هل تصلح الخطة ما أفسده دهر الممارسات العابثة؟
واشنطن – خاص «صدى الوطن»
أعلن بنك الإحتياط الفدرالي الأميركي عن خطة لوضع قيود على القروض العقارية السكنية ذات المخاطر العالية، على ضوء إقراره بأن مؤسسات الإقراض المالي باعت بكثرة قروضاً خادعة لزبائن غير قادرين على تسديدها أو من ذوي المعدلات الإئتمانية المنخفضة. وتقضي القواعد الجديدة التي أعلن عنها يوم الثلاثاء الماضي بإرغام شركات الإقراض العقاري على إظهار أن زبائنها قادرون بصورة واقعية على القيام بأعباء القروض وفوائدها.وتتطلب الإجراءات الجديدة من مؤسسات الإقراض الإفصاح عن رسوم البيع «المخفية» والتي غالبا ما تندمج في أقساط الفائدة، إلى جانب حظر بعض أنواع الإعلانات الترويجية.وسوف يكون بإمكان المقترضين مقاضاة الدائنين في حال أقدموا على مخالفة القواعد الجديدة المعلن عنها، على أن تحدد قيمة التعويض عن الضرر، بمبلغ معيّن تبعاً لقيمة القرض وشروطه. وقال رئيس بنك الإحتياط الفدرالي بين برنانكي «إن الأعمال والممارسات الخادعة تؤذي ليس فقط المقترضين وعائلاتهم بل المجتمع بأكمله وبالتالي الإقتصاد بصورة عامة». وتمثل القواعد الجديدة المقترحة التي يتوقع إقرارها بعد مرور ثلاثة أشهر إفساحاً في المجال أمام الملاحظات العامة عليها، تراجعا حاداً عن رفض مزمن من قبل الإحتياط الفدرالي للإشراف على ممارسات الإقراض فرضته أزمة الرهن العقاري التي برزت الصيف الماضي.ولم تصل التغييرات المقترحة التي لا تنطبق على الرهن العقاري المتعارف عليه للمقترضين ذوي السير الإئتمانية الجيدة، إلى حدود منع جميع الممارسات التي تعرضت لإنتقادات واسعة خلافاً لرغبة الكثير من مجموعات المستهلكين. غير أن هذه التغييرات حازت على الثناء من قبل بعض نقاد قطاع الإقراض الذين إشتكوا طويلاً من أن بنك الإحتياط الفدرالي بإدارة آلان غرينسبان تجاهل باستمرار «إشارات المشكلة».وتساءل مدير «مركز الأبحاث الإقتصادية» في واشنطن وهو مجموعة بحث ليبرالية، دين بايكر عن سبب عدم القيام بهذه الإجراءات البسيطة والبديهية منذ 7 سنوات. وأضاف إنه لو جرى تطبيق هذه الإجراءات قبلاً لشملت 30 بالمئة من عمليات الرهن العقاري في العام 2006.ورأت بعض مجموعات الدفاع عن المستهلكين التي حذرت لسنوات من الممارسات العابثة في مجال الرهن العقاري أن خطوة البنك الفدرالي جاءت ضعيفة ومتأخرة. وقالت نائبة الرئيس التنفيذية «لمركز الإقراض المسؤول» في درهام، نورث كارولاينا إن القواعد الجديدة المقترحة لن تقدم شيئاً يذكر لمساعدة مئات الآلاف الذين إما أصبحوا عاجزين عن سداد القروض أو معرضين لخسارة بيوتهم عندما ينتهي مفعول أسعار الفائدة التشجيعية وتقفز أقساطهم الشهرية بنسبة 30 بالمئة أو أكثر. ويكمن المؤشر الأكثر أهمية في خطة البنك المركزي (الفدرالي) نحو نزع التغطية عن الممارسات غير المسؤولة في مجال الرهن العقاري في كيفية تحديد القروض التي ستكون مشمولة بإجراءات الحماية وتترك المقترحات الجديدة مساحة مرنة من خلال الطلب إلى الدائنين تقديم «دليل يعوّل عليه بصورة معقولة» حول دخل الفرد، وهو تعريف يمكن أن يتيح لأصحاب الأعمال الصغيرة وآخرين ممن يصعب تأكيد مداخيلهم بترتيب شروط الحصول على القروض بفوائد أساسية تشجيعية، وإلى جانب ذلك رفضت الخطة الجديدة حظر ممارسات الإقراض المعتمدة على الفوائد المتحرّكة الأكثر عرضة للإنتقاد المتضمّنة غرامات السداد المبكر. وتجادل مؤسسات الإقراض بأن غرامات السداد المبكر للقروض هي غالباً أساسية لأنها توفر للمستثمرين ضمانات بربح أكبر من ذلك الناجم عن الفوائد المتدنيّة التشجيعية.وفي حين لن يعود بمقدور المؤسسات الدائنة إخفاء رسوم بيع القروض التي تذهب عادة للوسطاء وحيث كان الدائنون يبلغون المقترضين بإعفائهم من «أي رسوم» أو حتى من تكاليف التخمين ولكنهم يضمنون هذه الرسوم فيما يطلق عليه تسمية «النمو التدريجي لسعر الفائدة»، فإن المقترحات الجديدة لن تحظر هذه الممارسة وتفرض عوضاً عن ذلك أن تُفصح المؤسسة الدائنة عن مبلغ الرسوم بدقة والحصول على موافقة المقترض الخطية عليها.ويعلق رئيس تحالف إعادة الإستثمار جون تايلور على هذه القيود بالقول «إن مجرد الإفصاح عن الرسوم ليس كافياً لأن مشتري العقارات السكنية يجدون أنفسهم أمام سيل من الوثائق التي يجب التوقيع عليها ويمكن أن يغفلوا بسهولة عن أهمية ما يتم التوقيع عليه من وثائق». ويضيف «ليس المطلوب من المقترضين أن يكونوا محامين أو خبراء ماليين لأجل حماية أنفسهم من ممارسات الإقراض المجحفة والخادعة».
Leave a Reply