القاضي روزين: نظامنا القضائي مازال صالحا.. رغم بعض الأخطاء والتجاوزات
ديربورن – خاص “صدى الوطن”في حفلها السنوي العاشر لتكريم القضاة، كرمت “اللجنة العربية الأميركية لمكافحة التمييز” (أي دي سي)، فرع ميشيغن، مساء الأربعاء الماضي، في صالة “بيبلوس” في مدينة ديربورن، كلا من القاضي في محكمة مقاطعة وين تيموثي كيني والقاضي في محكمة ديربورن هايتس (الدائرة الـ20) العربي الأميركي ديفيد طرفة، وذلك بحضور مسوؤلين ومنتخبين وعدد كبير من العاملين في سلكي القضاء والقانون.
وقال المدير الإقليمي للجنة عماد حمد: “إننا اليوم إذ نحتفل بتكريم القضاة للعام العاشر على التوالي، فهذا يبعث في نفوسنا الحماسة ويحثنا على متابعة هذا التقليد”.
من ناحيته، أعرب القاضي كيني عن سعادته بالتكريم قائلا: “لقد فاجأني هذا التكريم وأنا أشعر بالامتنان وأعتبر نفسي محظوظا كونكم تقومون بتكريمي”. وأضاف “أنا أيضا سعيد لكوني ألعب دورا جزئيا في النظام القضائي الذي يحمي المواطنين ويضمن حقوقهم وكراماتهم”.
القاضي طرفة شكر بدوره اللجنة على تكريمها وأضاف بالقول: “إن إسمي موجود على لوحة التكريم ولكن كان يجب أن يكون عليها أسماء كثيرة من عائلتي وأصدقائي وزملائي والكثيرين، وهؤلاء أنا أصفق لهم جميعا وأحييهم”.
الكلمة الرئيسية
وألقى رئيس قضاة المحاكم الفدرالية في ولاية ميشيغن القاضي جيرالد روزين الكلمة الرئيسية في الحفل الذي حضره معظم القضاة الذين كرمتهم اللجنة في احتفالاتها السنوية السابقة، وخاطبهم بالقول: “أنتم تمثلون القيم الرئيسية والنبيلة لنظامنا القضائي وتحرسون حقوق من يقفون أمامكم بغض النظر عن الدين واللغة والعرق والخلفية الثقافية”.
ونوه روزين إلى أن كون “سيدة العدالة” (رمز العدالة في أميركا) معصوبة العينين، لا يعني أن العدالة الأميركية عمياء، بل يعني أن الناس الذين يملكون السلطة والقوة والثروة يجب أن يتعاملوا بعدالة ومساواة مع الناس، وكأنهم لا يرونهم، بمعنى أنه يجب التعامل معهم بغض النظر عن اللون والدين والعرق والجنس وغيره.
وشدد روزين على ضرورة الإيمان بالقيم الأميركية تلك التي دفعت بالملايين الى التوجه إلى أميركا واختيارها وطنا بديلا، وأشار إلى أن أجداده “قدموا إلى هذه البلاد العظيمة ليس فقط من أجل التمتع بالفرص المتاحة وإنما ليصبحوا مواطنين أميركيين يقوم الدستور بحماية حقوقهم”.
وتحدث روزين عن تجربته الشخصية في محاكمة أربعة شبان من أصول عربية اعتقلوا بتهمة الإرهاب في ديترويت في أعقاب أحداث “١١ أيلول”، قائلا “لقد كانت محاكمة صعبة وكنت قلقا للغاية وحريصا أن يحظى هؤلاء الأشخاص بحقوقهم الدستورية في المحاكم، وفي ذلك الوقت كان الأمر امتحانا واستحقاقا، فقد كانت أعين العالم مصوبة نحونا، لترى إن كنا سنحافظ على تقاليدنا القانونية، أم لا”.
وانتقد القاضي روزين الخلل والتجاوزات الدستورية التي رافقت تلك المحاكمة حيث انبرى إلى تشكيل لجنة تحقيق خاصة بتلك القضية وإعادة محاكمة الشبان الأربعة، وخلص روزين إلى نتيجة مفادها: “إن نظامنا القضائي مازال صالحا”.
وأضاف “وقتها جاء الكثيرون وامتدحوني ولكنني كنت أفكر بطريقة مختلفة. كنت أفكر أنني أقوم بواجبي وأظن أن كل واحد من القضاة الموجودين هنا أقسم على الالتزام بالدستور ويقوم بمهمته كما يجب، وإننا اليوم إذ نكرم القضاة في الحفل، فإننا نكرم النظام القضائي بأكمله”.
تأسيس جمعية للمحامين العرب الأميركيين
وأعلن المدير القانوني لـ”أي دي سي” الوطنية عبد أيوب أن اللجنة قامت بتأسيس “جمعية المحامين العرب الأميركيين” في واشنطن، حيث من المقرر مستقبلا افتتاح فروع لها في ديترويت ونيويورك وشيكاغو ولوس أنجلوس، داعيا المحامين إلى الانضمام إليها “لنعمل معا ويدا ويدا من أجل التعامل مع قضايا العرب المختلفة والتي تم تسييس الكثير منها بعد أحداث ١١ أيلول”.
وشدد أيوب أن الوقت حان “ليعمل العرب الأميركيون ويشاركوا في بناء المجتمع الأميركي بوصفهم شريحة منه، لا أقلية متوجسة، ففي النهاية نحن أميركيون صرفا، وعرب صرفا”.
وكانت عضو الهيئة الاستشارية في الـ”أي دي سي” سهام جعفر عواضة قد افتتحت الحفل بالترحيب بالقضاة المكرمين والضيوف المدعوين، ولفتت إلى أن يوم الاحتفال يوافق “يوم السلام العالمي” وقالت: “إن العالم يصبح أكثر فأكثر تمييزا ضد العرب والمسلمين”، وأملت أن يكون باستطاعتنا كبلد تجاوز هذا المأزق “وأن نتطلع قدما مع النظر إلى الوراء من أجل تعلم الدروس”.
وبدوره تساءل رئيس الهيئة الاستشارية شريف عقيل “أين كنا خلال العشر سنوات الماضية؟ وماذا يعني هذا الحفل بالنسبة لنا؟”.
وقال عقيل: “إن 11 أيلول صدم أمتنا وأخذنا إلى مواقع تراجيدية، ولكن الدستور لا يجب أن يتأثر بالصدمة، بل يجب أن يبقى قويا ومتماسكا وملاذا لحماية المواطنين، فالدستور هو الذي يمكن القضاة ويمنحهم السلطة لاستجلاء الحقيقة ومن ثم تنفيذ ما يتوجب عمله، ولذلك فنحن نقوم بتكريمهم اليوم”.
لقطات
في لقطة مؤثرة وخاصة، تقدم القاضي ديفيد طرفة بالشكر لمن سانده في رحلته الشخصية والمهنية. شكر أبويه وأخوته وزوجته وأصدقائه وزملائه، لكنه بث رسالة خاصة إلى أمه (التي تشبه أمهاتنا جميعا). قال “في هذه اللحظة أود أن أتقدم بالشكر العميق لمن كانت دوما في الكواليس، وسوف أذهب إليها لأضعها في قلب المشهد الحقيقي”. وتوجه طرفة وسط تصفيق حار إلى الطاولة التي تجلس إليها أمه، وقدم لها باقة من الزهور.
أثنى القاضي تيموثي روزين على المأكولات العربية، وخص بالشكر مدير “صالة بيبلوس” جو بزي، وقال: “لقد جئت إلى ديربورن لمرة واحدة قبل الآن، وكان ذلك في حفل تجنيس أقيم في هذه الصالة. وعندما وجهت إلي الدعوة لإلقاء الكلمة الرئيسية في حفل تكريم القضاة، وبعد معرفتي بأن الحفل سيقام في هذه الصالة. قلت فورا: أنا موافق.. متجاوزا كل الإجراءات الإدارية”.
Leave a Reply