بعد رحيل رئيس بلدية ديربورن السابق مايكل غايدو عام 2006، لم يشك أحد في الحاجة إلى رجل في قدرة وخبرة جاك أورايلي لقيادة المدينة.. فأورايلي سليل عائلة متجذرة في ديربورن، ووالده من قبله كان رئيسا لبلدية المدينة في الفترة الممتدة بين (1978 – 1986).
اختار أورايلي أن لا يخرج من جلباب أبيه، فقد أمضى 17 عاماً رئيساً للمجلس البلدي، وفي العام 2007 انتخب رئيساً للبلدية في ذروة الكساد الإقتصادي وكان عليه إتخاذ قرارات صعبة في موازنة تعاني من العجز.
جاك أورايلي (عدسة عماد محمد |
«صدى الوطن» التقت أورايلي عشية الإنتخابات التمهيدية للوقوف على بعض المواضيع التي تشغل بال سكان ديربورن. وإذا كان أورايلي قد دخل السباق وهو مطمئن لحد كبير فإن ذلك انعكس على كلامه في هذا اللقاء حيث تحدث بثقة عن إنجازات عهده التي تجلّت بصمود المدينة بوجه الأزمة الإقتصادية.
– بالنظر إلى ست سنوات قضيتها رئيسا للبلدية، ما هي أبرز الإنجازات التي حققتها فـي عهدك؟
– أصبحت رئيسا للبلدية في مرحلة الكساد الإقتصادي التي عانينا فيها من ظروف إقتصادية صعبة، حيث تراجعت عوائد البلدية بنسبة 30 بالمئة، وكانت شركة «فورد» للسيارات تمر في مرحلة تحولات جوهرية.. في خضم ذلك كانت مهمتنا الأولى هي الصمود والإستمرار بتقديم خدمات متميزة حتى في ضوء تراجع العوائد. شكّل ذلك تحدياً هائلاً لكننا نجحنا فيه بإقتدار، لم نخسر سوى القليل من الخدمات وكنا قادرين على خفض 20 مليون دولار من النفقات الهيكلية في الموازنة، وأمكننا الاستغناء فقط عن عدد قليل من قوة العمل البلدية، دون أن يؤثر ذلك على مستوى الخدمات التي نوفرها.. باختصار كان هذا أبرز انجازاتي.
– الصفقة المحتملة لبيع المبنى البلدي الحالي لشركة «آرت سبايس» وانتقال البلدية الى المبنى الجديد على شارع ميشيغن أفنيو أثارت انتقاد المواطنين، كيف نستكشف وجهة نظرك فـي هذا الخصوص؟
– تعرّفت على شركة «آرت سبايس» منذ قرابة خمس سنوات وزرت بعض مواقعها في نيويورك ومينابوليس وكاليفورنيا، واقتنعت أنهم سيكونون مثاليين لديربورن فهم حقيقة رائعون وهم سيجلبون معهم بيئة فنية خلاقة ومبدعة تناسب ما يتوفر عندنا من مواهب، لذا سعيت لاستقدامهم إلى ديربورن وقد لاقت دعوتي عندهم آذانا صاغية، حيث بدأوا بالبحث عن مباني هنا تكون واسعة بما فيه الكفاية لمشاريعهم والمبنى البلدي كان واحدا منها.
وبخصوص المبنى الجديد، فقد أشهرت الشركة التي كانت تشغله (أي دي بي) في غرب ديربورن إفلاسها وأصبح المبنى شاغرا، واشترته شركة من تكساس بمبلغ 3,1 مليون دولار، لتكتشف لاحقاً أن أمامها عقبات في إستغلال هذا المبنى فقررت بيعه لكنها لم تتمكن من إيجاد مشترين. في المقابل فإن كل رؤوساء البلدية من قبلي كان حلمهم الإنتقال بمكاتب البلدية إلى مقر جديد أقل كلفة في النفقات ويكون قريباً من المكتبة ودائرة الشرطة والمحكمة ومركز الفنون على شارع ميشيغن أفنيو. خاصة وإن الاحتفاظ بالمبنى البلدي الحالي يكلفنا نفقات باهظة لأننا ندفع فواتير تدفئة وتكييف غير مستخدمة. أما في المبنى الجديد فسنختصر مساحة مكاتبنا بحوالي 10 آلاف قدم مربع، ما سيتيح لنا خفض النفقات، وسيمكننا توفير 400 ألف دولار سنويا فقط في مجال النفقات التشغيلية، وهذا مبلغ طائل من الأجدر أن ننفقه على توفير الخدمات. كما سيمكننا في المقر الجديد وضع نظام عالي الكفاءة لخدمة المواطنين ونتيح لهم وسيلة أسهل للقاء المسؤولين.
– بعض المواطنين شعروا بالاستياء جراء تعديل بعض اللوائح والقوانين البلدية كونها تشكل تعديا على حقوقهم، مثل قضية الكراجات التي يتم تعديلها، ماذا تقول فـي هذا؟
– مهمتنا تحقيق التوازن بحيث نضمن أن لا تشكل حقوق شخص تعدياً على حقوق الآخرين، وهذا القانون لم يصدر بعد ونحن نحاول إيجاد صيغة تراعي مصالح كافة الأطراف، فالناس بإمكانهم ممارسة هواياتهم في الكاراجات واستيعاب سياراتهم بداخلها في الوقت نفسه، ولكن من غير المسموح الطهي ووضع الافران داخل الكاراج، ولكن إذا أردت التدخين أو مشاهدة التلفزيون داخله فهذا مسموح، والمبدأ هو أن حريتك تنتهي عند حرية الاخرين.. فكل منزل له الحق في موقفين للسيارات على جانب الشارع وعدم ضمان ذلك يعقّد مهمة دائرة الاشغال في تنظيف الشارع، ومن غير المسموح مخالفة هذه القوانين.
– هل هناك مبادرات أو خطط جديدة ستطرحها قريبا؟
– إنشاء محطة القطارات في المدينة يوفر لنا فرصا حقيقية، فالمحطة تربط حالياً ديترويت بآناربر وفي غضون عامين سيصبح بإمكاننا السفر منها إلى شيكاغو في غضون أربع ساعات. وأمام هذه الفرصة لدينا خطط لتعزيز فكرة التسوق في ديربورن، فنحن لدينا فنادق بأسعار معقولة ولدينا أماكن للترفيه ومتاحف، وهدفنا جذب المزيد من السياح للقدوم إلى ديربورن بالقطار وتنشيط الحركة التجارية، كما أن «جامعة ميشيغن» لديها خطط لزيادة عدد الطلبة الملتحقين مابين 2000 الى 3000 طالب إضافي، ونحن أجرينا محادثات منذ سنوات مع الجامعة لتوفير التمويل لمساكن الطلبة، هناك 500 سرير مشغول ونحن بانتظار 400 سرير اضافي.
– بالمقارنة مع عقد مضى، بعض الناس يقولون إن الخدمات كانت أفضل عما هي عليه الآن فـي المدينة.. كيف ترد على هذه الاتهامات؟
– الطلب على الخدمات ارتفع منذ العام 2007 بما يوازي 10 آلاف مكالمة إضافية سنوياً، ولكن المكالمات المتعلقة بالجرائم تراجعت، حدثت 466 جريمة في 2007 في مقابل 264 في 2011، لدينا الان عدد أكبر من ضباط الشرطة في الشوارع، ولهذا نبث الرسائل عبر نيكسيل لنحذر المواطنين لا لنخيفهم، ونتلقى من المواطنين البلاغات عن مشبوهين.
– كيف هي العلاقة مع الجالية العربية والمسلمة فـي المدينة؟
– أنا ضالع في العديد من منظمات الجالية ولي علاقات مع قياداتها بوسائل شتى واتحدث معهم دوما لحل بعض القضايا والمشاكل التي يعانون منها، مثال المركز الاسلامي في اميركا كان له مشكلة مع الازدحام على شارع فورد، وتعاونا سويا في حلها مع المقاطعة والولاية، وبذل مهندسونا الجهد في اعادة تصميم المرور على هذا الشارع ليكون أكثر سلامة وأمنا. وقد انفقت البلدية مبالغ من المال لتنفيذ هذه التغييرات. شعارنا دوما التعاون سوياً لحل المشاكل، مهمتنا الاهتمام بتلبية الحاجات للجميع بكل كفاءة وبأسرع ما يمكن بما يعزز وحدة المجتمع من كافة الاطياف في المدينة.
– المهرجان العربي الدولي الغي هذه السنة وكنت اقترحت نقله الى منطقة مغلقة فـي منتزه نورث وودز بارك، هل تدرسون إعادته الى شارع وورن؟
– بعد قضية جورج صايغ 2011 قررت المحكمة انه من غير المسموح منع المبشرين المسيحيين من توزيع المنشورات في المهرجان، ليس هناك وسيلة من خلالها تحقيق السلامة لرواد المهرجان في شارع وورن، كان علي أن أحافظ على مصالح المدينة، ولم يكن امامي حل آخر غير نقله الى المنتزه، واعرف ان غرفة التجارة العربية الأميركية تود فرصة تلتقط فيها أنفاسها وأنا ما زلت ادعم الغرفة مئة بالمئة والعمل معها بشتى الوسائل.
– لماذا لم تطلب دعم اللجنة العربية الاميركية للعمل السياسي (أيباك) فـي اعادة ترشحك فـي الانتخابات التمهيدية؟
– أنا افضل توصيل رسالتي مباشرة الى الناس فانا ذهبت الى «أيباك» في 2011 وطلبت منهم دعم اقتراحي بشأن إضافة ضريبة ميلاج مؤقتة على الأملاك العقارية، ولكنني حين ذهبت اليهم لم يتطرقوا الى الموضوع وكأن لديهم اهتمامات مختلفة أو لهم رأي آخر، فقد عارضوا الاقتراح وكانوا هم الوحيدون الذين عارضوه، ولم أكن اعرف من هم قادة «أيباك» ولا الجهات التي يمثلونها، ذهبت لمنظمات أخرى مثل «أكسس» وهؤلاء اعرفهم تماما، في «أيباك» لم اكن أعرفهم باستثناء قليلين، تحدثوا كثيرا ولكنهم لم يقدموا حلولاً، ألحوا في السؤال: لماذا لا اعين عربا في الوظائف البلدية، وكان جوابي هو اني استطيع تعيين رؤوساء الدوائر فقط وفق دستور المدينة، واعتقدت للحظة انهم كانوا حسموا قرارهم حتى قبل وصولي الى المحادثات.
– كلمة أخيرة تود توجيهها لأهالي ديربورن؟
– في كانون الثاني (يناير) 2010 جمعت 30 من النشطاء من مختلف القطاعات والخلفيات لوضع خطة خمسية للمدينة، وتناقشنا على مدى 10 شهور في السبل الكفيلة بخروجنا من الازمة الاقتصادية، هذه الخطة ينبغي توسيعها لـ20 -25 عاماِ، علينا النظر بعيدا بهدف ازدهار ديربورن.. نحن لا نعمل بطريقة عشوائية أو في الظلام، لدينا خطة شارك في وضعها المواطنون، وفي ذهني إعادة التواصل مع هذه المجموعة في حال فوزي، أريد أن تكون ديربورن مكانا يحلم الجميع بالاقامة فيه، أسعى لازدهار المدينة برغم التحديات، ولكني واثق من قدرتنا على التعاون والصبر وخلق هوية جديدة لديربورن، فهي مؤهلة لتحقق ازدهاراً عظيماً في المستقبل، فالنجاح الذي يحققه بعضنا يعزز من نجاح الآخرين في هذه المدينة.
Leave a Reply