واشنطن – بعد تسع سنوات تقريباً على الغزو الأميركي للعراق، والذي أدى إلى مقتل أكثر من 4400 جندي أميركي إضافة الى مئات آلاف العراقيين، أعلن الرئيس الأميركي باراك أوباما، الجمعة الماضي، أنه سيسحب كل القوات الأميركية من العراق بنهاية 2011.
وقال أوباما في البيت الأبيض: “بوسعي أن أعلن اليوم، كما وعدت، بأن البقية من قواتنا في العراق ستعود إلى الوطن بنهاية السنة. بعد قرابة تسع سنوات ستنتهي الحرب الأميركية في العراق”.
وقد أعلن أوباما قراره بعد لقاء عبر الفيديو بينه وبين رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي، وفشل المفاوضات الرامية إلى بقاء قوات أميركية في العراق بمهام تدريبية.
وكان موعد انسحاب الجنود في نهاية السنة موضع اتفاق حصل في 2008 بين البلدين. لكن واشنطن وبغداد كانتا تجريان مفاوضات لإبقاء بضعة آلاف من الرجال لتدريب الجنود العراقيين.
واصطدمت المفاوضات خصوصاً بالوضع القانوني لمن يبقى من العسكريين الأميركيين بعد 2011. فواشنطن تطالب بحصانة شاملة لجنودها تحميهم من أي ملاحقة قضائية في العراق، لكن بغداد ترفض.
واعترف مسؤول أميركي كبير في مجال الدفاع، الإثنين الماضي، بأن هذه النقطة تشكل “عقبة كبرى” في المفاوضات مع بغداد. وأعلن أوباما أن المالكي سيزور البيت الأبيض في كانون الأول (ديسمبر)، فيما سيستأنف البلدان علاقات طبيعية بين دولتين تتمتعان بالسيادة.
الخزينة الأميركية أول المستفيدين
وبعد إعلان أوباما عن نية الولايات المتحدة سحب قواتها من العراق بنهاية العام الحالي وذلك تنفيذا لتعهداته التي كان قطعها على نفسه أثناء حملته الانتخابية، بدأ خبراء الاقتصاد في رصد الانعكاسات المالية للقرار على خزينة واشنطن التي عانت كثيراً جراء التكاليف الباهظة للحرب في ذلك البلد.
وتمثل الخسائر البشرية الأميركية في العراق أرقاما كبيرة وصلت إلى 4482 قتيلاً و32000 جريح، وفي أكثر التقديرات تحفظا وصل عدد القتلى العراقيين إلى أكثر من 125 ألف مدني عراقي.
أما على الجانب المالي، قد كلفت هذه الحرب الخزينة الأميركية أموالا ضخمة مما أثر على قوة الولايات المتحدة وتأثيرها في الخارج.
فقد أنفقت وزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون) منذ عام 2003 أكثر من 700 مليار دولار على الحرب في العراق، ولكن المحصلة النهائية قد تصل إلى ترليونات الدولارات إذا أخذنا بعين الاعتبار التكاليف المستقبلية لبرامج رعاية قدامى المحاربين والفوائد المتراكمة على سندات الخزينة، وذلك في وقت تعاني العديد من البرامج المحلية تخفيضا في ميزانيتها.
وما هو جلي أن الاحتلال الخارجي كلف دافع الضرائب الأميركي أموالا ضخمة، وبمجرد انسحاب القوات الأميركية من العراق فإن نسبة الإنفاق سوف تنخفض بشكل واضح.
فوفقاً لميزانية أوباما للعام المالي 2012، فإن الإنفاق الأميركي على العمليات في العراق سوف ينخفض إلى 15.7 مليار دولار، أي بتراجع نسبته 76 بالمئة مقارنة بما جرى إنفاقه في عام 2010 .
وسوف تواصل تكاليف هذه الحرب انخفاضها خلال السنوات القادمة لتصل إلى الصفر تقريباً عام 2013، في حين لن يتجاوز إجمالي الإنفاق الأميركي على العراق ككل مبلغ خمسة مليارات دولار من حساب وزارة الخارجية الأميركية.
ويرى البعض أنه إذا أرادت الولايات المتحدة أن تعيد سطوتها وتأثيرها في القرن الحادي والعشرين، فإنها بحاجة إلى إعادة بناء الداخل الأميركي، وليس البقاء في العراق الذي يمثل استنزافا للأميركيين ولا نفع من ورائه.
Leave a Reply