واشنطن – أخفق الرئيس الأميركي باراك أوباما في التوصل لاتفاق مع أعضاء مجلس النواب من الحزب الجمهوري الذين اجتمع بهم الخميس الماضي للتباحث بشأن برنامج تقليص عجز الميزانية الفدرالية. ولم يتمكن أوباما من إقناع الجمهوريين بزيادة الضرائب على الأميركيين الأكثر ثراء.
وإزاء ذلك قال زعيم الأغلبية الجمهورية في مجلس النواب إيريك كانتور لوكالة «رويترز» بعد الاجتماع «إذا ما كان الرئيس يريد أن يجعل من رفضنا لزيادة الضرائب عقبة في الطريق فلن نتمكن من تنحية الخلافات جانبا والتركيز على نقاط الاتفاق بيننا».
وكان أوباما قد تواصل خلال الأسبوع الماضي مع مشرعين أميركيين من الحزبين الديمقراطي والجمهوري بهدف التوصل لاتفاق بشأن خفض عجز الميزانية، لم يسفر عن تقدم.
وتواجه الإدارة الأميركية حاليا تحديا بخفض الإنفاق العام ابتداء من بداية الشهر الجاري بقيمة تصل إلى 85 مليار دولار يمتد إلى نهاية العام المالي الجاري الذي ينقضي في 30 أيلول (سبتمبر) المقبل، وهو الأمر الذي من شأنه أن يؤثر سلبا على أداء الاقتصاد الأميركي ويوقف العديد من المشاريع ويعرقل العودة للانتعاش.
ويتوقع صندوق النقد الدولي أن ينال خفض الميزانية من الاقتصاد الأميركي هذا العام ليقلل من مستوى النمو بنسبة 0,5 بالمئة.
قدم الجمهوريون مشروع موازنة للعام المقبل قائلين إنه يضمن خفضا للإنفاق الحكومي بأكثر من أربعة تريليونات دولار ويسد العجز خلال السنوات العشر المقبلة.
كما أعلن الديمقراطيون في مجلس الشيوخ -الذين يتمتعون فيه بأغلبية- عن خطتهم الخاصة بالموازنة التي ترمي إلى تحقيق عائدات ضريبية بنحو تريليون دولار، إضافة إلى تخفيضات في الإنفاق بقيمة تريليون دولار على مدار عشر سنوات.
ويسيطر الجمهوريون على مجلس النواب، بينما يشكل الديمقراطيون الأغلبية في مجلس الشيوخ، ما يعني أن الخطتين ستواجهان مفاوضات شاقة خلال مناقشة مشروع الموازنة.
وكان أوباما قد رفض الثلاثاء المشروع الجمهوري لموازنة العام القادم لذي أقره مجلس النواب ويتضمن إلغاء الإصلاحات الصحية التي أقرها الكونغرس عام 2010 ويرفض زيادة الضرائب حتى على الأميركيين الأثرياء.
وقال المتحدث باسم البيت الأبيض جاري كارني إن «مشروع الموازنة الذي تقدم به الجمهوريون سينعكس في زيادة للضرائب على الطبقة الوسطى ولن يساهم في تقليص العجز». وأضاف أنه «إذا كانت موازنة الجمهوريين تهدف إلى خفض العجز، فإن الحساب ليس سليما. لقد جربنا هذا النهج في الماضي. الرئيس لا يزال يؤمن بأن ذلك هو المسار السيء للولايات المتحدة».
وقال إن «الرئيس سيواصل العمل مع الجمهوريين والديمقراطيين في الكونغرس لتحفيز الاقتصاد وتقليص العجز في شكل متوازن».
وكان أوباما قد أعلن، يوم السبت الماضي، رغبته مجددا فى الحوار مع الجمهوريين للخروج من المأزق السياسي في الكونغرس إزاء الديون وعجز الميزانية، معرباً عن ثقته بالتوصل إلى حل وسط في الأشهر القليلة المقبلة، واعدا الأميركيين في خطابه الإذاعي الأسبوعي، بأنه سيسعى إلى الوصول لتفاهم مع أعضاء الكونغرس بشأن كيفية خفض العجز في الميزانية، مغيرا بذلك لهجة الانتقاد الحادة، التي استخدمها في الأسابيع القليلة الماضية، بإلقاء اللوم على الجمهوريين في تخفيضات للإنفاق الحكومي قيمتها 85 مليار دولار، ودخلت حيز التنفيذ بداية الشهر الحالي.
وقال الرئيس الأميركي: «سأحضر في الأسبوع المقبل اجتماعات كل من الحزب الديمقراطي والجمهوري لمواصلة النقاش. لأن الحقائق تشير إلى أن الولايات المتحدة هي بلد متعدد القناعات ووجهات النظر. وهذا ما يجعلنا أقوياء، ولكنه أحيانا يجعل جدلنا الديمقراطي محبطا نوعا ما، بيد أن ما يجعلنا متميزين هو قدرتنا على تجاوز هذه الخلافات، وإيماننا بأن ما يجمعنا هو أكثر بكثير مما يفرقنا».
وبالفعل زار أوباما مقر الكونغرس ثلاث مرات خلال الأسبوع الماضي والتقى بالمشرعين الديمقراطيين والجمهوريين في مجلس الشيوخ في إطار جهود مكثفة لحل الأزمة المالية التي تعانيها البلاد، والتي تحتاج الى اتفاق قبل ٢٧ الجاري لتفادي مزيد من الإقتطاعات «المدمرة» في الموازنة الفدرالية، وهو كجهود يبدو أنه باء بالفشل مبدئياً.
ومن ناحيته، قال رئيس لجنة الموازنة في مجلس النواب الجمهوري بول راين إن مشروع الموازنة الجمهوري يتضمن تقليص العجز بمعدل نحو 4600 مليار دولار على مدى عشرة أعوام من دون زيادة الضرائب. وأضاف إن المشروع ينص، لتحقيق هذا الهدف، على إلغاء الإصلاحات الصحية التي أقرها أوباما عام 2010 بهدف تأمين التغطية الصحية لأكثر من 30 مليون أميركي كانوا محرومين منها.
وأكد راين، المرشح السابق لمنصب نائب الرئيس إلى جانب ميت رومني الذي هزمه أوباما في الانتخابات الرئاسية الأخيرة، أن خطته تشكل «دعوة لرئيس الولايات المتحدة وديمقراطيي مجلس الشيوخ إلى أن نعالج هذه المشاكل معا»، فيما يقترب الدين الفدرالي الاميركي من عتبة 17 تريليون دولار.
وهناك حاجة الى تشريع جديد بحلول 27 الجاري للابقاء على تدفق الاموال الى الوكالات الحكومية لتفادي توقف واسع لعمليات الحكومة.
وقال باينر إنه سيواصل المطالبة بتخفيضات في الانفاق بواقع دولار واحد على الاقل لكل زيادة قدرها دولار لسقف الدين عندما يحين موعد زيادة حد الاقتراض للحكومة الفدرالية في صيف هذا العام على الارجح.
ومن المتوقع ان يكشف مجلسا النواب والشيوخ عن خطط متعارضة للميزانية تعكس انقساما حادا بين الديمقراطيين والجمهوريين بشان الاولويات في ترويض الدين القومي الأميركي البالغ 16,7 تريليون دولار.
Leave a Reply