بين حماية البيئة وارتفاع أسعار الوقود
واشنطن
في خضم الارتفاع المتواصل لأسعار الوقود في الولايات المتحدة، وتحت عنوان حماية البيئة، تدرس إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن إمكانية إغلاق خط أنابيب النفط «لاين 5»، الذي ينقل الخام الكندي عبر ولاية ميشيغن، مما ينذر بزيادة إضافية في أسعار الوقود بميشيغن وعموم ولايات الغرب الأوسط الأميركي.
ورغم مطالبة حاكمة ولاية ميشيغن غريتشن ويتمر والمدافعين عن البيئة وقبائل السكان الأصليين، بالإغلاق الفوري لخط الأنابيب التابع لشركة «إنبريدج» الكندية، إلا أن حسم القرار حيال هذه المسألة ليس بالأمر السهل، نظراً إلى أهمية هذا الخط الذي يحمل ما يقارب من 550 ألف برميل يومياً (23 مليون غالون) من النفط والغاز الطبيعي السائل.
لكن المسألة –بحسب المطالبين بإغلاق «الخط 5»– تتعلق بسلامة البحيرات العظمى، إذ تُثار المخاوف بشأن إمكانية حدوث تسرب نفطي من الأنابيب التي تعبر مضيق ماكينو الفاصل بين بحيرتي هيورون وميشيغن، مما يهدد بحدوث تلوث كارثي في المنطقة.
وتتعزز هذه المخاوف بسبب العمر الافتراضي «للخط 5»، الذي يتراوح بين 40 و50 عاماً، مقارنة مع تاريخ إنشائه عام 1953، ما يعني تجاوزه هذا العمر بما يتراوح بين عقدين وثلاثة.
ووفقاً للمتحدثة باسم البيت الأبيض كارين جان–بيير، ستخوض إدارة بايدن «مفاوضات بناءة» مع الحكومة الكندية بشأن مصير «الخط 5»، نافية أن يكون قد تم اتخاذ أي قرار بشأن هذا النزاع بعد.
ويقول معارضو إغلاق خط الأنابيب إنه يمكن إجراء تحديثات وقائية على الأنابيب التي تعبر مياه مضيق ماكينو، تفادياً لحدوث أي تسرب نفطي في المستقبل، مؤكدين على الأهمية الاستراتيجية لهذا الخط الذي يحمل النفط والمنتجات النفطية من ألبرتا إلى شرق كندا، مروراً بولاية ميشيغن التي تتغذّى منها 8 مصافٍ نفطية في الغرب الأوسط الأميركي بالإضافة إلى مصفاتين في مقاطعة أونتاريو الكندية.
نزاع قضائي
وبدأ النزاع حول إغلاق «الخط 5» منذ تولي ويتمر حاكمية ميشيغن مطلع عام 2019، حيث نشب صراع قانوني بين حكومة الولاية وبين شركة «إنبريدج» الكندية لإغلاق الأنابيب لدواع بيئية.
وتمكنت حكومة الولاية من استصدار حكم قضائي يأمر الشركة الكندية بوقف خط الأنابيب بحلول شهر أيار (مايو) 2021، لكن «إنبريدج» تجاهلت القرار استناداً إلى المادة 6 من معاهدة خطوط الأنابيب الكندية الأميركية لعام 1977.
وتنص المادة 6 من معاهدة 1977 على أنه «لا يجوز لأي سلطة عامة في أراضي أي من الطرفين أن تتخذ أي إجراءات تهدف إلى أو من شأنها أن تؤدي إلى إعاقة أو تحويل أو إعادة توجيه أو التدخل بأي شكل من الأشكال في نقل الهيدروكربونات في أثناء النقل»، وفق ما نقلته وكالة «رويترز».
كما تجاهلت الشركة الكندية حتى الآن، طلبات حكومية للتخفيف من عوامل القلق بشأن «الخط 5»، من بينها بناء نفق ودعائم للأنابيب وطلائها بمواد خاصة، فضلاً عن معالجة مسألة العمر الافتراضي للأنابيب التي شهدت 50 حادث تسرب منذ إنشائها في خمسينيات القرن الماضي، غير أن أياً من تلك الحوادث لم يطل مياه البحيرات العظمى بسبب وقوعها في مناطق معزولة داخل ميشيغن.
عواقب إغلاق الخط
مع ارتفاع أسعار وقود السيارات في ميشيغن إلى أعلى مستوياتها منذ بداية العام 2021، من المتوقع أن يؤدي الإغلاق المحتمل «للخط 5» إلى ارتفاع إضافي في أسعار البنزين التي وصل متوسطها في ميشيغن مطلع الأسبوع الماضي، إلى 3.43 دولار للغالون الواحد، أي بزيادة 1.43 دولار مقارنة بالفترة نفسها من العام الماضي، بحسب «جمعية السيارات الأميركية» AAA.
وتقول الجمعية إن تفاوت العرض والطلب وارتفاع أسعار النفط الخام ساهما في الارتفاع الصاروخي لأسعار الوقود منذ بداية الشهر الجاري.
ومن شأن إغلاق «الخط 5» أن يؤدي إلى تأثيرات فورية وكبيرة في إمدادات النفط الخام، بالتزامن مع معاناة الأميركيين والكنديين على حد سواء من ارتفاع أسعار الوقود، كما يتزامن مع مطالبة الرئيس بايدن، لدول «أوبك+» بزيادة الإنتاج.
ورغم مساعي إغلاق خط الأنابيب –للتخلص من انبعاثاته الناجمة عن التسرب النفطي– فإن وقفه يعني نقل النفط بالصهاريج وعربات القطارات، وبالتبعية ستزيد الانبعاثات كثيراً في المنطقة، كما أن مزيداً من الارتفاع في أسعار الغاز الطبيعي قد تكون إحدى العواقب السلبية المحتملة لوقفه.
ومن المرجح أيضاً أن تحصل مصافي التكرير في ميشيغن وأوهايو وبنسلفانيا وأونتاريو وكيبيك على نفط خام أقل بما يقارب 45 بالمئة من «إنبريدج» مقارنة مع المستويات الحالية، وفق تقديرات الشركة الكندية.
Leave a Reply