توصلت هيئة محلفين في محكمة ديربورن الأسبوع الماضي الى قرار بإدانة العربي الأميركي توفيق محسن بتهمة مقاومة رجال الشرطة، على خلفية قضية ترجع الى ايلول (سبتمبر) 2011، حيث كان محسن جالسا في مطعم «وينديز» الكائن على شارع غرينفيلد في شرق ديربورن، وحينها دارت بينه وبين عاملة المطعم مشادة كلامية بعد ان طلبت منه الانتقال للجلوس في مقهى «تيم هورتون» المحاذي الذي يظل مفتوحا للزبائن 24 ساعة يومياً لأنها منشغلة في التنظيف تمهيدا لاقفال المحل. وتفاقم الموقف حينها بعد استدعاء الشرطة الى المكان حيث وصل ضابطان من شرطة المدينة وقاما باخراج محسن من المطعم واعتقاله بالقوة، بدعوى من العاملة التي قالت للشرطة حينها إنها تعتقد أن محسن يشكل تهديداً لحياتها، وقالت إنها اختبأت لحين وصول الدورية.
ولكن تبين لاحقا اثناء عرض فيلم فيديو في المحكمة، الجمعة الماضية، إن العاملة تجولت عدة مرات في المطعم ولم تكن حبيسة حسبما ادعت.
وعن لحظات الاعتقال التي وقعت في مقهى «تيم هورتنز» قال محسن إن الشرطة استخدمت معه القوة المفرطة، في حين ادعى الضابطان إنه لم يكن متعاونا وحاول مقاومة الاعتقال، وهذه التهمة الوحيدة التي أقرتها هيئة المحلفين ضد محسن، رغم أنه وجهت له عدة اتهامات بضمنها اثارة الشغب والامتناع عن تنفيذ أوامر الضباط.
وفي أعقاب سماع شهادات الشهود واستجوابهم توصلت هيئة المحلفين المكونة من ستة أشخاص الى قرار بادانة محسن في تهمة واحدة وهي مقاومة الاعتقال، فيما اسقطت عنه تهمة تعكير صفو الامن، وحكم عليه بوضعه تحت المراقبة 3 شهور وغرامة 500 دولار وحضور 3-5 صفوف تثقيفية حول كيفية السيطرة على الغضب.
وقال محسن لصحيفة «صدى الوطن» إنه سوف يستأنف الحكم متهما المحكمة وشرطة ديربورن بتعمد تأجيل محاكمته لنزع الانتباه عن قضيته بعد الإحتجاجات على الطريقة العنيفة التي عومل بها في «تيم هورتنز»، وقد لقيت قضية محسن تعاطفاً في أوساط الجالية العربية بما في ذلك «اللجنة العربية الاميركية لمكافحة التمييز» (أي دي سي)-فرع ميشيغن وناشطين حقوقيين، ولكن تعمد تأجيل المحاكمة لأكثر من 17 شهراً أدى لأن تكون قاعة المحكمة فارغة من أي مؤيدين لموقف محسن باستثناء عمه.
ولا يستبعد محسن أن يكون قد تعرض للظلم من هيئة المحلفين التي غاب عنها العرب باستثناء واحد «كان نائماً معظم الوقت». وقال «القضية تم تعمد تأجيلها لأنني تلقيت الدعم من العديد من منظمات الجالية عقب الحادثة مباشرة، ما دفع المحكمة وشرطة المدينة الى اعتماد استراتيجية لتنويم القضية».
من جانبه قال المدير الاقليمي لـ«أي دي سي»، عماد حمد، ان اللجنة اطلعت على القضية منذ البداية، مشيراً الى وجود عدة دلائل تشير الى أنه تم تعمد ترحيل موعد المحاكمة دون سبب موجب. كما لم يبلغ محسن بموعد المحاكمة إلا قبل اسبوع واحد من انعقادها.
وكان محسن عين المحامي جيمس امبيرغ منذ البداية للدفاع عنه، وهو لم يعط الوقت الكافي لاستدعاء الشهود، في حين قدم الادعاء عددا من الشهود بضمنهم الموظفة في مطعم «وينديز» وأحد العاملين في المطعم وهو عربي اميركي شهد ضد محسن إضافة الى شهادتي الضابطين اللذين قاما بعملية الإعتقال التي وصفت بالوحشية.
وكانت صحيفة «صدى الوطن» حين نشرت القصة في 2011 وحينها تقدم عدد من الشهود كانوا موجودين في المكان لحظة الحادثة واكدوا ان الضباط استخدموا اسلوبا عدوانيا ضد محسن. والبعض منهم ساهم في جذب انتباه «أي دي سي» لهذه الحادثة.
وقال محسن انه تعرض اثناء اعتقاله نتيجة الشدة التي تلقاها من الضابطين الى عدة اصابات والتواء في الذراع، اكد حينها 20 من الشهود قسوة تلقاها محسن من الشرطة، لكن لا احد من هؤلاء حضر جلسة المحاكمة. وأرجع محسن ذلك الى تطويل الاجراءات و«التخويف» الذي مارسته الشرطة على هؤلاء «بعد زيارات تمت لمنازلهم» و«منذ ذلك الوقت تغير كل شيء».
أحد هؤلاء الشهود كان قد قال إنه شاهد كل شيء داخل المطعم وفي الخارج ولكنه بعد ذلك قال انه شاهد فقط ما جرى في الداخل، والسبب الترهيب الذي مارسته الشرطة على الشهود، بحسب محسن.
لوحظ في المحاكمة تغيير أقوال موظفة «وينديز» التي قالت في محضر الشرطة انها كانت تنظف المكان وطلبت من محسن الانتقال الى «تيم هورتنز» لكنها عادت وقالت أمام القاضي إن محسن رفض تغيير مكانه وكان عدوانيا معها، وانه دار بينه وبين شقيق الموظفة الذي يعمل هو الاخر في المطعم مشادة كلامية.
كذلك شكك محسن في اختيار اعضاء هيئة المحلفين والذين تم اختيارهم صبيحة يوم المحاكمة بعد أن تم استبعاد عدد من المحلفين لهم علاقة بشرطة ديربورن. وتم الاتفاق في النهاية على هيئة محلفين غير منحازة مكونة من ستة اشخاص، بينهم عربي أميركي واحد، فيما قال محسن ان اثنين منهم شاهدهما نائمين أثناء الجلسة («صدى الوطن» تؤكد هذه الواقعة). وقد اكد القاضي هالتغرين في اتصال هاتفي بان اختيار اعضاء هيئة المحلفين كان عادلا مؤكداً ان القضية تم التطويل في اجراءاتها والسبب في رأيه عديد الالتماسات المقدمة من الادعاء ومحامي الدفاع. وكان محسن ومحاميه قدما التماسا في ايار (مايو) 2012 لالغاء الدعوى إلا ان طلبهما رفض من القاضي هالتغرين.
ولم يشر محسن ما إذا كان في نيته اقامة دعوى على البلدية للمطالبة بتعويضات، إلا انه انتقد دائرة الشرطة لعدم توظيفها اشخاصا من ابناء الجالية، وانتقد كذلك عدم تلقيه الدعم من الجالية، مؤكدا ان هذه ليست معركته وحده، «فما حدث يمكن أن يحدث مع اخرين.. لقد جردوني من حقوقي واهانوني والحقوا بي ضرراً جسدياً ولكن اكثر شيء آلمني أن أنظر الى قاعة المحكمة ولا اجد أحدا من ابناء الجالية، فالعرب الاميركيون غير مكترثين بحقوقهم وما دمنا كذلك، سنظل نتعرض لمثل هذا».
Leave a Reply