريحات أدلى بها أحد مستشاريه الدينيين والراعي السابق للكنيسة التي ينتمي إليها. وأظهرت لقطات مصورة أذيعت هذا الأسبوع الزعيم الديني البارز في الجالية الأفريقية بالولايات المتحدة جيريمياه رايت الابن يقول إن «الإرهاب» الأميركي مسؤول عن هجمات 11 أيلول (سبتمبر) 2001. كما رأى أن الأميركيين السود يجب أن يرددوا «اللعنة على أميركا» بدلا من ترديد «ليبارك الله أميركا» بسبب المعاملة التي لقيها السود في الولايات المتحدة.
وبعد عدة أيام من التساؤلات عن علاقته برايت (66 عاما)، أقدم أوباما على إقالته الأسبوع الماضي من لجنة المستشارين الدينيين لحملته، وأدلى بتصريحات نأى فيها بنفسه عن هذا القس.
وقال إنه لم يسمع تصريحات رايت المثيرة للجدل فى الكنيسة التي يتردد عليها منذ عشرين عاما، وإنه لم يعلم بهذه التصريحات إلا عندما أطلق حملته الانتخابية.
وقال أوباما (45 عاما) مفسرا هذه التصريحات إن رايت شخص ينتمي إلى الجيل القديم ونشأ فى حقبة الستينيات «لذا فهناك حالة من الغضب الشديد تنتابه».
تاريخ العبودية
وأضاف «لدينا تاريخ من العبودية وإن هذا التاريخ لا يزال ماثلا في ذاكرة الأفارقة الأميركيين، وبسبب نضال السود والبيض والملونين ظهرت فرص جديدة».
وأشار أوباما إلى أن حملته تتجاوز كل هذه الأمور قائلا «سيكون أمامنا مستقبل لا يركز على الهوية الخاصة بالعرق والجنس، ولكن على ما يجمعنا سويا كأميركيين».
ونشرت مواقع إنترنت وشبكات تلفزة بإسهاب في الأيام الأخيرة تصريحات رايت الذي عقد زواج باراك وميشال أوباما وعمّد ابنتيهما.
وكان رايت الذي انسحب من الكنيسة التي يرتادها أوباما في شيكاغو (إيلينوي، شمال) أثار جدلا مؤخرا بإعلان دعمه للحركة الإسلامية للأميركيين السود «أمة الإسلام» التي يقودها لويس فرقان.
يذكر أن هذه الواقعة تمثل رد فعل على الجدل الذي أثير في وقت سابق هذا الأسبوع عندما صرحت واحدة من كبار جامعى التبرعات في حملة هيلاري كلينتون أن أوباما تمتع بميزة العرق لأنه أسود.
واضطرت هيلاري أن تنأى بنفسها عن هذه التعليقات، في حين تخلت جامعة التبرعات جيرالدين فيرارو عن مهمتها.
وعلقت صحيفة نيويورك تايمز الأميركية في افتتاحيتها الأربعاء الماضي على خطاب أوباما الذي حاول فيه أن يرسم حدا فاصلا بين الدين والدولة، وهو الموضوع الذي عادة ما يحمل مخاطر جمة بحسب تعبير الصحيفة.
وشبهت الصحيفة موقف أوباما الأخير الذي فصل بين صلته الدينية مع الكاهن السابق جيريمياه رايت -الذي انتقد الولايات المتحدة ووصمها بالفساد والعنصرية والقتل- وبين ارتباطه السياسي، بموقف أبراهام لينكولن وفرانكلين روزفلت وجون كينيدي.
وقالت الصحيفة إن هذا الفصل يبدو ضروريا بعد سبع سنوات من ولاية رئيس عمل على رسم خط ضبابي بين الكنيسة والدولة.
وأشارت إلى أن خطاب أوبما يجب أن ينهي الجدل حول صلته برايت لأنه ما من سبب يشير إلى أنه سيحمل معه الدين إلى الحكومة.
أوباما تحدث بصراحة حول حقيقة لم يتطرق إليها أحد بشكل علني أبدا، وهي أن الطرفين من البيض والسود يشعران بالحنق وأن مشاعر الإذلال والمرارة لم تختف بعد من ذكريات الماضي التي شهدتها البلاد.
وأثنت الصحيفة على ما قاله من أن تلك المشاعر لم يعلن عنها ولكنها تمارس في السياسة.
وعلى هذه الخلفية أعلن أوباما أنه لن يتبرأ من مستشاره الروحي رايت، وقال «لا أستطيع أن أتبرأ منه كما لا أستطيع أن أتبرأ من مجتمع السود».
وخلصت بالقول «لا ندري كيف سيكون تأثير كلمات أوباما على من لم يرسم خطا فاصلا بين الإيمان والسياسة كما فعل هو، أو على من يرفض صراحته حول العرق».
ولكن الواضح أنه لم يجل الضباب عن جدل معين وحسب، بل طرح النقاش على نطاق أوسع.
وتحت عنوان «لحظة الحقيقة» وصفت صحيفة واشنطن بوست في افتتاحيتها رؤية أوباما لتجاوز تجارب الماضي إن لم يكن نسيانها، بأنها جواب ضروري للتحديات التي جاءت في تعليقات الكاهن رايت، وللدور العرقي المتنامي في الحملة الرئاسية.
واعتبرت خطاب أوباما بأنه لحظة استثنائية للحديث عن الحقيقة، وقالت إنه كان محقا في إدانته لكلمات رايت، وبليغا في وصف التحدي المستمر للعرق والعنصرية في المجتمع الاميركي، كما أنه كان محقا في اقتراحه بأن تسمو الحملة لهذا العام عن فكرة أن «السياسات قد تنجب انقساما وصراعا واستخفافا».
Leave a Reply