كلما مررت بقرب بنك، هنا في بلاد الغربة، أقول في نفسي: لماذا لا يفتحون بنكا للأخلاق والمودة ليقترض منه بعض أفراد الجالية القادمة من الشرق الأوسط ممن يعانون “أنيميا” حادة في الأدب ومن الإفلاس في المحبة وشجونها، وبحاجة مستمرة الى سيولة من المشاعر الإيجابية تجاه بعضهم البعض، ممن ضيعوا قلوبهم البيضاء ولم يحسبوا حساب الأزمات السوداء التي تدفعهم إلى انهيار عاطفي وإنساني حاد كلما دق الكوز بالجرة في أوطانهم الأم.
ما من إنسان عاقل، سواء أكان مسلما أو مسيحيا أو ملحدا إلا ويرفض الحجج مهما كان لونها لتبرير قتل النفس البريئة التي حرم الدين والشرع قتلها. وما جرى مؤخرا في بغداد والاسكندرية وتفجير الكنائس والمصلين فيها هي أعمال شيطانية ومرفوضة ومدانة من كل المسلمين وبريء منها الدين الإسلامي الذي يدعو إلى محبة الله بالحكمة والموعظة الحسنة.
ومعظم فعاليات الجالية العربية عموما والإسلامية خصوصا، أدانت هذه الأعمال، لكن هناك للأسف بعض النفوس المشتتة والآذان الصماء، ليست على استعداد للسمع، وأعمى بصيرتها رؤية حقيقية أننا كلنا في الحزن سواء. وما من إنسان مسلم هنا أو في العالم إلا وشعر بالحزن والألم مع كل شخص مسيحي أصيب أو فقد حبيب له في تلك التفجيرات.
للأسف، كل ذلك، لم يلق ثمرا في قلوب صخرية، فراحت تزعق وتسب وتشتم المسلمين والدين الاسلامي والتطاول على النبي محمد ووصفه بأقذع الصفات على الإذاعة المحلية والمسموعة هنا في ديربورن، وعبر الانترنت في جميع أنحاء العالم.
وهنا أتساءل: هل هذه الشتائم والمسبات والأقوال القبيحة والآراء التحريضية ضد العرب والدين الاسلامي هي الدواء الشافي للقلوب المجروحة والنفوس المكلومة جراء التفجير؟ وهل هي تعبير عن الحضارة الخلاقة، والدين الأعلى، والمعتقد “السوبر” الذي لا ينفكون يدعون إليه آناء الليل وأطراف النهار؟
“آه، لو استطاعوا أن يختفوا، يجب أن يتركوا أميركا!”. “ماذا يفعلون هنا، سوى الانجاب وتلويث البيئة؟”. “الحجاب المزعج والبراقع السوداء، مظاهر تخلّف يجب منعها هنا في أميركا”.
للأسف هذه المقولات تقال وتعاد عبر أثير بعض الاذاعات هنا ويرددها بعض المذيعين والمذيعات، ممن ليس لديهم ذرة من اللياقة وهم بعيدون كل البعد عن الأخلاق سواء الشرقية أو الغربية.
إذا كانت آراء هؤلاء المذيعين والمذيعات تعبر عنهم فقط، فهي دليل ساطع على نقص الاحترام والفهم لأنفسهم، وإذا كانت تلك الفلسفات تقف وراءها بعض المؤسسات الفتنوية والفئوية، فهي تبشر بانقسام عظيم، وإنحدار إلى الهاوية الطائفية والغرق في وحول الكبر والعصبية، تماما كما هو واقع في الشرق الأوسط، حيث الجميع خاسرون والرابح الأكبر من كان يسمى عدوهم المشترك.
ما يلزم هؤلاء المذيعين والمذيعات بنك من الأدب واللياقة في الكلام والتعبير ووضع حد لكل الآراء السفيهة والمتطرفة والتي تدعو للفتنة الطائفية والعرقية على عينك يا تاجر. عيب ومخجل ما تردده بعض الإذاعات المحلية لإشاعة الفرقة ونبذ روح الإخاء والتسامح وبث الرعب في قلوب الجالية العربية والمسلمة.
Leave a Reply