لم تكد الإعلامية العربية الأميركية أوكتافيا نصر، كبيرة محرري قضايا الشرق الأوسط في شبكة “سي أن أن” الإخبارية، تنهي نشر تعليقها على غياب المرجع الديني الاسلامي الكبير السيد محمد حسين فضل الله، الذي عبرت فيه عن حزنها على “غياب هذا العملاق من حزب الله الذي أحترمه” حتى خرج لها العسس الاعلامي الصهيوني في أميركا الذي لا ينام، ناقلا تعليقها ومعممه على آلاف المواقع والمنابر الإعلامية تحت عنوان: أوكتافيا نصر مشجعة لـ”حزب الله” أم مراسلة لـ”سي أن أن”؟
ليس الغريب أن يخرج يهود أميركا ليقيموا الدنيا على أسطر قليلة خطتها هذه الاعلامية بجرأة ولم تتعد أحرفها الـ 144 حرفا، فهؤلاء يتربصون بكل من تسول له نفسه انصاف قضية حق أو اتخاذ موقف جريء يفضح عنصرية دولة كيانهم الصهيوني، ومثال الاعلامية هيلين توماس التي أفرجت بعد عمر مديد عما كان يجول في صدرها من غضب على طرد شعب من أرضه وتشريده في منافي العالم، فدفعت الى الاستقالة من منصبها كمراسلة لمجموعة “هيرست” الاعلامية في البيت الأبيض.
بالأمس دفعت الاعلامية اللبنانية الأميركية أوكتافيا نصر ثمن انسجامها مع مشاعرها وآرائها في وصفها لشخصية ذات شأن إسلامي وإنساني كبير كان لها شرف اللقاء به قبل سنوات طويلة وترك أثرا لديها لما لمسته من تقدمية فكره وسطوع علمه، وانصافه خصوصا للمرأة العربية والمسلمة ودفاعه عنها ورفعه لشأنها. فأقدمت شبكة الـ”سي أن أن” على طردها من مركزها بعد ساعات قليلة من تعليقها. ومثل هيلين توماس، لم يشفع توضيح نصر موقفها على “تويتر” وسحبها التعليق الذي أدلت به في الرأفة بتاريخها المهني مع الشبكة.
إنه مثال آخر قاطع أن حرية التعبير في أميركا أصبحت رهينة رضى منظمات الضغط الصهونية. ومن المؤسف حقا أن تنحدر شبكة إعلامية عالمية مثل الـ”سي أن أن” الى هذا الدرك من التخاذل أمام ضغوط الصهاينة الأميركيين. لكن الحقيقة المرة يجب أن تقال وهي أن المنظمات اليهودية الأميركية تسيطر على الاعلام الأميركي وتحدد وجهته دون أي مراعاة لما كان يسمى حرية التعبير عن الرأي والتي كفلها الدستور الأميركي.
لكن المثير للدهشة هو ذلك الصمت المريب الذي يلف ما يسمى بـ”المؤسسات العربية الأميركية” بازاء هذه الوقاحة الصهيونية وذينك التخاذل والانصياع المعيبين لشبكة “سي أن أن” التي أقدمت على طرد الاعلامية نصر بعد 20 سنة من الخدمة خلال ساعات قليلة.
أين صوت “اللجنة العربية الأميركية لمكافحة التمييز” (أي دي سي) وأين منظمة “كير” وأين سواها من المؤسسات العربية والاسلامية في اميركا في اطلاق ولو بيان تضامن أو صوت ادانة؟
أين هي “المؤسسات” الاسلامية المنقسمة في مدينة ديربورن حول مكان أحياء ذكرى أسبوع المرجع الذي كرّس حياته لجمع المواقف وتحقيق الألفة داخل المذهب الواحد ومع المذاهب والديانات الأخرى؟
لقد غامرت أوكتافيا نصر بخسارة منصبها الاعلامي المرموق وخسرته بالفعل، لأنها لم تستطع أن تكبت مشاعرها ازاء الرحيل المدوي للعالم والمفكر الاسلامي والانساني الكبير السيد فضل الله، بينما أخفقت معظم المؤسسات العربية والاسلامية حتى كتابة هذه السطور، في اصدار بيان تضامن مع هذه الاعلامية الجريئة، لكنهم يعملون على مدار الساعة لتقسيم صفوف جاليتهم وتشتيت جهود المؤمنين الطيبين على مذبح عقد الوجاهة المستحكمة بسلوكهم.
كلهم يريدون استغلال فاجعة رحيل السيد فضل الله لتحقيق مكاسب دعائية رخيصة متجاهلين أن المرجع الراحل شيد أمجادا للعقيدة والايمان بنكران الذات والترفع عن المصالح الشخصية والاعتبارات الآنية.
اتفقوا في اجتماع على حفل تأبين موحد في المركز الاسلامي نهار الأحد، فإذا بنا أمام احتفال آخر في المجمع الاسلامي يوم السبت. لماذا هذا الانقلاب على موقف تم اتخاذه بأكثرية الحضور وأقر بصورة نهائية وتم توزيع بيان نعي يعكس هذا الموقف التضامني الذي أوهمونا به.
قلنا نريد بيان تضامن مع اوكتافيا نصر لأنها حزنت على مرجعكم؟ لا.. معذرة منكم، لا تأبهوا أيها العربان والمتأسلمون. أمضوا الى ترف خلافاتكم وحافظوا على “مؤسساتكم” بالضحك على ذقون المؤمنين الطيبين من “زبائنكم” وحسب الاعلامية الحزينة على سيد التنوير والحكمة أنها أرضت ضميرها وعبرت عن مشاعرها دون أن تنتبه الى الأثمان التي تحرصون على الابتعاد عن تجرع كؤوسها المرة، وتنشدون السلامة قاعدين عن قول كلمة شجاعة أو اتخاذ موقف جريء والمضي فيه
“صدى الوطن”
Leave a Reply