مرَّ أكثر من عامين على تقديم «لجنة فرص العمل المتساوية» الفـيدرالية «إي إي أو سي» لنتائج تحقيقها الذي أجرته بحق منطقة مدارس كريست وود التعليمية «CSD» وخلصت فـيه الى وجود أدلة على التمييز ضد العرب الأميركيين فـي التوظيف والتجنيد. ووضعت اللجنة توصيات لتنفـيذها من قبل المجلس لكن يبدو أن المماطلة سيدة الموقف خصوصاً من قبل القيمين على الإدارة التربوية.
وتوصل مجلس مدارس كريستوود فـي العام الماضي، إلى اتفاق تسووي مع قسم الحقوق المدنية فـي وزارة العدل لتحسين الخدمات التعليمية للطلاب الذين يدرسون اللغة الإنكليزية، وإنشاء نظام شفاف وعادل لتعيين وتوظيف أعضاء الهيئة التدريسية وباقي الموظفـين وضمان عدم الإنجرار وراء انتقام غير قانوني بحق الأفراد الذين يشتكون من التمييز.
ولأجل متابعة موضوع الإجراءات الإصلاحية، حاولت «صدى الوطن» الإتصال عدة مرات بالمشرفة العامة على مدارس كريستوود العامة، الدكتورة لورين فانفالكنبرغ، لاستصراحها والحصول منها على معلومات حول التغييرات التي أحدثتها عقب الاتفاق – التسوية. لكن اتصالاتنا لقيت آذاناً صمّاء.
لقد كان بمقدور فانفالكنبرغ أن تظهِر بعض الشفافـية والمسؤولية فترد على التساؤلات المشروعة والاتصالات المحقة، لكنها ارتأت بدلاً من ذلك تجاهل الصحيفة، ضاربةً عرض الحائط بحقيقة أن النسبة الكبرى من عدد الطلاب فـي المنطقة التربوية هم من العرب الأميركيين الذين يشكلون ٦٥ بالمئة منها.
وبالتأكيد أن شروط التسوية، التي لا تزال تنتظر التنفـيذ، هي مهمة وحيوية للطلاب العرب فـي المنطقة ولأُسرهم ولسكان المدينة بشكل عام.
الحقيقة ان سلوك فانفالكنبرغ السلبي مُحيِّر لكنه غير مُستغرب وليس جديداً. فعندما حضر أولياء الطلبة العرب إجتماعات مجلس التربية فـي عام ٢٠١٢ للتعبير عن قلقهم المشروع إزاء قضايا حساسة مثل توظيف مدرس واحد فقط مُعتَمَد وُمجاز مع عدد قليل من المساعدين ثنائيي اللغة، لخدمة ٣٥١ طالباً يدرسون اللغة الانكليزية، كان رد فانفالكنبرغ والمجلس تجاهل مطالب الأهالي تماماً.
لكن فـي احدى المرات النادرة ادَّعت فانفالكنبرغ لـ«صدى الوطن» قائلةً ان مجلس التربية لم يحرم طلاب تعليم اللغة الانكليزية من الخدمات قط، وأن لدى ولاية ميشيغن مستويات محددة للأداء الأكاديمي على طلاب اللغة الانكليزية تلبيتها، كما ادعت، بالتواطؤ مع مجلس التربية، انه لم يكن لديها التمويل الكافـي لتوظيف عدد أكبر من المدرسين المجازين لتدريس اللغة الإنكليزية.
واليوم، لدى المنطقة التعليمية أكثر من مدرس مجاز لتعليم اللغة كما تم توظيف العديد من الموظفـين العرب الأميركيين ولكن لا يعود سبب ذلك إلى قرار اتخذته بالتوقف عن تجاهل مطالب الجالية العربية أو لأنها فجأةً أصبحت تهتم بنوعية التعليم الذي يتلقاه طلبة اللغة الإنكليزية، وإنما يعود السبب فقط إلى أن المنطقة التعليمية ليس لديها خيار آخر سوى الامتثال لتعليمات الحكومة الفـيدرالية والشروط الواردة فـي اتفاقية التسوية القانونية.
كان يجدر بفانفالكلنبرغ أن تتعلم من مثال مدينة ديربورن وتحذو حذو مدارس ديربورن العامة، التي كانت لعدة سنوات تحتل موقع الصدارة فـي مجال تعليم اللغة الإنكليزية للقادمن الجدد.
ولكن ومع تفوق ديربورن فـي هذا المجال، أكد المشرف التربوي العام الجديد فـي ديربورن الدكتور غلين ماليكو مؤخراً أن هناك مجالاً أكثر للتطوير. ووفقاً لماليكو يشكل الطلاب الذين يتعلمون اللغة الإنكليزية ٤٩ فـي المئة من إجمالي عدد الطلاب فـي المنطقة وان المعلمين المجازين لتدريس اللغة الإنكليزية يبلغون ٢٥ فـي المئة من الموظفـين. ومن أجل تقديم خدمة أفضل لتلبية حاجات هؤلاء الطلاب، أعلن ماليكو انه يريد العمل مع نقابة المعلمين لزيادة عدد مدرسي اللغة الإنكليزية المجازين فـي المنطقة التعليمية إلى ٤٩ فـي المئة.
وفـي رسالة عبر البريد الالكتروني، اختارت فانفالكنبرغ أن تتجاهلها، طلبت «صدى الوطن» منها الإجابة عن الأسئلة التالية: كم عدد المعلمين المرخَّصين لتعليم اللغة الإنكليزية، وهل تم توظيف المزيد من المساعِدين ثنائيي اللغة، وهل ما زالت المنطقة التعليمية تعمل بالتعاون مع مكتب المدعي العام الأميركي ووزارة العدل للتأكد من التماهي والامتثال للاتفاق الحكومي وإلى متى، وما إذا كانت المنطقة تقوم بنشر المعلومات الملائمة حول فرص العمل التي تتوفر فـي المنطقة التعليمية عبر المنظمات العربية الأميركية، وما اذا كان موظفو كريستوود قد تلقوا أي تدريب على الإطلاق حول الحساسية الثقافـية نتيجة للاتفاق؟!.
وبموجب اتفاق التسوية، كان من المفترض فـي كريستوود العمل مع دائرة العلاقات المجتمعية بوزارة العدل، لتحسين العلاقة التفاعلية التوعوية بين الأهالي والمدارس وإشراك الجالية فـي العمل التربوي من خلال إنشاء لجنة استشارية من الجالية وتنفـيذ التدريب الخاص حول الكفاءة الثقافـية. ونتيجة لذلك، تم إنشاء المجلس الاستشاري لمنطقة مدارس كريستوود ويضم فـي عضويته قادة ونشطاء من الجالية العربية الأميركية.
كذلك تجاهلت فانفالكنبرغ تساؤلات حول المبادرات المستقبلية. ومن غير المؤكد ما إذا كانت المنطقة التعليمية قد أصدرت أصلاً بياناً حول النتائج التي عثرت عليها الوكالة الفـيدرالية بحق كريستوود، لذلك أخذت هذه الصحيفة زمام المبادرة لمساءلتها فـي هذا الموضوع.
واليوم، نحن نسأل الدكتورة فانفالكنبرغ «الا يلبي العرب الأميركيون نداء دعم إحداث تغييرات فـي اجتماعات مجلس التربية؟ الطلاب العرب فـي المنطقة، والجالية العربية ككل، يستحقون أن يعرفوا ماهيّة التغييرات المنشودة التي يجري تطبيقها كما أملت التسوية الحكومية، وان يطلعوا على نتائج تحقيق الحكومة الفـيدرالية المُنجَز.
هذه الصحيفة والجالية لا تزالان بإنتظار جواب على هذه التساؤلات وعلى غيرها، التي طُرحت عبر البريد الإلكتروني. لكن لورين فانفالكنبرغ لم تكترث لمطالب وحقوق الجالية العربية فـي السابق ولا يبدو انها سترعوي عن فعل ذلك مرة أخرى.
نحن نعرف ان نتائج التحقيق الحكومي محرجة وتظهر سوء القيادة من جانبها، لكنها لن تستطيع أن تستمر فـي الجدولة وتهميش القضايا ووضع الأمور المهمة لأبنائنا وجاليتنا على رف النسيان، فتجاهل المشكلة لا يؤدي الى اختفائها ولن يضيع حق وراءه مُطالِب!
Leave a Reply