كم هي مضحكة المفارقة في تعاطي الغرب ووسائل إعلام دول الاعتلال العربي وتعاطفهم الولهان مع الشعب الإيراني! بل إن المفارقة الأكثر عجباً هي إعجاب رئيس وزراء الكيان الصهيوني النتن بالمتظاهرين في إيران ”واحترامه” لهم (يذكرنا بدعم حكومة أولمرت سابقاً لفؤاد السنيورة وهذه خطوة لم يسبقه إليها إلا محمود عباس). القضية ببساطة يا إخوان وأخوات لا قضية مير حسين موسوي الذي لا يساوي لإسرائيل ودول الاختلال العربي والغرب المثكول ”قشرة بصلة” كما نقول في أمثلتنا العامية. ألم يقل إيهود باراك إن كل الإيرانيين سواسية في التطرف فلنكن حذرين؟ ”القصة ليست قصة رمانة، بل قلوب مليانة” ضد الجمهورية الإسلامية في إيران بسبب مواقفها الثابتة والمبدئية والعادلة وخصوصاً فيما يتعلق بما يفترض أن تكون قضية العرب الأساسية المقدسة ألا وهي قضية فلسطين هذا الموقف الإيراني المشرف الذي فضح العرب وعراهم وهم يتاجرون بقضية فلسطين ويقدمون التنازلات تلو التنازلات في وجه العربدة الإسرائيلية والمجازر الصهيونية، هو سبب وخلفية عداء الأنظمة العربية للجمهورية الإسلامية الإيرانية هل هناك من هو أكثر عهراً من موقف هذه الأنظمة وهي تتفرج على حرب إسرائيل ضد لبنان عام ٢٠٠٦ فتلوم الضحية وتبرئ الجزار؟ بل هل هناك أِشد مضاضة وإيلاماً من مشاركة العرب المتخاذلين في المذابح الإسرائيلية ضد أبناء الشعب الفلسطيني في العام الماضي؟ بالأمس فقط قدم وزراء خارجية الأنظمة العربية تنازلاً جديداً باستعدادهم لتعديل حدود ١٩٦٧ والتطبيع الكامل مع إسرائيل ”لمساعدة أوباما”! هل سمع الإعلام العربي بهذا الخبر المسروق الذي مر بهدوء أم كان مشغولاً ينعي ”الديمقراطية العظيمة” التي لفظت أنفاسها في شوارع طهران والتي هي ممنوعة وكأنها طاعون في عواصم الاعتدال؟ الانتخابات الإيرانية التي وصفها العالم العربي والغربي الحاقد بأنها مزورة فور إعلان النتائج (كيف عرف فرنسا ساركوزي الذي شكله أقرب إلى شكل أحد زعران الحارة منه إلى رئيس دولة ”عظمى” بأن الانتخابات مزورة في نفس اليوم بعد أن فقع تصريحاً يرفض فيه لبس النقاب الإسلامي لأنه ”استعباد” للمرأة ولم تحرك دول الاعتدال ساكناً)، ما هي إلا ستار وضغينة وحسد وكره (مذهبي) لإيران الثورة التي استطاعت أن تقيم ١٠ انتخابات رئاسية وتتداول فيها السلطة بعكس أصحاب العروش والفخامة الذين يتوارثون السلطة أباً عن جد. وما هذا الحشد الإعلامي الغربي ضد إيران الذين وانتخاباتها إلا حماية لإسرائيل وخطة غربية صهيونية لصرف الأنظار عما يجري في فلسطين وخصوصاً في القدس الشرقية من تهويد وهدم للمنازل العربية وبناء المستوطنات وتهيئة الرأي العام العربي (فالأنظمة مهيأة ومستعدة مسبقاً) بأن إيران هي العدو المشترك للعرب وإسرائيل ويجب التكاتف مع إسرائيل في خندق واحد لمحاربتها وفي هذا الإطار نفهم العرض العربي التنازلي الجديد حقائق الانتخابات الإيرانية أصبحت معروفة حيث أن نسبة التصويت بلغت ٨٤ بالمئة وهي الأعلى في العالم، تجعل ديمقراطيات الغرب تخجل من نفسها حيث معدل التصويت فيها لا يتعدى ٥٠ بالمئة إلا قليلاً، وهذه النسبة العالية أثارت حنق موسوي الذي هو المرشح الوحيد في العالم الذي يريد أن يفوز بالقوة ويعلن فوزه قبل فرز الأصوات (باستثناء الحكام العرب طبعاً أصحاب النسب العالية بالفوز الديمقراطي)، ثم يرتضي أن يضحي بمصالح وأمن بلده القومي ويكون حصان طروادة للغرب الحاقد وأنظمة الاعتدال الذين يتباكون اليوم على الديمقراطية في إيران والتزوير المزعوم لكنهم تناسوا إن الولايات المتحدة وفرنسا والسعودية زوروا الانتخابات اللبنانية بالرشاوى المالية واستقدام المغتربين من كل أصقاع العالم واستفروهم بشكل لم يسبق له مثيل حتى عندما كان الكيان، الذي خاف على عروبته ”بطرك بكركي”، في خطر الزوال بسبب عدوانية إسرائيل (هذا البطرك الذي عاد إلى لبنان في عز دين الحرب الإسرائيلية عام ٢٠٠٦ على متن طوافة عسكرية أميركية فالتزوير والرشاوى والتزييف في لبنان ضمن لبنان قانون انتخابي مسهل للحرب الأهلية الجديدة هو حلال بحلال، لكن ادعاءات التزوير الباطلة (التي لم يتمكن الغرب بقضه الإعلامي ”وقضيضه الانترنيتي” من إظهار دليل واحد على هذا التزوير) تستدعي الويل والثبور وعظائم الأمور ثم سبحان الله على هذا العطف الحنون على الشعوب الإيراني: من أين جاء؟ ألم يكن هذا الشعب موجوداً عندما وقف الغرب متفرجاً أو مشاركاً مع أنظمة الاعتدال العربي على الطاغية صدام حسين وهو يقصف المدن الإيرانية الآهلة بالسكان بصواريخ سكود وغيرها ويفتك بالمدنيين العزل في حرب استمرت ٨ سنوات بدعم وتمويل وتحريض من نفس الأنظمة المتباكية اليوم والذارفة للدمع المدرار على شعب إيران؟ إنه ”العهر السياسي” بعينه تمارسه هذه الدول وفي وضح النهار، لكنه لن ينطلي على أصحاب العقول النيرة، لأن تمنيات هذه الأنظمة الحاقدة على إيران ما هي إلا أضغاث أحلام وعدم فهم لدينامية الشعب الإيراني الذي يعرف كيف يحفظ ثورته من ”الثورات” البنفسجية أو المخملية أو غيرها من الألوان الباهتة أو ”كثورات” فاقدة للمنطق والسيادة كثورة البطيخ والملفوف في لبنان (والتي أطلق عليها بولتون ”ثورة الأرز” فنال من ١٤ آذار ”درع الأرز”) والتي ظنت أنها حررت لبنان فراحت تعطي دروساً في الحرية لكونها استبدلت وصاية بتبعية كم من الفواحش ترتكب باسمك أيتها الثورات
Leave a Reply