توقعات بارتفاع قياسي لأسعار المواد الغذائية.. وباضطرابات في الدول النامية
روما – حذرت منظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة (فاو) من ارتفاع أسعار المواد الغذائية إلى مستويات قياسية خلال الأسابيع القليلة المقبلة، إذا لم تشهد دول أوروبا تساقط أمطار غزيرة تمحو آثار الجفاف الذي تعاني منه حاليا. فيما طالبت منظمة “أوكسفام” الإنسانية بتصحيح نظام الغذاء العالمي، محذرة بأن المجاعة ستمس مئات ملايين الناس خلال عقدين بسبب زيادة السكان وتأثيرات المناخ على الزراعة.وقال الخبير المختص بالحبوب في “الفاو” عبد الرضا عباسيان إن ارتفاع أسعار المواد الغذائية سيتواصل بشكل حاد إذا استمر الوضع دون تغيير في أوروبا، مضيفا أن التخوف يكمن في أنه لم يتم الوصول بعد إلى أسوأ مرحلة من زيادة التضخم الناتج عن أسعار الأغذية في الدول الهشة. وتظهر آخر بيانات “الفاو” أن متوسط سعر الحبوب بلغ مستوى قياسيا في نيسان (أبريل) الماضي حيث قفز بنسبة 71 بالمئة، وهو ما يضاهي بثلاث مرات الأسعار المسجلة قبل عقد من الزمان، ونبهت الفاو إلى أن أمام الدول الأوروبية بضعة أسابيع حاسمة.
اضطرابات
وقال عباسيان إن ارتفاع أسعار المواد الغذائية سيلحق الضرر بسكان الدول الفقيرة، ولن يكون بالمقدور الحيلولة دون اضطرابات بفعل غلاء المعيشة، مضيفا أن المنحنى الذي ستتخذه أسعار الحبوب سيرتهن كثيرا بوضعية الإنتاج الروسي. ففي العام الماضي حظرت موسكو تصدير إنتاجها من الحبوب بعد الخسائر الهائلة التي تكبدتها نتيجة حرائق ضخمة، قبل أن ترفعه الأسبوع الماضي.وجاء تحذير “الفاو” بعد نشرها بيانات حول حجم الأموال التي أنفقت لشراء المواد الغذائية الأساسية وباقي السلع والتي بلغت مستويات قياسية في الشهر الماضي، وهو ما يزيد من الضغط على الأسعار التي توجد أصلا في مستوى مرتفع بفعل التوقعات بمحاصيل أقل هذا العام. وقد تم إنفاق مبلغ 451 مليار دولار في نيسان الماضي في شراء السلع ضمن المبادلات التجارية، بما يفوق بأربعين مرة الغلاف المخصص للغرض نفسه قبل عشر سنوات، حسب بيانات حديثة لمؤسسة باركليز كابيتال.
الجفاف والفيضانات
وبعدما زادت المضاربات من أسعار الحبوب وباقي السلع وتقلباتها، فإن أكثر المشاكل إلحاحا الآن مشكل الجفاف الذي يضرب حاليا أوروبا والتأثيرات الأخيرة للفيضانات في بعض المناطق بالولايات المتحدة. وبعد مرور شهرين من شح الأمطار في أوروبا وحظر روسيا لتصدير حبوبها، رفعت مؤسسة “ستاندرز آند بورز” مؤشرها الزراعي المتعلق بأسعار ست مواد غذائية أساسية كالحبوب والذرة والصويا بنسبة 7,1 بالمئة.
تحذيرات من مجاعة
ومن ناحيتها قالت منظمة “أوكسفام” الإنسانية في تقرير إنها تتوقع ارتفاع أسعار بعض المواد الغذائية الرئيسية إلى أكثر من الضعف بحلول 2030 لتضاعف مشكلات الفقراء الذين ينفقون 80 بالمئة من دخولهم على الغذاء. وأشارت “أوكسفام” إلى أن النظام الغذائي يئن تحت وطأة ضغوط قوية من التغيرات المناخية والتأثيرات البيئية، وارتفاع عدد السكان، وزيادة أسعار الطاقة، وارتفاع الطلب على اللحوم ومنتجات الألبان، والتنافس على الأرض من قبل الوقود الحيوي والصناعات والتوسع العمراني.وأفاد التقرير أن تسعمائة مليون شخص يعانون من الجوع، وسوف يزداد الوضع سوءا عندما تضرب الأزمة بعد عقدين من الآن. وتوقع أن يزداد عدد سكان العالم بمقدار الثلث عام 2050 إلى 9,1 مليارات من 6,9 مليارات نسمة حاليا، ويزداد الطلب على الغذاء بنسبة 70 بالمئة. في نفس الوقت يتوقع أن تنعكس التأثيرات المناخية والجفاف والفيضانات والعواصف على المحاصيل.وسترتفع أسعار السلع الغذائية الرئيسية مثل الذرة، التي وصلت إلى ذروتها، إلى أكثر من الضعف خلال عشرين سنة، في وقت تندر فيه مصادر المياه وتقل مساحات الأراضي الزراعية.ويأتي التقرير ضمن حملة تقوم بها “أوكسفام” في 45 دولة بدعم من الرئيس البرازيلي السابق لولا دا سيلفا والأسقف الجنوب أفريقي دزمون توتو الحائز على جائزة نوبل للسلام والمدافع عن حقوق الإنسان إضافة إلى الممثلة الأميركية سكارليت جوهانسون.
Leave a Reply