The secret is to gang up on the problem,
rather than each other.
Thomas Stallkamp
«السر يكمن في أن ننقض على المشكلة، لا على بعضنا البعض».
توماس ستلكامب
بعد أن طرحنا في مقال سابق جملة من نقاط الضعف التي توهن مجتمعنا العربي هنا، سنتناول في هذه المقالة البحث في محور واحد يحتاج الى معالجة حقيقيةً.
يزور ديترويت الكبرى حوالي 15 مليون زائر سنوياً وينفقون قرابة خمس مليارات دولار في هذا الجزء من الولاية.
السياحة تعتبر من أهم القطاعات الإقتصادية إنتاجاً ويدخل في صلب ذلك قطاع الخدمات. ولا يخفى على أحد أن المؤسسات الخدمية من مطاعم ومقاهي ومحطات بنزين وإستهلاكيات تموينية هي العصب الأساس لهذه الجالية. وقد شهدت هذه المؤسسات إزدهاراً ملحوظاً في أوقات معينة. فمثلاً بلغ وضع محطات البنزين أوجه قبيل النكسة الإقتصادية عام 2008 ثم أخذ في التّراجع. وكذلك حققت المطاعم والمقاهي إزدهاراً حقيقياً في الآونة الأخيرة وبلغت شهرة بعض المحال جميع أرجاء أميركا حتى اقترن إسم بعضها بديربورن.
التنافس امر مهم في مجال الاعمال، فمن شأنه رفع مستوى الخدمات والإسهام في تطور القطاع التجاري. لكن حالة التنافس بين المؤسسات التجارية في ديربورن أخذت منحى سلبياً في بعض الأحيان وصل الى حالة العداوة بين ابناء الكار الواحد. حتى لقد وصل هذا التنافس السلبي الى مستوى خطير حين أدى الجشع الى أن يقتل صاحب محطة جاره بسبب اختلاف حول سعر البنزين (٣ سنتات).
فصاحب المطعم مثلاً تكاد تصيبه جلطة حين يعلم أن مطعماً آخر سيفتح بالقرب منه، وهذا الجزع يدعو الى الإستغراب، فهل هو يا ترى ناتج عن عدم ثقته بمستوى الخدمات التي يقدمها وقدرته على جذب الزبائن؟ أم أنه ناتج عدم دراية بأن كثرة الخيارات من مطاعم أو محال تجارية ولو كانت قرب بعضها هي بحد ذاتها عامل جذب للزبون الذي يحب دائماً أن يكون لديه أكثر من خيار، ولاشك أنه كلما زاد عدد الزائرين الى شارع أو سوق معين فإن الجميع يستفيد. هذا ليس أمراً غريباً على هذه البلاد بالمناسبة، فقط انظروا كيف أن المحال التجارية الكبرى في فارلاين وغيرها من الاسواق تتجمع قرب بعضها وكلها تحقق الأرباح لأن الرزق على الله.
أمر آخر غير صحّي هو تقليد ونسخ المشاريع الناجحة، فحين تنجح فكرة تجارية معينة أو محل معين تراها تستنسخ في مدينتنا دون أي ابتكار جديد. لا بأس بالمزيد من المطاعم أو المقاهي أو الصيدليات أو…أو… ولكن فكّر بحاجة السوق وقدّم شيئاً جديداً مميزاً تضع لمستك أنت فيه.
في المدن القريبة أمثلة ناجحة عديدة، داون تاون رويال أوك، بليموث، برمنغهام.. وحتى غرب مدينة ديربورن، على شارع ميشغن أفينيو، حيث أصبحت المؤسسات التجارية في هذه الشوارع مقصداً لزوار المنطقة الذين يريدون الإستمتاع بلقمة طيبة والإختلاط مع الناس وخاصة في أيام الربيع والصّيف بعد شتاء قارس موحش كهذا.
لدينا مميزات مهمة جداً في منطقة ديربورن قادرة على جذب السياح من أنحاء أميركا والعالم. إن أحسنّا التعاون بدلاً من التنافس السلبي عاد الخير على الجميع وشهدنا إزدهاراً أكبر من تلك المدن التي ذكرتها.
أوّل ميزة لشرق ديربورن أنها أصبحت مقرونة بالعرب، فلنستغل ذلك لتحويلها مقصداً للتعرف والتناول من كل ما هو عربي على مثال الأحياء الصينية والمكسيكية والإيطالية والألمانية.
ديربورن مدينة هنري فورد ومقر شركاته بموظفيها الخمس وخمسين ألف، فيها متحف وقرية هنري فورد السياحية وهي أكبر متحف مسقوف ومكشوف في أميركا وهذا وحده يجعل المدينة مقصداً للسياح ورجال الأعمال على حد سواء، ولكن ما المانع في أن يتحول شارع وورن مثلاً الى مقصد سياحي. خاصة وأن ديربورن قريبة من الحدود مع كندا وقريبة من ديترويت ومطارها الرئيسي الذي يستقبل ملايين الزوار سنوياً لاسيما في موسم معرض ديترويت الدولي للسيارات والمباريات الرياضية وغيرها.
بإمكان أصحاب المصالح التجارية من أبناء الجالية العربية في ديربورن أن يتعاونوا لجذب هؤلاء الى أحيائنا ليصرفوا دولاراتهم بيننا. فلماذا مؤسساتنا غائبة عن حملة Pure Michigan التي تسعى الى تنشيط السياحة في الولاية عبر إنفاق ملايين الدولارات لبث الإعلانات على المستوى الوطني؟. ولماذ رجال الأعمال الأثرياء من العرب الأميركيين شبه غائبين عن جهود إعادة إحياء مدينة ديترويت التي تضم أصلا مئات المصالح التجارية التي يملكها العرب والكلدان والتي ستنعكس إيجابا على الجالية العربية في الضواحي، مثل ديربورن ومرتفعاتها؟. لماذا لم تبذل الجهود الجدية لجعل ديربورن مقصداً سياحياً فريداً في المنطقة؟. ولا ننسى أن هذا لا يتم بجهدٍ فردي بل هو بحاجة للتعاون وتضافر الجهود والى إستراتيجية واضحة.
هنا نجد أنه لا بد من اقتراح تشكيل جمعية تجار للمناطق التجارية في ديربورن لاسيما شارع وورن، وذلك عبر التعاون بين أصحاب المحال والمؤسسات التجارية والمطاعم والمقاهي والأفران ومتاجر الحلوى ومحلات البقالة وغيرها، على أن يكون هدفها التعاون لخدمة الواقع التجاري في ديربورن على عكس إهتمامات المؤسسات الإقتصادية العربية القائمة حالياً التي لا نرى لها أي أثر فعلي في مدينتنا سوى مأدبات العشاء والتنظير.
على سبيل المثال يمكن إنشاء جمعية تجّار شارع وورن لينصّب جهدها على خلق حركة سياحية تجذب الزوار من المدن المجاورة وصولاً الى جعل «الحي العربي» مقصداً لجميع زوار المنطقة، إن كان من خلال مهرجانات التسوق (غير مهرجان ديربورن «العالمي») أو تزيين الشوارع في المناسبات والأعياد العربية والإسلامية كشهر رمضان وليالي السحور فيه. ولعل أهم ما باستطاعة هكذا جمعية أن تفعله هو أن تعمل على إدراج ديربورن بقوة على لائحة المناطق السياحية في الولاية أو ببساطة تمويل اعلانات على الطرقات السريعة أو في المطار والفنادق تدعوا الناس لزيارة الـArab Town
قائمة الأشياء التي يمكن فعلها لتعزيز الحركة التجارية على شارع وورن كثيرة وجدواه الإقتصادية بيّنة لكل أصحاب العقول التجارية، الأمر بيد هؤلاء الذين يفهمون السوق الأميركي وآفاقه.. هي مسؤوليتهم تجاه المجتمع وتجاه ابنائكم الذين سيرثون عنكم ما تزرعونه اليوم، وهو مسؤولية تجاه أعمالكم وتجارتكم التي لا شك أنها ستزدهر بهكذا عمل. فانظروا ماذا أنتم فاعلون!
الموعد في الاسبوع القادم مع حوار آخر. s-alameen@hotmail.com
Leave a Reply