لمواصلة دراساتها العليا في «جامعة أوكسفورد» البريطانية
حازت الطالبة اللبنانية الأميركية نادين جواد (21 عاماً) على أهم وأرقى منحة أكاديمية جامعية في الولايات المتَّحدة وهي «منحة رودز»، ممَّا قد يجعلها أول طالبة عربية من مدينة ديربورن تحصل على هذا الشرف الكبير.
نادين، وهي طالبة في كلية جيرالد فورد للسياسة العامة في «جامعة ميشيغن–آناربر»، كانت واحدة من بين 32 طالباً على مستوى أميركا تم اختيارهم للدراسات العليا في «جامعة أكسفورد» في إنكلترا من خلال «منحة رودز». وتنوي جواد الحصول على شهادتي ماجستير هناك على أن يكون اختصاص الأولى في «دراسات اللاجئين والهجرة القسرية» والثانية في «الصحة الدولية والطب الاستوائي».
ويتم اختيار الطلاب الحائزين على منحة «رودز» بناء على معايير محددة تشمل تفوقهم وإنجازاتهم الأكاديمية الاستثنائية، ومدى انخراطهم في العمل الخيري، إضافة إلى مهاراتهم القيادية. وهذه المزايا تنطبق تماماً على جواد نظراً لمستواها الأكاديمي الممتاز وانتخابها لمنصب نائب رئيس الحكومة الطلابية في «جامعة ميشيغن»، إضافة إلى نشاطها الخيري المتمثل بإطلاق منظمة طلابية باسم «كتب للفائدة» وجهود اجتماعية أخرى.
وجواد سبق أن حازت أيضاً على «منحة ترومان» المخصصة لتدريب الجامعيين الذين يتطلعون إلى العمل في مجال السياسة والخدمة العامة.
الطريق إلى منحة «رودز»
تضمن طلب جواد للحصول على منحة «رودز» مقالاً (من ألف كلمة) تتحدث فيه عن نفسها، مرفقاً بالسيرة الذاتية وثماني رسائل توصية من أساتذة جامعيين، إضافة إلى رسالة من مستشارها الطلابي، ورسالة دعم أخرى من عميد الكلية (بروڤوست).
وأرسلت جواد طلبها إلى لجنة «رودز» الإقليمية، وهي واحدة من ١٣ لجنة تختار الطلاب الحائزين على المنحة في كافة أنحاء الولايات المتحدة، بواقع منحتين لكل لجنة إقليمية سنوياً.
وقد انحصرت المنافسة على منحتي «الإقليم ١١» بين ١٣ طالباً، بينهم جواد.
وعن وصولها إلى مرحلة التصفيات النهائية، ذكرت الطالبة اللبنانية الأميركية أنها أمضت فترة انتظار عصيبة كانت خلالها تروّض نفسها لتوقع عدم فوزها حتَّى لا تُصدم، ولكن عندما أعلنت اللجنة عن اسمها كأول الفائزين، أجهشت بالبكاء، وتوجهت إلى والديها بالقول «هذا كله من أجلهما».
وأوضحت جواد أن قصة هجرة والدها كانت مصدر إلهامها والدافع الرئيسي وراء اختيار اختصاصها، وتابعت «لولاه لما كان كل هذا الشغف لهذا الحقل».
«لقد سمعت من والدي عن كيفية مغادرته لبنان وترك منزله خلفه»، أسهبت جواد، وأضافت: «أنا أدرس عن الصحة ومناطق النزاعات واللاجئين وأحوالهم الصحية في ظل الحروب وكذلك لدى وصولهم إلى بلد جديد، وما هي الحواجز التي تعترض حصولهم على الرعاية الصحية اللازمة».
دعم عائلي
في شهر تشرين الأول (أكتوبر) الماضي، نشرت جواد قصة على مدونة إلكترونية محلية (ديربورن بلوغ) بعنوان «حق المرأة في الانتقال»، شرحت فيها تصميمها على الانتقال للعيش في مدينة آناربر لمواصلة دراستها في «جامعة ميشيغن».
وعن ذلك، أفادت جواد أنه قبل سنتين من تخرجها من الثانوية، ذكرت أثناء عشاء عائلي أنها ستتقدم بطلب الانتساب لـ«جامعة ميشيغن»، فأجاب والدها موافقاً «لأنها جامعة قريبة»، حيث كان يظن أنها تقصد حرم الجامعة في ديربورن، حيث تعيش مع عائلتها.
فسارعت جواد لتصحيح «سوء الفهم» وأوضحت لوالدها أنها تنوي الانتقال إلى آناربر، فأجاب الأب باختصار «كلا لن تفعلي».
واستدركت جواد ان جواب والدها السلبي لم يثر قلقها، لأنها كانت واثقة من إمكانية إقناعه، وقد فعلت. «أتمنى لو يكون كل الآباء منفتحين على محاورة بناتهم مثلما فعل والدي».
واليوم – وبعد حوالي خمس سنوات على ذلك العشاء العائلي– تتهياً جواد ليس لقيادة السيَّارة من ديربورن إلى آناربر، بل للسفر عبر المحيط الأطلسي إلى إنكلترا، حيث أنَّ والدها لم يمانع هذه المرَّة، بل أبدى كامل الدعم لابنته بعدما شهد كم عملت وكدت لبلوغ هذه المكانة الأكاديمية المميزة بالحصول على منحة «رودز» والدراسة في واحدة من أفضل جامعات العالم وأكثرها عراقة على الإطلاق.
وعن موقف والدها، أشارت جواد «بالطبع، هو خائف، ولكن أعتقد أنني أثبتُّ نفسي بجدارة في هذه السنوات الأربع حتى أنه بات يقول: أنا أثق بها وهذا في مصلحتها».
وأعربت جواد لـ«صدى الوطن» عن أملها في أن تلهم سيرتها المزيد من الآباء والأمهات العرب الأميركيين للتواصل مع أبنائهم وتشجيعهم على تحقيق شغفهم.
هارفرد بعد أوكسفورد
هدف نادين القادم، بعد الحصول على شهادتي الماجستير من «أوكسفورد» البريطانية، هو الانتساب إلى كلية الطب في «جامعة هارفرد» الأميركية، مع الإبقاء على خياراتها مفتوحة لدراسة الطب في «جامعة ميشيغن» أو «ستانفورد» أو «جامعة كاليفورنيا–سان فرانسيسكو» كخيارات بديلة.
ومضت تقول إنها ترغب بالانضمام إلى «جامعة هارفرد» في بوسطن، لأن لديها –الجامعة– مستشفى «بريغام» النسائي، بالإضافة إلى مستشفى آخر يخدم المشردين، معربة عن إعجابها بهذين النموذجين الاجتماعيين اللذين يتطابقان تماماً مع اهتماماتها، «لأنني لا أنظر للطب كمجرد علم وحسب… بل أراه من منظار إنساني كوسيلة لتحقيق الصحة العامة» مؤكدة أن «هارفرد ستكون مناسبةً جدَّاً لي».
وأفصحت جواد عن رغبتها في أن تصبح طبيبة نساء وتوليد أو طبيبة أسرة مع منظمة الصحة العالمية أو الأمم المتحدة، حتى تتمكن من مساعدة المرضى داخل مناطق النزاع والحروب. وهي ستكرس فوزها بالمنحة القيِّمة لمساعدة مجتمعها وجميع المجتمعات المهمشة الأخرى.
وختمت بالقول «لا أعرف ما فعلته حتى اختارني الله، لذلك ولكني سأفعل كل ما بوسعي ليكون عملي ليس فيه إفادة لنفسي فقط».
Leave a Reply