حسن خليفة – «صدى الوطن»
«قلت لها أن تعود إلى وطنها حاملة الميدالية الذهبية»، قال الرئيس أوباما أمام حشد من المسلمين الأميركيين خلال أول زيارة له إلى مسجد فـي مدينة بالتيمور الشهر الماضي.
كان أوباما يقصد بكلامه لاعبة رياضة المبارِزة بالسيف إبتهاج محمد، التي ستمثِّل الولايات المتحدة فـي أولمبياد ريو دي جانيرو هذا الصيف، لتصبح أول مسلمة أميركية تشترك فـي دورة الألعاب الاولمبية التي تقام مرة كل أربع سنوات وتعتبر المناسبة الأهم فـي عالم الرياضة.
لكن رحلة إبتهاج محمد التي انتهت بتصدُّرها عناوين الصحف الدولية واستحواذها على اهتمام الرئيس لم تكن دائماً سهلة ومليئة بالورود وكان عليها أن تتغلب على العديد من العقبات طوال مسيرتها الرياضية لتصبح بطلة المبارزة الأميركية من أصل أفريقي مصدر إلهام للمسلمين فـي الولايات المتحدة.
ومع مواصلتها التحضيرات والتدريباتٍ القاسية قبل انطلاق الأولمبياد فـي آب (أغسطس) المقبل، تؤكد محمد أنَّ الفوز بالميدالية الذهبية ليس هدفها الوحيد من المشاركة. فمحمد (٣٠ عاماً) أيضاً وضعت على عاتقها مهمة التصدي لموجات الإسلاموفوبيا المتصاعدة، إضافة الى تمهيد الطريق لنجاح الرياضيين من الأقليات العرقية والدينية على أنواعها.
«لقد كان هدفـي الرياضي هو دائماً التأهل للألعاب الأولمبية»، قالت محمد لـ «صدى الوطن» وأضافت «أشعر أنه بمجرد تأهّلي لأمثل أميركا، أكون قد حطمت الصورة النمطية عن الرياضي الأميركي»، معربة عن أملها بتقديم رسالة لشباب وشابات الأقليات «ليصنعوا أنفسهم بأنفسهم».
رحلة مميزة
وأردفت محمد، التي بدأت بارتداء الحجاب فـي سن ١٢ عاماً، انها اكتشفت كفاحها وتعطشها لتحقيق النجاح فـي قاعة الرياضة المدرسية حيث كان آباء التلاميذ الآخرين فـي كثير من الأحيان يحدقون باستغراب ويطلقون التعليقات بسبب لون بشرتها وحجابها.
لكن كونها مختلفة عن الباقين لم يزعج ذلك ابتهاج، وتُرجِع الفضل فـي ذلك إلى والديها اللذين ربّياها لتكون واثقة من دينها وبأن تمثل الإسلام بشكلٍ إيجابي، كما أشارت.
وأضافت أن احساسها بالانتماء لدينها الإسلامي دفعها الى اتباع الطريقة والسلوك الذي اختطته فـي حياتها.
«ما كان دائماً يوقعني فـي حيرة هو أن الآخرين كانوا يأخذون موقفاً من لون بشرتي أو من ديني وإيماني لكنني من ناحيتي كنت دائماً أحس براحة كبيرة»، أكدت محمد، غير أنها استدركت بالقولُ ان تعصباً كهذا لا يمكن أن يكون شيئاً مريحاً وقد يشكّل صدمة لبعض الأولاد».
ولهذا السبب أدت تجارب محمد الحياتية لاتخاذها قراراً أرادت من خلاله تغيير النظرة والمفهوم السائدين عن النساء والمسلمين فـي ميدان الرياضة، وتحديداً لعبة المبارزة بالسيف (فـينسينغ).
وأوضحت «لست هنا لأكون مجرد ممثلة قوية لبلدنا كرياضية محترِفة، ولكن أيضاً لأكشفَ حقيقة واقعة فـي هذا البلد، وأن أكون مصدر إلهام للتغيير فـيكون هناك المزيد من الكلام حول هذه الحقيقة» فـي إشارة منها الى التنوع داخل المجتمع الأميركي.
وعلى الرغم من أن محمد لا تستمتع بالضرورة فـي أن تكون تحت أضواء الشهرة ووسائل الإعلام، إلا انها تؤكد فخرها بأن تكون جزءاً من عملية التغيير التي يحتاجها المجتمع.
واستطردت انها فـي مطلع حياتها الرياضية -وهي فتية- كان من الصعب عليها أن تجد قدوة رياضية تحتذي بها لأنه لم يوجد مبارزون بالسيف يشبهونها. ولكن بعد انضمامها إلى مؤسسة رياضية مختصة بالمبارزة، وشهدت كيف أن أميركيين من أصل أفريقي برعوا فـي هذه الرياضة، أحسَّت بقدرتها على تحقيق شيء ما.
وعن هذا الجانب أفادت «إذا عرفت أن أشخاصاً فعلوا الأمر نفسه من قبل فهذا يشكل ارضية مفـيدة ويجعل من الأسهل كثيراً بالنسبة لك أن ترى نفسك تقوم بالعمل نفسه»، وأعربت عن اعتقادها بإنها الآن تستوحي من قبل كثيرين، ولكن اسم والدتها قفز الى الذهن اولاً باعتبارها كانت حافزاً لإنجازاتها وبسبب «روحانيتها الخاصة» و«لكونها لا تهدأ ابداً».
الإصرار على النجاح
فـي عام ٢٠١٢، لم تتأهل ابتهاج محمد لدورة الالعاب الاولمبية. وقالت انه كان من السهل بالنسبة لها أن تتخلى عن لعبة المباراة بالسيف خلال تلك الفترة. ولكنها أكدت أن عقيدتها الإسلامية دفعتها الى المثابرة والعزم ورفض الاستسلام.
وهنا السؤال يُطرَح ما هو سر البطولة؟
«البقاء وفـياً وصادقاً مع نفسك»، تقول محمد، وتضيف بأنه فـي الوقت الذي كانت تنهال عليها انتقادات الأصدقاء بسبب ولعها برياضة المبارزة بالسيف، التي كان يسميها بعضهم بـ«اللعبة الغبية» dorky، كانت محمد تصر على تحقيق النجاح عبر وضع «أهداف صغيرة» وتحقيقها و«لكنني قررت المواصلة لا لأرضي أحداً ولكن لأرضي نفسي».
وحثت محمد الفتيان والفتيات الصغار على خلق مسارات خاصة بهم وتبني أساليب مختلفة.
وعلى الرغم من أن بعض الألعاب تُعتبر رياضة نخبوية وليست متاحة للجميع، انتقدت محمد اتباع معايير مزدوجة لدفع الفتيان للمشاركة فـي الألعاب الرياضية، ولكن فـي نفس الوقت انتقدت الفتيات اللواتي يرُدن أن يفعلن الشيء نفسه.
ودعت المسلمين لتذكر أركان عقيدتهم ووقاية أجسادهم وإدخال النشاط البدني لحياتهم اليومية فـي سن مبكرة.
Leave a Reply