1
لا تَرْثِني إذا متُّ. لا تحمّل جِمالَ الكلام فوق ما تطيق، فالطريقُ طويل، والظلُّ أجملُ من الحُداء.
/
لا ترْثني!.. قل: كان ماءُ الأذان يصفو بعينيْ قلبه، فيمدُّ يديه ليلمسَ الكلام القديم. كانت الصلاةُ تفرشُ السجاجيد على صوته، فيغرق في التفاصيل. قل: كانت على مآذنه.. العصافيرُ تتناسل في الصباح. كانت الزهورُ تتلاقح حين تشيع روحُه بين النباتات، وكان يسمّي الروائح بأسماء الفتيات. قل: كان يرى نجوماً في ظلال الأشجار، ويشير إلى أقمار.. فيفرحُ: كم ليل في النهار؟!.. كان يقول.
وكان يقول: الأرض شجرة، والليل ظلّها..
/
لا ترْثِني إذا متُّ! قل: كان يحبُّ الوقوف على نهار البحر، ويسمّي النوارس: هذا النورس قمرٌ يحبُّ التنقّل بين المرايا، وذاك الذي يلمع.. نورس من ملح البحر، وعمّا قليلٍ، سيذوب في السماء. تلك النورسةُ.. غيمةٌ بيضاء، خرجتْ قبل احتلامها بالبرق.. صغيرةً لم تزل، ولم تتعلّم كيف تهطل.. وتلك “هيلين”. ولدتْ قبل اكتمال اللغات،ـ شهقَ الكلام في رئتيها، بعيداً عن السواحل، فطارت.. نورسةً للحبّ،
وسوف تأخذها الريح إلى كل جسد وحرب..
/
قل كان يستدرجه الكلام إلى أقاصي الكلام، حين تلعبُ الخمرةُ..بالكرة، فيتبعها إذ تتقافزُ. قل: كان يفشي الحمامَ و الأشجار، ويبالغُ.. فتلمعُ بين يديه البيوت. قل: كان يقولُ: من زبد الرمل الخيولُ، وكان يسمّيها، ويسمّي اليمام..
كان يقول: من زبد الرمل خولةٌ، وينشدُ: لخولةَ أطلالها ، وليَ الكاحلان..
/
لا ترْثِني إذا متُّ. قل: كان لا يصدّقُ أنه سوف يموت..
2
لا مهبَّ إلا.. للريح. أمي! انشري قمصاني بلا ملاقط، فربّما.. ربّما تحملها الريح.إلى بلاد بعيدةْ. غريبٌ، أو كأني غريب.. أرى في الحلم.. أني أتكلّم بلغة أخرى! أو.. كأني ولدتُ هنا. كلّما ابتعدتُ، توجستُ.. البلاد.
/
خذني، واقترب. بيننا هذه الأرض الوحيدة، وما تبقّى من أراضينَ للجنّ والغيب. خذني، وابتعد، لكل قرين من يموتُ بالنيابة عنه. ماذا سيكتب الحبر، أيضاً، في هذا الليل، ينبغي الآن قمرٌ.. للظلال: كلُّ.. حقيقة.. سوداء!
/
أحبكِ.. يحتلّني المكان. وأحبكِ.. للزمان حيلتُه الأخرى/ حيلتُه النائيةْ..
Leave a Reply