واشنطن – بعد تعطيلها من قبل الإدارة الأميركية السابقة، استأنفت إدارة الرئيس جو بايدن الإجراءات البيروقراطية لتعديل الخيارات العرقية والإثنية في نماذج التعداد السكاني، مما قد يمهد الطريق لإدراج فئة جديدة للسكان المتحدرين من الشرق الأوسط وشمال أفريقيا MENA.
ويقول المسؤولون الفدراليون إن التعديلات سوف تتيح جمع بيانات ديموغرافية أكثر دقة وقابلية لرصد التنوع السكاني في عموم الولايات المتحدة.
وكانت إجراءات تعديل الفئات العرقية والإثنية قد بدأت في عام 2014 واستمرت لعدة سنوات قبل أن توقفها إدارة الرئيس السابق دونالد ترامب، ما حال دون إدخال التغييرات المقترحة في نموذج التعداد السكاني لعام 2020.
وتشير أبحاث «مكتب الإدارة والميزانية» التابع للبيت الأبيض إلى أن تعديل الخيارات العرقية والإثنية سوف يحسّن عمليات إعادة ترسيم الدوائر الانتخابية، ويضمن حماية الحقوق المدنية للسكان، فضلاً عن ترشيد وتوجيه عمليات صنع السياسات والبحوث في كافة أنحاء البلاد.
وفي السياق، أوصى فريق من المختصين الإحصائيين –أواخر الشهر الماضي– بمجموعة من التغييرات التي من شأنها أن تعكس –بشكل أفضل– التنوع السكاني في البيانات الحكومية الفدرالية، والتي يجب أن تُجاز من قبل «مكتب الإدارة والميزانية» لكي يتم اعتمادها في نماذج التعداد السكاني الوطني، وباقي الدراسات والمسوحات الفدرالية التي تتضمن بيانات عرقية وإثنية.
ومن المتوقع أن يتخذ مكتب الإدارة والميزانية قراراً نهائياً بشأن التوصيات آنفة الذكر بحلول صيف 2024. وحتى ذلك الحين، حثّ المكتب، الجمهور على تدوين ملاحظاتهم وتقديمها إلى الجهات المختصة خلال فترة أقصاها 12 نيسان (أبريل) المقبل، والتي يقول المختصون الإحصائيون إنها ستؤخذ بعين الاعتبار عند صياغة التعديلات النهائية.
التعديلات المقترحة
تتضمن التوصيات، تعديل أسئلة الإحصاء السكاني الوطني لعام 2030 والمسوح الاستقصائية الفدرالية، لتحسين طريقة تعداد السكان من ذوي الأصول اللاتينية، وإضافة فئة «الشرق الأوسط أو شمال إفريقيا» MENA، مما سيتيح احتساب ذوي الأصول العربية ضمن فئة منفصلة عن «البيض».
ومن شأن الموافقة على التغييرات الجديدة أن تعالج الصعوبات المزمنة التي يواجهها الكثير من اللاتينيين عند الإجابة على سؤال العرق، والذي لا يتضمن حالياً خيار «هسيبانك أو لاتيني»، وهو خيار متاح فقط ضمن سؤال الإثنية.
أما إضافة خيار «مينا» تحت سؤال موحد حول العرق والإثنية، فسوف يشكل إنجازاً كبيراً للعرب الأميركيين الذين خاضوا حملات متواصلة منذ تسعينيات القرن الماضي من أجل الاعتراف بهم كأقلية.
وحالياً، تعترف الحكومة الفدرالية بالأشخاص المتحدرين من البلدان العربية ودول الشرق الأوسط الأخرى، مثل إيران والكيان الإسرائيلي، ضمن فئة الأميركيين الأبيض، غير أن التعديلات المقترحة لن تؤدي إلى إعادة تعريف العرق «الأبيض» فحسب، وإنما أيضاً ستؤدي إلى تراجع كبير في نسبة السكان البيض بالولايات المتحدة.
التعديلات المقترحة الأخرى، تتضمن إزالة بعض المصطلحات القديمة في البيانات العرقية والإثنية الحالية، مثل مصطلح «زنجي» (نيغرو) الذي يستعمل لوصف السود، ومصطلح «الشرق الأقصى» الذي يشير إلى الآسيويين المتحدرين من شرق آسيا، فضلاً عن إلغاء استخدام مصطلحي «أغلبية» و«أقلية» (ماينوريتي) لمواكبة التركيبة السكانية المتغيرة في البلاد.
وأوضحت كارين أورفيس، كبيرة الإحصائيين في «مكتب الإدارة والميزانية» بأن التوصيات المشار إليها آنفاً ما تزال «أولية وقابلة للتعديل»، لافتة إلى أنها لا تمثّل موقف المكتب النهائي.
ومن المتوقع أن تؤدي أية تعديلات للمعايير الفدرالية إلى إحداث تغيير كبير في طريقة إصدار البيانات العرقية والإثنية من جانب الحكومات المحلية والمؤسسات الخاصة.
ردود فعل
قوبل طرح التعديلات على الإحصاء الأميركي، بترحيب واسع من الجهات التي كانت تتوقع إقرار مثل هذه التوصيات ضمن تعداد 2020، قبل أن تخذلها إدارة ترامب.
فيما يتعلق بمقترح إضافة خانة «مينا»، أشار السناتور عن ولاية ميشيغن في مجلس الشيوخ الأميركي، غاري بيترز، إلى أن معايير جمع البيانات الفدرالية «حالت على مدى العقود الماضية دون قدرتنا على معالجة احتياجات العرب الأميركيين في ميشيغن وفي عموم البلاد».
وأضاف السناتور الديمقراطي الذي يترأس لجنة الأمن الداخلي والشؤون الحكومية: «لهذا السبب دفعت منذ فترة طويلة من أجل استحداث خانة منفصلة لهذا المجتمع النابض بالحياة وإعلان اليوم هو خطوة مهمة لضمان أن الحكومة الفدرالية يمكن أن تخدم هؤلاء السكان بشكل أفضل». وأردف بيترز بالقول: «ستساعد هذه المقترحات في أن تعكس البيانات الفدرالية بدقة، تنوع أمتنا»، داعياً مكتب الإدارة والميزانية إلى «إقرارها بسرعة» بعد انتهاء فترة التعليقات العمومية، في 12 أبريل المقبل.
وكان بيترز قد ضغط مراراً وتكراراً لإضافة فئة السكان المتحدرين من «الشرق الأوسط وشمال إفريقيا» (مينا)، بما في ذلك دعوته –العام الماضي– إلى مراجعة معايير العرق والإثنية، بعد تعطيل إدارة ترامب لهذا المسار.
مزايا «مينا»
يسعى العرب الأميركيون منذ 25 عاماً لدفع الوكالات الفدرالية إلى استحداث فئة «مينا» ضمن الأنظمة الإحصائية والديموغرافية في الولايات المتحدة لتمييزهم كشرق أوسطيين أو شمال إفريقيين أو عرب، والتوقف عن تصنيفهم كـ«بيض» أو «آخرون»، كما هو معمول به حالياً.
وكانت أولى محاولاتهم الرسمية –بهذا الصدد– قد انطلقت في العام 1997، حين رفض «مكتب الإدارة والميزانية» الاعتراف بإضافة الفئة المذكورة، موصياً بإجراء المزيد من البحوث لمعرفة أفضل السبل الكفيلة بتحسين دقة إحصاء هذه المجموعات.
وتضمن إضافة «مينا» إلى بيانات الإحصاء الفدرالية حقوق العرب الأميركيين في الاستفادة من الموارد الفدرالية المخصصة لمجتمعات الأقليات في الولايات المتحدة، لكن استمرار مكتب التعداد الأميركي والوكالات الفدرالية الأخرى في تصنيفهم على أنهم «بيض» أو «آخرون» يحرمهم من حقوق الأقليات في الفرص والموارد الحكومية المتنوعة، سواء في التوظيف أو الصحة العامة أو التعليم. كما يحول عدم الاعتراف الرسمي بهم كأقلية إثنية، دون معرفة أعدادهم الحقيقية في المدن والولايات الأميركية، مما يؤثر سلباً على تمثيلهم الانتخابي والسياسي.
Leave a Reply