واشنطن – أقال الرئيس الأميركي باراك أوباما، الأسبوع الماضي، القائد الأميركي لقوات الاحتلال في أفغانستان الجنرال ستانلي ماكريستال بعد تصريحات تضمنت انتقادات ساخرة موجهة الى الرئيس وكبار المسؤولين في إدارته، ورشح مكانه قائد القيادة الأميركية الوسطى الجنرال ديفيد بتريوس، مشددا على أن تغيير شخص لا يعني تغييرا في الاستراتيجية، التي تعرضت لنكسة جديدة الأسبوع الماضي، عندما أعلن حلف شمال الأطلسي مقتل ثمانية من جنوده، ما رفع عدد قتلى الاحتلال في حزيران الحالي الى 75 قتيلا، وجعله يماثل عدد قتلى تموز (يوليو) العام 2009، الذي كان أكثر الاشهر دموية للاحتلال منذ الغزو في العام 2001.
وأدى تأجيل العمليات القتالية وارتفاع حجم الخسائر البشرية والتقارير الأخيرة التي تتحدث عن الفساد في أفغانستان إلى زيادة الشكوك في دوائر الكونغرس ولدى الجمهور الأميركي.
وقال اوباما الخميس الماضي ان قراره تغيير قائد القوات الامريكية في افغانستان تغيير في الافراد وليس في السياسة وتوقع ان يشرع الجنرال ديفيد بتريوس على الفور في تنفيذ الاستراتيجية الاميركية هناك.
وكانت إقالة ماكريستال، وهو مهندس سياسة إرسال التعزيزات العسكرية إلى أفغانستان، تمثل معضلة صعبة لأوباما الذي واجه خيار إما أن ينظر إليه على أنه يتهاون مع العصيان في الجيش أو أن يهز سلسلة القيادة في لحظة خطيرة في الحرب التي اندلعت قبل تسع سنوات ولا تحظى بالشعبية.
وقال أوباما، بعد اجتماع دام حوالى 30 دقيقة مع ماكريستال، قائد القوات الأميركية وحلف شمال الأطلسي في أفغانستان، في البيت الأبيض، “إن سلوكه مثلما ظهر في مقالة نشرت مؤخرا لا ينسجم مع المعايير المطلوبة من جنرال”. وأضاف “إنه يزعزع سيطرة المدنيين على الجيش وهو أمر في صلب النظام الديموقراطي. وهو يبدد الثقة الضرورية بفرقنا التي تعمل مع بعضها البعض من اجل تحقيق أهدافنا في أفغانستان”. لكن أوباما أشاد بمسيرة ماكريستال، مؤكدا انه لم يقله بسبب “إهانات شخصية” بعد أن نشرت مجلة “رولينغ ستون” تصريحات هاجم فيها ماكريستال وبعض مساعديه بالاسم مسؤولين كبارا في الإدارة. وأعلن انه “وافق على استقالة ماكريستال بأسف”، مشددا على ضرورة “وحدة الجهود” من قبل فريقه بخصوص أفغانستان. وقال “أعتقد أنه القرار المناسب من اجل أمننا القومي”.
وأكد أن تعيين بتريوس مكان ماكريستال لا يعني تغييرا في الإستراتيجية على الأرض. وقال “إن تغيير الشخص لا يعني تغيير السياسة”. يشار إلى أن بتريوس يشرف على الحربين في أفغانستان والعراق. والمهمة الجديدة التي تسلمها تعد بمثابة خطوة إلى الوراء في مسيرته المهنية، حيث انه سيترك مركزه الحالي كقائد للقيادة الأميركية الوسطى بعد موافقة الكونغرس عليه.
وكان ماكريستال اجتمع لمدة 30 دقيقة مع وزير الدفاع روبرت غيتس ورئيس هيئة الأركان الأميرال مايكل مولن في مبنى البنتاغون، قبيل اجتماعه منفردا مع أوباما، حيث خرج قبيل اجتماع مجلس الحرب حول أفغانستان. وقال ماكريستال، في بيان بعد دقائق من المؤتمر الصحافي لأوباما، إنه تقدم باستقالته بناء على رغبته بنجاح المهمة في أفغانستان. وأعلن أنه يدعم بقوة إستراتيجية اوباما، ويبقى ملتزما بقوة بقوات “التحالف” والدول الشريكة في حرب أفغانستان، معتبرا أن الشعب الأفغاني “يتوق لرؤية المهمة تنجح”.
ورأى بعض صناع السياسة، بمن فيهم نائب الرئيس جوزيف بايدن أن الالتزام بإرسال 30 ألف جندي إضافي ونشر عدد كبير من الموظفين المدنيين في أفغانستان غير ضروري لتحقيق هدف أوباما الذي ينصب على استئصال تنظيم القاعدة.
ووصف العديد من مسؤولي الإدارة الأميركية التعليقات التي أطلقها ماكريستال، بأنها تنطوي على نمط من السلوك أكثر منه دلالة على انفراط عقد الإجماع على إستراتيجية الحرب.
تصريحات ماكريستال
سخر ماكريستال، في تصريحاته لـ”رولنغ ستون”، من نائب الرئيس جو بايدن وقال انه شعر بـ”الخيانة” من قبل السفير الاميركي في كابول وظهرت التوترات الى العلن بين الجنرال ماكريستال والبيت الابيض في هذا المقال الذي نشر الاثنين الماضي.
وتساءل ماكريستال وهو يبتسم “تريدون طرح اسئلة علي حول جو بايدن”؟ مضيفا “من هو هذا”؟ وقال ايضا انه شعر بـ”الخيانة” من قبل السفير الاميركي في كابول كارل ايكنبري العام الماضي خلال نقاش في البيت الابيض حول الاستراتيجية في افغانستان. وبالنسبة لمذكرة داخلية للسفير ايكنبري تم تسريبها وتشكك بمطالبة تعزيزات من قبل ماكريستال، قال الجنرال الاميركي “هو شخص يريد تغطية عجزه. وهكذا، في حال فشلنا قد يقول: قلت لكم هذا”.
وتطرق المقال ايضا الى النزاعات التي ظهرت بين الجيش والبيت الابيض في الخريف الماضي عندما كان الرئيس باراك اوباما يدرس قراره حول ارسال تعزيزات الى افغانستان كما طالب الجنرال ماكريستال.
ردود الأفغان
وقال متحدث باسم الرئيس الأفغاني حميد قرضاي إن الاخير كان يأمل في نتيجة أخرى لكنه يحترم قرار أوباما إقالة ماكريستال. وقال المتحدث وحيد عمر “كنا نأمل ألا يحدث ذلك لكن القرار اتخذ ونحن نحترمه”. وأضاف “إنه يتطلع الى العمل مع من سيحل محله”.
وكان عمر قال إن “الرئيس يرى اننا مع شركائنا في مرحلة حساسة من حربنا ضد الارهاب وإن الفراغ لن يساعد” على تسوية النزاع. وقال ان “الجنرال ماكريستال شريك نثق به ومن أهم الشخصيات في هذه الشراكة ونؤمن بمواصلة مهمته واستراتيجيته في أفغانستان”.
وقال المتحدث باسم حركة طالبان ذبيح الله مجاهد إنه يجب على ماكريستال أن يستقيل لأن استراتيجيته “فشلت”. وأضاف “المشاكل بين القادة الاميركيين حيال أفغانستان تظهر بشكل واضح أن سياستهم واستراتيجيتهم فشلت”. وتابع “لا يمكنهم الفوز بهذه الحرب لأن الشعب الافغاني متحد لهزيمة القوات الأميركية”.
Leave a Reply