واشنطن – اختار الرئيس الأميركي باراك أوباما، اعتماد لهجة صارمة مع رؤساء المصارف الأميركية الكبرى، عندما حذّرهم من مغبة القيام بأي محاولة لعرقلة إصلاح نظام الضبط المالي الذي أُقرّ الأسبوع الماضي في مجلس النواب، وينتظر اجتياز عتبة مجلس الشيوخ. وفيما ذكّر أوباما كبار قادة المؤسسات المالية الأميركية العشر بأنّ “جزءاً كبيراً من الأزمة المالية التي ضربت قطاعنا المصرفي هو من نتيجة أعمالهم”، حثّهم على التوافق للقيام “بجهد استثنائي” من أجل إنعاش الاقتصاد.
وحث أوباما الاثنين الماضي كبرى البنوك الأميركية على زيادة الإقراض لدعم الانتعاش الاقتصادي في الولايات المتحدة، وحذرها في الوقت نفسه من مقاومة خططه لإصلاح مالي شامل يمنع تجدد الممارسات التي أشعلت الأزمة المالية العام الماضي.
وجاءت تصريحات أوباما بعيد اجتماعه في البيت الأبيض بمديري البنوك الأميركية الكبرى التي حصل معظمها على مليارات الدولارات في إطار خطة إنعاش بأكثر من 700 مليار دولار بدأ تنفيذها مطلع هذا العام لإنعاش الاقتصاد ومنه انهيار النظام المصرفي. وأضاف أوباما أن اللقاء الذي جمعه بكبار مسؤولي البنوك الوطنية، على غرار “بنك أوف أميركا”، و”غولدمان ساكس”، و”مورغان ستانلي”، و”سيتي غروب”، و”أميركان إكسبرس”، كان صريحا.
وقال في تصريح للصحفيين “نتوقع بعض النتائج من البنوك”، مطالبا هذه المؤسسات المالية بأن تمنح مزيدا من القروض للشركات خاصة الصغيرة منها بما يساعد على تعزيز انتعاش الاقتصاد الأميركي الذي تخطى الركود الاقتصادي في الربع الثالث من هذا العام. وتابع أن على البنوك الوطنية أن تعمل كل ما تمليه عليها المسؤولية في هذا الظرف الذي يواجه فيه رجال الأعمال والشركات صعوبات كي تساعد الاقتصاد على المضي قدما.
وذكّر الرئيس الأميركي مسؤولي البنوك الأميركية الكبرى -مثل “سيتي غروب” التي أقرضت 45 مليار دولار، بأن مؤسساتهم حصلت على مساعدات سخية من الحكومة في ذروة الركود الاقتصادي, وأن الوقت حان كي تقوم بدورها.
وفي أول رد فعل على ما طلبه أوباما، قال الرئيس التنفيذي لبنك “يو أس بنكورب” ريتشارد ديفيز، “إننا ندعم بالفعل الإصلاح التنظيمي” الذي يدعو إليه أوباما. وأقر ديفيز بأن البنوك لم تبذل جهدا كافيا لتوضيح مساندتها لإصلاح القواعد التنظيمية لسوق المال في الولايات المتحدة. كما قال بنكان أميركيان رئيسيان إنهما سيعيدان 45 مليار دولار من الأموال التي تلقياها من الحكومة الأميركية للتغلب على الأزمة المالية، في آخر خطوة نحو انتعاش النظام المصرفي الأميركي. وقالت مجموعة “سيتي غروب” التي كان مستقبلها غير مؤكد في بداية العام الحالي، إنها ستعيد 20 مليار دولار على حين قال بنك “ويلز فارغو” إنه سيعيد 25 مليارا. وكان البنكان أعلنا زيادة كبيرة في رأس مالهما لكي يستطيعا إعادة الأموال للحكومة.
وفي التصريحات ذاتها، أشار أوباما إلى المعارضة التي تلقاها خططه لفرض رقابة على المؤسسات المالية في “وول ستريت” من قبل جماعات ضغط في الكونغرس. وقال إنه أوضح لمسؤولي البنوك الذين اجتمع بهم في البيت الأبيض الإصلاحات التي تعتزم إدارته تنفيذها لفرض رقابة أكبر على سوق المال الأميركية منعا لتفجر أزمات جديدة على شاكلة الأزمة التي اندلعت خريف العام الماضي وجرت النظام المصرفي الأميركي إلى حافة الانهيار.
وفي مقابلة تلفزيونية بثت الأحد الماضي، كان أوباما قد ندد بمن سماهم “القطط السمان” في “وول ستريت” معبرا عن سخطه لاعتزام بعض البنوك -التي حصلت على مساعدات حكومية لإنقاذها من الانهيار- منح علاوات لمديريها وكبار موظفيها بينما يتخبط الملايين في الفقر والبطالة.
وكان أوباما قد حقق نهاية الأسبوع الماضي نصرا أوليا على طريق تحقيق الإصلاحات المالية الموعودة حين وافق مجلس النواب على مشروع قانون يشتمل على أوسع تغييرات في النظام المالي الأميركي منذ الكساد العظيم الذي ضرب الاقتصاد الأميركي في ثلاثينيات القرن الماضي (تفاصيل ص ١١).
Leave a Reply