خاص «صدى الوطن»
أمام ديربورن، العديد من التحديات والاستحقاقات خلال الفترة المقبلة. من الاستثمارات الكبرى لشركة فورد إلى مشاريع التنشيط الاقتصادي وأعباء الضرائب العقارية المرتفعة وصولاً نحو الحاجة إلى تنويع القوى العاملة في الإدارة المحلية والتفاوت الواضح في مستوى الخدمات التي توفرها البلدية بين طرفي المدينة الشرقي والغربي، وغير ذلك من العناوين الأساسية التي تخيم على الحملات الانتخابية لمنصب رئاسة البلدية ومقاعد المجلس البلدي السبعة.
في 7 تشرين الثاني (نوفمبر) القادم، سيتنافس مرشحان على منصب رئاسة بلدية ديربورن، حيث سيتاح لناخبي ديربورن -لأول مرة منذ 2001 – حسم سباق انتخابي جاد ومحموم، إما بالتصويت لإعادة انتخاب رئيس البلدية الحالي جون أورايلي، أو بالتصويت لمنافسه عضو المجلس البلدي توماس تافيلسكي.
«صدى الوطن» استضافت أورايلي في مكاتبها حيث أجرت معه مقابلة مصورة أجاب من خلالها على أبرز القضايا المطروحة قبل أسابيع قليلة من موعد الانتخابات، مؤكداً أن «عملية الإصلاح والنهوض في المدينة جارية على قدم وساق، و«لكنها تحتاج بعض الوقت لكي تظهر نتائجها».
ويشغل أورايلي منصب رئيس بلدية ديربورن منذ 2007 خلفاً لرئيس البلدية الراحل مايكل غايدو الذي قضى بالسرطان في 2006 عن عمر ٥٢ عاماً، وكان أورايلي قبل ذلك قد شغل منصب رئيس المجلس البلدي لـ17 عاماً، كما شغل والده جون أورايلي منصب رئاسة البلدية في الفترة 1985-١٩٧٨.
الاستثمار في شرق ديربورن
يقول أورايلي إن تركيزه حالياً منصبّ في الحفاظ على العلاقات الممتازة مع كبار المستثمرين في المدينة إلى جانب جعل المدينة أكثر جذباً للأعمال الصغيرة والأسر الشابة، معرباً عن أمله في أن تستفيد ديربورن من الانتعاش الاقتصاي الذي تشهده مدينة ديترويت المجاورة.
وقال «السكن في داونتاون وميدتاون ديترويت مكلف جداً ما يعني أن الجزء الشرقي من المدينة يمكن أن يجذب الشباب الباحثين عن السكن بأسعار معقولة»، لافتاً إلى أن قرب ديربورن من وسط ديترويت التجاري يجعله مكاناً مثالياً للطلاب والموظفين الذين يعملون أو يدرسون في ديترويت.
وأكد رئيس البلدية أن إدارته لم تهمل شرق ديربورن بل تعمل على عدة مشاريع لإنهاض المنطقة، مشيراً إلى وجود مقترحات لبناء شقق سكنية ومحال تجارية جديدة في الداونتاون الشرقي على شارع ميشيغن أفنيو، إضافة إلى العمل المستمر من أجل تطوير المنطقتين التجاريتين على شارع وورن في شمال شرقي المدينة، وفيرنور-ديكس في طرفها الجنوبي.
وكشف أورايلي الذي حاز على دعم «اللجنة العربية الأميركية للعمل السياسي» (أيباك)، عن أن البلدية تسعى لمنح الكوريدورين التجاريين هوية خاصة مميزة تعكس «الثقافة الشرق أوسطية» في المدينة «مثل الحي اليوناني في ديترويت»، مؤكداً أن المشروع أصبح في مراحله المتقدمة حيث «يتم العمل الآن على تحديد مضمون اليافطات التي ستعلق عند مداخل الشارعين التجاريين».
ولفت إلى أن المشروع يهدف إلى استقطاب الزوار من عموم منطقة ديترويت للتمتع بالمنتجات والخدمات التي توفرها المؤسسات التجارية في المنطقتين اللتين سيتم العمل على جعلهما أكثر ترحيباً بالزبائن والسائحين.
استثمارات فورد
تشكل شركة «فورد» لصناعة السيارات، الأساس الاقتصادي ومصدر الوظائف الأول في ديربورن، وقد أعلنت العام الماضي عن خطة استثمار بقيمة ١.٢ مليار دولار لتجديد مقرها العالمي في المدينة وتوسيع عملياتها لتستوعب حوالي 30 ألف موظف بحلول العام 2029، إضافة لبناء مجمع مكتبي عصري بكلفة 60 مليون دولار على شارع ميشيغن أفنيو في الداونتاون الغربي.
ولدى سؤاله عن أسباب امتناع فورد عن الاستثمار في الجانب الشرقي من المدينة (شرق غرينفيلد)، يقول أورايلي إن «فورد» هي أكبر مالك للعقارات في المدينة وهم ليسوا بصدد التوسع بل يعملون على تطوير مقرهم ليصبح أكثر عصرية ومطابقاً لتطلعات الشركة المستقبلية، لافتاً إلى أن «فورد» قامت فقط بالتوسع في الداونتاون الغربي لحاجتها إلى خلق بيئة جاذبة للمهارات الشابة في ظل التنافس الحاد مع شركات التكنولوجيا، فكان لا بد من إنشاء المجمع الجديد على شارع ميشيغن أفنيو بمواصفات عصرية متطورة، لربط مراكز الأبحاث والمكاتب الخاصة بالشركة ببعضها البعض.
وفي هذا السياق، أكد أورايلي أنه لعب دوراً رئيسياً في إنجاز مشروع «فورد» التوسعي في غرب المدينة، عبر إقناع صاحب أحد العقارات المطلوبة للمشروع ببيع عقاره، ممهداً الطريق أمام الاستثمار الضخم.
كما قال أورايلي إنه أقنع «مؤسسة التنمية الاقتصادية في ميشيغن» التي يشغل عضويتها بتقديم دعم بقيمة ثلاثة ملايين دولار لإتمام المشروع الذي سينعكس إيجابياً على ديربورن، لافتاً إلى أن المؤسسة كانت بصدد تقديم ١.٥ مليون دولار فقط لإنجاز المشروع أسوة بالمشاريع الأخرى، ولكن أورايلي قال إنه أقنع الأعضاء بأهمية المشروع وضرورة تحقيقه، فتمت الموافقة على مضاعفة مبلغ الدعم نظراً لحيوية هذا الاستثمار.
ولفت أورايلي إلى أن البلدية تعهدت بتحديث البنية التحتية على شارع ميشيغن أفنيو ومحيطه للتأكد من إنجاح المشروع.
وتأكيداً على دوره الحيوي في إنجاح الخطة التوسعية، أشار رئيس البلدية إلى أنه يحظى بدعم عائلة فورد في السباق الانتخابي الراهن.
أورايلي في مرمى النيران الإعلامية
مع اقتراب موعد الانتخابات البلدية نشرت وسائل إعلام رئيسية في منطقة ديترويت تقارير تثير شبهات الفساد ضد أورايلي الذي اتهم خصمه الانتخابي، توماس تافيلسكي، بالوقوف وراءها.
وكانت صحيفة «ديترويت فري برس» قد نشرت تقريراً يفيد بأن أورايلي تنفّع من منصبه من خلال صفقة بيع عقار بلدي لشركة «هومسايت للاستثمارات» بمبلغ 30 ألف دلار على أن تقوم الشركة باستثمار نصف مليون دولار لبناء مطعم ومقهى.
وقالت الصحيفة إنه بعد ستة أشهر من عقد تلك الصفقة، تظهر وثائق سكرتاريا الولاية أن أورايلي قد اشترى من حسن صعب (من «شركة هومسايت») سيارة لابنه من طراز «فورد اسكايب» موديل 2008 مقابل 2000 دولار، مع أن الأول كان قد اشتراها من أحد المزادات بـ2200 دولار، مما أثار تساؤلات الصحيفة حول صفقة العقار الذي لم يتم استيفاء شروطه، وحول علاقة صعب بابن رئيس البلدية.
ورد أورايلي أن دوره في الصفقة البلدية انحصر في الموافقة على اللجنة المشكلة والمناط بها الموافقة على قيام البلدية ببيع العقار لشركة «هومسايت»، قائلاً إن المجلس البلدي منح موافقته للمشروع، و«ما كان بإمكاني أن أفعل أي شيء أزاء ذلك».
أضاف «إن البلدية تلقت عرضين فقط من الراغبين بشراء العقار، المتقدم الأول لم يقم بإيداع الـ«ديبوزت» المطلوب (100 ألف دولار) أما «هومسايت» فقد قامت بإيداعه»، منوهاً إلى أن «المطور فشل في إنجاز مشروعه.. وملكية الأرض الآن قيد التقاضي».
وأقر رئيس البلدية بأنه أخطأ بشراء السيارة من صعب، صديق ابنه، لأنه لم يتحقق من ارتباطه بشركة «هومسايت»، وقال «علي أن أتذكر دائماً أنني رئيس بلدية.. لقد تصرفت كأب.. ولكن كان علي أن أتصرف كرئيس بلدية وليس كأب».
وكان تقرير إعلامي آخر قد اتهم قائد إطفائية ديربورن بالعمل لحساب حملة أورايلي الانتخابية مستخدماً سيارته الحكومية أثناء وقت الدوام، وهو ما نفته مسؤولة الاتصالات في البلدية ماري لاندروش.
وأنحى أورايلي باللائمة على خصمه تافيلسكي «لتوجيهه الصحافة نحو التشهير»، وقال «أنا أفضل أن أوجه رسائلي إلى الناخبين مباشرة.. أعتقد أنه من المؤسف تقديم ديربورن في وسائل الإعلام بطريقة لن تساعد -بالضرورة- مجتمعنا على المدى الطويل».
تمثيل العرب الأميركيين
كشف تقرير نشرته «صدى الوطن» مؤخراً أن نسبة العرب الأميركيين من موظفي البلدية بدوام كامل لا تتجاوز ٨ بالمئة، رغم أنهم يشكلون نصف سكان المدينة.
وفي هذا الخصوص، لفت أورايلي إلى أن البلدية حاولت معالجة الموضوع في السنوات الأخيرة عبر تشجيع الشباب العربي الأميركي للتقدم إلى الوظائف البلدية، ولكن «يجب عليهم أن يتمتعوا بالمهارات والخبرات المطلوبة»، وفقاً لأورايلي الذي أضاف: «هنالك برنامج يشجع طلاب الثانويات على العمل في دائرتي الشرطة والإطفاء يتم بموجبه مدهم بمساعدات مالية تمكنهم من دفع أقساط الدراسة الجامعية لمدة سنتين».
ووصف تلك المبادرة بأنها نجحت في زيادة أعداد الموظفين وتنوعهم في دائرة الشرطة، منوهاً بوجود عوائق أكبر في دائرة الإطفاء، ومشيراً إلى أن قوانين الولاية لا تشترط على موظفي البلدية أن يقطنوا في المدينة التي يعملون فيها، وبالتالي فإن الموظفين لا يمثلون فقط سكان ديربورن.
وتجدر الإشارة، إلى أنه بين 190 عنصراً في دائرة الشرطة، هناك 16 عنصراً عربياً أميركياً، أي بنسبة 8 بالمئة، وذلك بحسب نانسي حمود ستراتز، مساعدة قائد شرطة ديربورن. أما «دائرة الإطفاء» فتضم 7 عناصر عرب أميركيين فقط من أصل 142 عنصراً، أي بنسبة 5 بالمئة.
الصحة ممتازة
يعرب البعض عن قلقهم من تدهور نشاط وصحة أورايلي وقدرته على الاستمرار بالقيام بأعباء وظيفته في حال تمت إعادة انتخابه، فرئيس البلدية البالغ من العمر 68 عاماً، فقد الكثير من وزنه خلال العام الماضي.
لكن أورايلي أكد لـ«صدى الوطن» أنه بحالة صحية جيدة وأنه لا يتعاطى أية أدوية، وقال «لقد حثني الأطباء على إنقاص وزني، الصيف قبل الماضي، بسبب خضوعي لعملية جراحية في الركبتين» لافتاً إلى أن وزنه مستقر منذ سنة تقريباً.
وأفاد بأنه قام بالمشاركة في ماراثون بمسافة 5 كم نظمه مستشفى «بومانت» الصيف الماضي، لإثبات أنه يتمتع بصحة ممتازة للمشككين، مؤكداً أنه «ماذا يريدون أكثر من ذلك؟»، لافتاً إلى أنه يمارس التمارين الرياضية بانتظام مع زوجته.
رسالة للناخبين
أورايلي الحاصل على شهادة في القانون من «جامعة ديترويت» توجه للناخبين في ختام المقابلة بالتأكيد على أنه المرشح الأمثل لمنصب رئاسة بلدية ديربورن بسبب الخلفية الأكاديمية والخبرة العملية داخل وخارج البلدية ولامتلاكه شبكة واسعة من العلاقات مع القادة الرئيسيين في المنطقة وكذلك بسبب إنجازاته في رئاسة البلدية والمعايير الأخلاقية العالية التي يتمتع بها، ، مشدداً على أنه سيواصل «وضع مصالح المواطنين أولاً وبغض النظر عن المصاعب والعواقب».
وقال «بالنسبة لناخبي ديربورن.. هذا لا يعني أنني أمتلك رؤية فقط وإنما القدرة أيضاً على تحويل تلك الرؤية إلى واقع ملموس»، لافتاً إلى أن مسيرته تدل على أنه باستطاعته «قيادة الناس خلال الأوقات الجيدة والظروف العصيبة أيضاً.. عبر تنظيم مواردنا لتلبية التوقعات وتجاوزها».
Leave a Reply