ديربورن
أحيت مؤسسة «الأمل» الاجتماعية بأميركا الشمالية، وممثلية المجلس الشيعي الأعلى بمدينة ديربورن، والمؤسسات الإسلامية في منطقة ديترويت، السبت الماضي، ذكرى أسبوع، المرجع العراقي، آية الله العظمى السيد محمد سعيد الحكيم، والعلامة عبدالأمير قبلان، رئيس المجلس الشيعي الأعلى بلبنان، ورئيس الهيئة الشرعية في حركة «أمل».
وتقدم جمهور المعزين ممثل حركة «أمل» في الولايات المتحدة، الدكتور محمد الدغيلي، وممثل المجلس الشيعي السيد إبراهيم صالح، وممثل آل الحكيم، السيد حسين الحكيم، ونجل الشيخ عبد الأمير الحاج عباس قبلان، إضافة إلى العديد من الفعاليات الإسلامية في منطقة ديترويت.
وافتتح مجلس العزاء بآيات من الذكر الحكيم، تلاها المقرئ الحاج أحمد حمدان، أعقبها كلمات أشادت بالمناقب العلمية والأخلاقية للراحلين الكبيرين.
وخلال الحفل الذي أقيم في «المركز الإسلامي في أميركا» بمدينة ديربورن، وقدمه الإعلامي قاسم دغمان، أشاد الدغيلي بمسيرة الشيخ قبلان التي امتدت لأكثر من نصف قرن، والتي واظب فيها على «زرع المحبة والعدالة والوفاء، والالتزام بأخلاق الإمام المغيب السيد موسى الصدر»، وقال: «لقد كنت تتطلع دائماً لبناء وطن العدالة والشراكة والوحدة الوطنية.. وإننا نفتقدك اليوم أباً حنوناً وعلامة مجاهداً وقائداً تميزت حياته بالبذل والعطاء».
وأوضح الدغيلي بأن الشيخ قبلان كان «نموذجاً» لرجل الدين الذي يتحلى بطيبة القلب وسمو الأخلاق، والذي يتحدى الصعاب والمحن من أجل مساعدة الناس. وقال: «لقد كنا نراه مع الإمام القائد موسى الصدر وهو يصول ويجول في قرى الجنوب، وفي جميع القرى المحرومة في لبنان، لكي يساعدوا المحرومين والمظلومين والمعتّرين».
ووصف الفقيد بأنه علامة فارقة على جبين لبنان، وأن رحيله يشكل خسارة كبيرة لوطن الأرز، وقال: «اليوم، طويت صفحة من صفحات لبنان وفكره الجامع، وطوي علم من أعلام بلادي، ومنبر من منابر الإمام القائد موسى الصدر».
من جانبه، تحدث الشيخ أحمد حمود، من «المركز الإسلامي بأميركا»، لافتاً إلى أن المفتي قبلان كان يتحلى «بالأدب الجم والتواضع الكبير» ويتفانى في خدمة الآخرين بغض النظر عن خلفياتهم المذهبية والاجتماعية.
وقال حمود: «لقد فقد لبنان برحيل الشيخ قبلان عالماً عاملاً مجاهداً.. بذل معظم أوقاته من أجل مساعدة الآخرين»، منوهاً بأن ظروفه الصحية في سنواته الأخيرة لم تقف عائقاً أمام الاستمرار في خدمة الناس. كما أشاد بالمسيرة العلمية والنضالية للمرجع محمد سعيد الحكيم.
ممثل المجلس الشيعي في ديربورن، السيد إبراهيم صالح، تحدث عن مآثر المرجع الحكيم ومكانته العلمية والحوزوية، وكذلك عن مكانة العلامة قبلان، مشدداً على أن كلا الراحلين تميّزا بمقاومة الظلم والفساد، ومساندة المظلومين والفقراء.
وأشار صالح إلى أن قبلان أفنى حياته في إحقاق الحق ونصرة المظلومين، وقال: «منذ البداية.. وقف مع الإمام موسى الصدر، فتصديا للظلم والحرمان»، مهيباً بالمسلمين أن يتمثلوا بمناقب الراحلين الكبيرين في محاربة الفساد والطائفية والمحسوبيات. ولفت إلى أن قبلان كان على الرغم من كونه شخصاً مبدئياً، إلا أن «قلبه كان قلب طفل، ولذلك فقد أحب الجميع، وأحبه الجميع».
نبذة عن الراحلين
الشيخ عبد الأمير قبلان رئيس المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى في لبنان. توفي في 4 سبتمبر الجاري عن عمر ناهز 85 عاماً.
وُلد في عام 1936، في بلدة ميس الجبل في جنوب لبنان، إحدى قرى جبل عامل. والده الشیخ محمد علي قبلان وجده لأبيه الشيخ موسى قبلان، وهما عالمان بارزان لعبا دوراً مهماً في الحركة العلمية والسياسية في المنطقة.
اصطحبه والده في صغره إلى النجف في العراق حيث تلقى علومه. وفي العام 1957 كلفه المرجع الديني الأعلى السيد محسن الحكيم بإدارة شؤون التبليغ الديني في منطقة الناصرية، فأنشأ مكتبة عامة وأقام مشروعاً دينياً، وإلى جانب توليه التدريس في حوزة النجف، راح يعقد حلقات التدريس الديني ويلقي المحاضرات ويهتم بشؤون الناس، واستمر في ذلك حتى العام 1962، حيث تتلمذ على يديه عدد كبير من علماء الدين اللبنانيين والعراقيين والباكستانيين والهنود.
وأثناء وجوده في العراق، واكب قبلان مسيرة المرجع الديني محسن الحكيم وعمل معه أكثر من 10 سنوات.
ونزولاً عند رغبة حسين مكي (مرجع المسلمين الشيعة في سوريا آنذاك) وبطلب من محسن الحكيم، عاد قبلان سنة 1963 إلى لبنان وانتقل إلى منطقة برج البراجنة (جنوب بيروت) تلبية لطلب من الجمعية الإسلامية فيها.
وكانت علاقة الشيخ قبلان مع آل الصدر قديمة منذ المراحل الأولى لإقامته في النجف، وقد تعمقت هذه العلاقة إبان وجود الإمام الصدر في لبنان، حيث تكثفت اللقاءات بينهما وتطورت. وكان للشيخ قبلان دوراً بارزاً في تأسيس المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى الذي ترأسه لاحقاً.
وبعد وفاة المفتي السيد حسين الحسيني سنة 1970 أجمعت قيادات الطائفة على ترشيح الشيخ قبلان لخلافته، فما كان من الإمام الصدر إلا أن أسند إليه منصب المفتي الجعفري الممتاز.
استمر الشيخ قبلان في القيام بدوره المؤازر للإمام شمس الدين وبحرص شديد على المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى وعلى كل المؤسسات التي أطلقها الإمام الصدر وفي العام 1994 انتخب الشيخ محمد مهدي شمس الدين رئيساً للمجلس الإسلامي الشيعي الأعلى كما انتخب الشيخ قبلان بالإجماع نائباً له قبل أن يحل مكانه في صيف العام 2000.
أما آية الله العظمى السيد محمد سعيد الحكيم، فيعتبر واحداً من كبار المرجعيات الدينية في النجف والثاني من كبار العلماء الشيعة في العراق قبل وفاته، وهو ابن محمد علي الحكيم، أحد العلماء الكبار في النجف، وابن بنت محسن الحكيم كبير علماء الشيعة في وقته.
اعتُقل عام 1983، من قبل قوات الأمن العراقية وأودع في السجن حتى حزيران (يونيو) 1991.
له عشرات المؤلفات، وتخّرج على يدي الحكيم نخبة من الأعلام في الحوزة العلمية وكان من أعيان الأساتذة في الحوزات العلمية في النجف وقمّ وغيرها، قبل وفاته في النجف إثر أزمة قلبية عن عمر ناهز 85 عاماً.
Leave a Reply