مجتبى السويكت .. اعتقل بتهمة المشاركة في تظاهرات احتجاجية مطالبة بالديمقراطية في شرق المملكة
ديترويت – «صدى الوطن»
في خطوة مفاجئة أثارت إدانات واسعة من قبل الوسط الأكاديمي ومنظمات حقوقية وسياسيين أميركيين، نفذت السلطات السعودية، يوم الثلاثاء الماضي، أحكاماً بالإعدام ضد 37 مواطناً سعودياً، بينهم شاب اعتقل قبل سنوات بينما كان يستعد للسفر إلى الولايات المتحدة للالتحاق بإحدى جامعات ولاية ميشيغن.
وأفادت التقارير الرسمية الصادرة عن السعودية أنه تم قطع رأس مجتبى السويكت، بعد سنوات قضاها خلف القضبان إثر اعتقاله أواخر عام 2012 في مطار الملك فهد الدولي وهو في طريقه إلى ميشيغن لمواصلة تعليمه في «جامعة وسترن ميشيغن» الواقعة في مدينة كالامازو (وسط الولاية).
وكان قد تم اعتقال السويكت وهو في الـ17 من عمره بتهمة المشاركة بتظاهرات مطالبة بالديمقراطية خلال ما عرف بـ«الربيع العربي»، إضافة إلى تهم أخرى تتعلق بـ«الإرهاب» و«العصيان المسلح ضد الملك».
وقال بيان وزعته وكالة الأنباء السعودية أن جميع الأشخاص الـ37 الذين تم إعدامهم –بمن فيهم السويكت– أدينوا «بتبنّي الفكر الإرهابي المتطرف وتشكيل خلايا إرهابية للإفساد والإخلال بالأمن وإشاعة الفوضى وإثارة الفتنة الطائفية والإضرار بالسلم والأمن الاجتماعي ومهاجمة المقار الأمنية باستخدام القنابل المتفجرة، وقتل عدد من رجال الأمن غيلةً، وخيانة الأمانة بالتعاون مع جهات معادية بما يضر بالمصالح العليا للبلاد». في حين اعتبرت منظمات حقوقية أن الأشخاص الذين تم إعدامهم، تعرضوا لشتى أنواع التعذيب وأجبروا على الاعتراف يتهم ملفقة بعد مشاركتهم في تظاهرات احتجاجية.
وأعلنت وزارة الداخلية السعودية، أنها أعدمت مواطنيها الـ37 في أنحاء متفرقة من البلاد بعد أن «صدرت بحقهم صكوك شرعية تقضي بثبوت ما نسب لهم شرعاً والحكم عليهم بالقتل تعزيراً، وإقامة حد الحرابة مع صلب أحدهم ويدعى خالد التويجري».
ويشار إلى أن «الصلب» في القانون السعودي يعني عرض جثة المحكوم عليه بالإعدام على الملأ.
تحت التعذيب
خلال فترة اعتقاله، تعرض سويكت للضرب المبرح في جميع أنحاء جسمه، بما في ذلك أخمص قدميه، وقد تمت إدانته بناءً على اعترافات انتُزعت منه تحت التعذيب، وفقاً لمنظمة «ريبريف»، وهي مجموعة دولية لحقوق الإنسان، ويعني اسمها باللغة العربية «إرجاء تنفيذ العقوبة».
وأشارت المنظمة إلى أنه بعد إلقاء القبض على السويكت عام 2012، لم يُسمح له بالاتصال بأي شخص لمدة ثلاثة أيام، ولم يُسمح لعائلته بزيارته لمدة ثلاثة أشهر، ظل خلالها في الحبس الانفرادي، بحسب «ريبريف».
كذلك أفادت «المنظمة الأوروبية السعودية لحقوق الإنسان»، بأن السويكت وهو من مواليد 6 حزيران (يونيو) 1994، حُرم من التواصل مع محام، قرابة سنتين وتسعة أشهر، ولم يُسمح له بذلك حتى خريف 2015، حين استلامه لائحة التهم أمام المحكمة الجنائية المتخصصة في الرياض.
ووفقاً للمنظمة، «تعرض السويكت خلال فترة سجنه الانفرادي للتعذيب وضروب المعاملة القاسية من قبيل تعليقه من يديه، وضربه بالأسلاك والخراطيم، وإطفاء السجائر في أنحاء متفرقة من جسمه، وضربه وصفعه بالأحذية على رأسه ووجهه.، وتركه في زنزانة انفرادية باردة في فصل الشتاء وهو مجرد من أغلب ملابسه والدماء تسيل من مواضع من جسده».
ومن ضمن التهم التي أُدين بها السويكت، وبموجبها حكم عليه بالإعدام: اشتراكه في الاحتجاجات التي شهدتها محافظة القطيف، وتصوير المظاهرات ونشرها، ورمي آليات قوات الأمن بزجاجات حارقة، وحرق إطارات.
وحكمت محكمة الرياض على مجتبى و13 آخرين من المنطقة الشرقية في السعودية بقتلهم تعزيراً، في 2017. وقالت «ريبريف» إن مجموعة السجناء الذين تم إعدامهم لحضور تجمع عام 2012 تشمل أيضاً منير الآدم، وهو نصف أصم، وأعمى جزئياً.
إعدامات وحشية
وعلى الرغم من إثارة مسألة التعذيب وسوء المعاملة أثناء المحاكمة من قبل عدة منظمات حقوقية، وتلقي المملكة لرسائل متكررة من الأمم المتحدة تطالب بمحاكمات عادلة للمعتقلين، إلا أن المملكة لم تمنح السويكت والمعتقلين الآخرين فرصة فعلية للدفاع عن أنفسهم، مخالفة بذلك، القوانين الدولية بما في ذلك «بروتوكول اسطنبول» للتحقيقات، كما انتهكت حظر إعدام الأحداث، وفقاً لمنظمة «ريبريف».
وقالت المنظمة في بيان إن «مجتبى وغيره اعتقلوا بسبب حضورهم احتجاجاً سلمياً ومناهضاً للحكومة وحكم عليهم بالإعدام في انتهاك للقانون الدولي والإنساني الأساسي».
وكانت السلطات السعودية قد ردت على رسائل الأمم المتحدة في كانون الثاني (يناير) 2018، نافية جميع الادعاءات التي قُدمت في الشكاوى وذكرت أن الأدلة المتوفرة لدى الأمم المتحدة كاذبة.
وقد أعدمت المملكة أكثر من 100 شخص في الأشهر الأربعة الأولى من العام الحالي، وهي في طريقها لقتل أكثر من 300 شخص خلال 2019، وفق تغريدة لمنظمة «ريبريف» عبر موقع «تويتر».
وقالت مايا فوا –مديرة المنظمة الحقوقية– في بيان: «هذا عرض فظيع آخر للوحشية من قبل ولي العهد محمد بن سلمان»، لافتة إلى أن ثلاثة من الأشخاص الذين أُعدموا تم اعتقالهم وهم في سن المراهقة وقد تعرضوا للتعذيب للإدلاء باعترافات كاذبة، وتمت إدانتهم بجرائم غير مميتة، مثل المشاركة في الاحتجاجات.
وأضافت أن «اعتقاد النظام السعودي بأن لديه الحصانة لتنفيذ مثل هذه الإعدامات غير القانونية بشكل صارخ، ودون سابق إنذار، يجب أن يصدم شركاءه الدوليين ويدفعهم إلى التحرك»، مؤكدة أنه يجب على الولايات المتحدة والمملكة المتحدة تحديداً، الحرص على أن تكون هناك عواقب لأفعال كهذه، و«ألا يتم إعدام أشخاص آخرين بشكل غير قانوني لمجرد ممارسة حقهم في حرية التعبير».
إدانات
من جانبها، أعربت عضو الكونغرس عن ولاية ميشيغن ديبي دينغل، عن قلقها وانزعاجها من عملية إعدام السويكت التي وصفتها بـ«القتل العنيف».
وقالت في بيان «كان أمامه مستقبل مشرق، وكانت ميشيغن على استعداد للترحيب به كطالب. وبدلاً من ذلك، واجه تعذيباً غير إنساني وألماً انتهى بإعدامه».
وأكدت النائبة الديمقراطية أنه «يجب أن يكون لكل إنسان، بصرف النظر عن مكان وجوده في العالم، الحق في التحدث علناً دون خوف، من الاضطهاد أو الموت»، معربة عن تضامنها مع أسرة السويكت وأصدقائه ومتعهدة بعدم التوقف عن الدفاع عن «حرية التعبير وعدالة المحاكمات في جميع أنحاء العالم».
في المقابل، اتهمت وسائل إعلام سعودية، السويكت «بعدم الوفاء لوطنه، وعدم القيام بأي دور في تنمية مجتمعه ومدينته العوامية التي تربى فيها، مفضلاً، بعقلية الإرهابيين، اختيار معول الهدم والتدمير، ليسلك درب الإرهاب… والتنسيق مع عدد من المطلوبين أمنياً لإقامة المسيرات المناوئة للدولة، والتسبب في إتلاف عدد من الممتلكات في بلدته العوامية» وفقاً لصحيفة «عكاظ».
وزعمت الصحيفة أن السويكت بمحاولة «الهرب إلى أميركا بزعم الدراسة، ليتم القبض عليه قبل مغادرته البلاد، بعد أن بدأ اسمه بالظهور ضمن المتورطين في أعمال الشغب والإرهاب».
يشار إلى أن هيئة التدريس في «جامعة وسترن ميشيغن» كانت قد أرسلت في العام 2017 –بعد صدور حكم الإعدام– خطاباً مفتوحاً إلى السلطات السعودية يدعو إلى إطلاق سراح السويكت، جاء فيه «بصفتنا أكاديميين ومدرسين، نفخر بالدفاع عن حقوق جميع الناس، أينما كانوا في العالم، في التحدث بحرية والمناقشة بصراحة دون عائق أو خوف. نعلن دعمنا لمجتبى والـ13 الآخرين الذين يواجهون الإعدام الوشيك: لا ينبغي لأحد أن يواجه عقوبة الإعدام بسبب التعبير عن معتقداته في الاحتجاجات العامة».
وأضاف البيان أن مجتبى كان «طالباً واعداً تقدم لدراسة اللغة الإنكليزية والتمويل، وقد تم اعتقاله عند بوابات المطار أثناء استعداده لركوب طائرة لزيارة حرمنا. ولم نكن تعلم أنه في الوقت الذي كنا نستعد فيه للترحيب به كان قد تم حبسه وتعذيبه ودفعه للاعتراف بأفعال أدت إلى إعدامه».
وفي إطار ردود الفعل الأميركية على حملة الإعدامات الأخيرة، دعا مشرعون في الكونغرس إلى إعادة النظر في التحالف بين الولايات المتحدة والسعودية.
وقال السناتور بيرني ساندرز إن الإعدامات الجماعية «تؤكد كم أصبح ملحاً على الولايات المتحدة أن تعيد تحديد أطر علاقتنا مع النظام الاستبدادي في السعودية». وأضاف أن على أميركا أن تظهر للعالم أن السعوديين ليس لديهم صك مفتوح لمواصلة انتهاك حقوق الإنسان.
وقالت السناتورة الديمقراطية دايان فاينستين إنها كانت قد دعت الولايات المتحدة إلى «إعادة النظر بعلاقتنا مع السعودية» بعد جريمة قتل الصحافي جمال خاشقجي داخل قنصلية بلاده في إسطنبول في تشرين الأول (أكتوبر).
وأعلنت عبر تويتر أن «التقارير الأخيرة تعزز مخاوفي، لا يمكننا أن نغض الطرف عن الإعدامات المتزايدة خاصة وأن تساؤلات كثيرة تحيط بشرعية المحاكمات».
ورداً على سؤال حول الإعدامات، أعلنت وزارة الخارجية الأميركية أن الوزير مايك بومبيو يثير قضية حقوق الإنسان مع القادة السعوديين في «كل مرة» تكون هناك مخاوف بشأنها.
وقالت المتحدثة باسم الخارجية الأميركية «ندعو حكومة السعودية وكل الحكومات إلى احترام وحماية حقوق الإنسان والحريات الأساسية وحرية الديانة والمعتقد»، وضمان عدالة المحاكمة والشفافية وعدم اللجوء إلى الاعتقالات التعسفية والخارجة عن نطاق القانون.
Leave a Reply