لماذا نصاب بالنحس؟
سؤال بديهي قد يخطر على بال العديد منا، كأن يرغب أحدنا بأخذ الجورب الأسود من جارور في خزانة الثياب فيخرج له الرمادي أو الأبيض مثلا. وبعد يوم طويل في العمل، يعود الى البيت ويحاول فتح الباب، فيخرج له المفتاح الخاص بباب البيت من علاقة المفاتيح في المحاولة الأخيرة.
والحالة شبيهة بأحد آخر، مستعجل، ويريد الخروج من البيت بسرعة لاتبارطه بموعد ما، فيجد أن القميص الذي ينوي أن يلبسه غير مكوي وزر البدلة مقطوع والحذاء غير موجود في مكانه. عندها يلعن حظه التعيس ويتشاءم من يومه المنحوس.
حسب رأي علماء الفيزياء، لا يوجد نحس ولا حظ ولا صدفة ولا سوء طالع في عالم مليء بالمضايقات الصغيرة ومن بعدها الكوارث الكبيرة والمآسي، لأن السلبيات والمضايقات واقعة لا محالة، متى كانت قابلة للحدوث، ولا يمكن منعها، لذلك فالأمر يستحق وقفة تأمل وتساؤل منطقي: هل الأحداث مبرمجة، بحيث أن الإنسان لا يستطيع منع الشعرة من السقوط في طبق الحساء؟ وهل المضايقات التي تتكرر في حياتنا اليومية بصورة لا نرغبها عموما هي ليست مؤامرة كبرى وخفية؟
الإنسان العادي يقارن ما يطرأ في حياته من سلبيات بما يطرح من إيجابيات أو العكس، كالمقارنة بين النحس والحظ، والتشاؤم والتفاؤل. الأكيد أن ما نسميه نحساً سواء أكان فرديا أو جماعيا سيحدث حتما متى كان قابلا للحدوث، فالمصعد سيتوقف وبداخله من هو في عجلة، متى حدث عطل طارئ، والورقة المهمة سوف لن تجدها عندما تبحث عنها كونك وضعتها في مكان ما ونسيت، بينما المهملات من الأوراق كيف نظرت تجدها أمامك.
في مرات عديدة تشعر أنك اخترت الصف الأبطأ عندما تذهب إلى السوبر ماركت أو البنك، أو عندما تقود سيارتك في عجقة السير على الطريق السريع. رأسا سوف تقول: إنه حظي السيء والنحس الذي يلازمني. الحقيقة أنت مستعجل وتقف في صف سريع وغيرك ليس مستعجلا ويقف في صف بطيء، لذلك تشعر بأن صفك أبطأ من صفه لأن كل ثانية انتظار بالنسبة اليك تعادل دقيقة بالنسبة له، وهذا ليس نحسا ولا قلة حظ.
وهنا في ديربورن سمعت نكتة ظريفة عن رجل لبناني، “بصلته محروقة”، يضايقه ويزعجه الوقوف بالصف في كل مكان يذهب إليه. وأراد صاحبنا المعجوق أن يقتل الصفوف ويتخلص منها فذهب إلى حيث تقيم ووجد حارسا أمام باب المكان، فسأله ماذا يريد. فقال له بأنه يريد قتل الصفوف. قال له الحارس هازئا: قف بالصف وانتظر دورك!
أعتقد وهذا رأيي الخاص، ربما، لأن الدنيا مستديرة وتلف وتدور، ونصفها ظلام ونصفها نور، ولأن طريق الشر مليء بالمشاة والقلة اختارت طريق الخير في الحياة. والإنسان بطبعه ميال الى اختيار الخطأ والخطيئة مما يعرضه للعديد من السلبيات والمضايقات في حياته ويشعره ذلك بأنه منحوس ومتعوس.
أتمنى على القراء ذوي الحظوظ المرتفعة، كأسعار الذهب، هذه الأيام، أن لا يتشائموا بعد قرائة هذا المقال..
Leave a Reply