أعلنت القطاع «كياناً معادياً» وتمهد لعقاب جماعي عبر الماء والكهرباء والوقود
غزة، تل أبيب – أعلنت اسرائيل الأسبوع الماضي الانتقال الى مرحلة جديدة من الحرب المفتوحة على قطاع غزة الذي وصفته بأنه «كيان معاد»، وقررت تشديد العقوبات الجماعية التي تفرضها على أكثر من 1.5 مليون فلسطيني باتوا عرضة للمجاعة جراء الإقفال المستمر منذ ثلاثة أشهر للمعابر ولمصادر التموين والماء والكهرباء، وهي خطوة سارعت وزيرة الخارجية الاميركية كوندليزا رايس الى تبنيها حرفيا، وبررتها باعتبارها تستهدف إسقاط سلطة حركة حماس، وألمحت الى إمكان الفصل بين القطاع وبين الضفة الغربية. وفي موازاة ما وصفته «حماس» بأنه إعلان حرب وتعهد الرد عليه، بدأت اسرائيل اجتياحها مخيم عين بيت الماء قرب نابلس شمالي الضفة الغربية، حيث سقط عدد من الشهداء.وقال سكان المخيم إن جنود الاحتلال «يقتحمون المنازل من خلال تفجير جدرانها الداخلية ويقومون بحبس العائلات في غرفة واحدة»، مستذكرين اجتياح المدن الفلسطينية في عملية «السور الواقي» خلال العام 2002.
إسرائيل وجاء في قرار اتخذته الحكومة الامنية المصغرة بالاجماع، ان «حماس منظمة إرهابية سيطرت على قطاع غزة وجعلت منه كيانا معاديا، وهذه المنظمة تقوم بنشاطات معادية لدولة اسرائيل ومواطنيها وهي بالتالي مسؤولة عن تلك النشاطات».أضاف البيان انه «بالإضافة إلى مواصلة العمليات العسكرية التي تستهدف المنظمات الإرهابية، ستفرض إسرائيل قيودا على السلطة المنبثقة عن حماس، بشكل يحد من نقل البضائع إلى قطاع غزة ووقف تزويده بالوقود والكهرباء، وفرض قيود على حركة السكان من القطاع واليه»، مشيرا الى ان «هذه القيود ستطبق بعد دراسة جوانبها القانونية، مع الأخذ في الاعتبار كلا من العوامل الانسانية في غزة والنية لتفادي أزمة إنسانية».وذكرت صحيفة «هآرتس» ان تلك الخطوات تستهدف إثارة «رافعة مدنية» تضغط على حماس لإرغامها على وقف إطلاق الصواريخ، موضحة ان «العقوبات ستفرض بشكل متدرج، حيث سترد إسرائيل على إطلاق صاروخ، بقطع التيار الكهربائي في المرحلة الأولى». وربطت الصحيفة بين «قطع التيار ومشاغل تصنيع القسام» التي تعمل على الكهرباء. أضافت ان قطع إمداد الوقود سيشكل المرحلة الثانية من العقوبات، باستثناء تزويد المستشفيات بما يكفي لتشغيل المولدات الكهربائية. وتابعت ان قيودا أكبر ستفرض على المعابر مع القطاع، التي لن يمر عبرها سوى المواد الغذائية والادوية، كما سيمنع تنقل المسافرين. وقال وزير الدفاع الاسرائيلي ايهود باراك خلال الجلسة ان «الهدف هو إضعاف حماس… كل يوم يمر يقربنا أكثر من عملية في غزة». وذكرت الاذاعة الاسرائيلية ان باراك استبعد في المرحلة الراهنة هجوما بريا واسع النطاق على القطاع، بسبب الوضع عند الحدود الشمالية والتوتر مع سوريا. وقال نائب وزير الدفاع الإسرائيلي متان فيلنائي، من جهته، إن «نظام حماس سيء لسكان غزة وسيء لدولة إسرائيل… إننا نصعد الضغوط على نظام حماس في غزة من أجل التسبب بسقوطه». ورأى رئيس «لجنة الخارجية والدفاع» في الكنيست تساحي هنغبي انه «عاجلا ام آجلا، سيتعين شن عملية واسعة ضد غزة، وفي غضون ذلك لا داعي لتزويدهم الماء والكهرباء»، فيما رحب رئيس حزب الليكود اليميني المعارض بنيامين نتنياهو بالقرار، قائلا إنه «يتوجب إسقاط نظام حماس في القطاع وعدم تجديد التهدئة مع هذه المنظمة».غير أن رئيس حزب «ميرتس» اليساري النائب يوسي بيلين وصف القرار بـ«الأبله والخطير» معتبرا أن «من شأنه أن يقوي حماس ويمس بصورة إسرائيل ويزيد مخاطر العنف».وسارعت رايس الى دعم الإجراء الذي اتخذته الحكومة الاسرائيلية. وقالت، في مؤتمر صحافي مشترك مع نظيرتها الاسرائيلية تسيبي ليفني، «ان حماس هي بالفعل كيان معاد. انها كيان معاد بالنسبة للولايات المتحدة ايضا» مضيفة «لن نتخلى عن الفلسطينيين الابرياء في غزة وسنبذل كل الجهود الممكنة من أجل تأمين حاجاتهم الانسانية». وتابعت ان «غزة والضفة الغربية هما مكونان لما سيصبح الدولة الفلسطينية، وحتى لا نقول ان غزة ستفصل عن الضفة بصورة ما». وقالت ليفني، من جهتها، ان «كل الاحتياجات التي تزيد عن الاحتياجات الانسانية، لن تقدمها اسرائيل الى غزة». في المقابل، قال المتحدث باسم حكومة إسماعيل هنية المقالة، طاهر النونو، «هذا عقاب جماعي مرفوض جملة وتفصيلا… لا نرى شيئا جديدا بهذا القرار وهو محاولة ابتزاز سياسي ستفشل وستنهار على صخرة الصمود الفلسطيني». أضاف ان حماس ستجري اتصالات مع الجهات المعنية «لمنع هذه الاجراءات الخطيرة» مكررا «الالتزام بالتهدئة المتبادلة».
المقاومة الفلسطينيةمن جهتها، اعتبرت حركة حماس القرار «كارثة إنسانية إضافية جديدة تمس بالاحتياجات الأساسية اليومية لسكان القطاع، وبمثابة إعلان حرب شاملة على غزة وإجراءات عملية تمهيداً للعملية العسكرية التي تلوح بها سلطات الاحتلال الصهيوني ضد القطاع».ورأى مصدر في حركة الجهاد الاسلامي ان سالحكومة الصهيونية تراهن على دعم عربي وفلسطيني لهذه الخطة ولو بالصمت كحد أدنى، فيما دعت «كتائب شهداء الاقصى» «أبناء الشعب الفلسطيني الى التلاحم في مقاومة المحتل». ونقلت «اسوشييتد برس» عن مسؤول في حماس ان قادة الحركة في دمشق سيلتقون نظراءهم في حركة الجهاد الاسلامي، لبحث إمكان وقف إطلاق الصواريخ. وفي رام الله، قال متحدث باسم الرئاسة الفلسطينية «ان هذا القرار التعسفي سيساهم في تشديد الحصار الخانق المضروب على مليون ونصف مليون من أبناء شعبنا في قطاع غزة، وزيادة معاناتهم، وتعميق مأساتهم».
رايس ومؤتمر السلام وفي سياق آخر، التقت خلال الأسبوع الماضي رايس كلا من رئيس الوزراء الاسرائيلي ايهود اولمرت ووزيري الدفاع ايهود باراك والخارجية تسيبي ليفني ونائب رئيس الحكومة حاييم رامون ورئيس حزب «الليكود» بنيامين نتنياهو، بالاضافة الى رئيس الاركان غابي اشكنازي، ثم عادت واجتمعت مع أولمرت بعد لقائها في رام الله الرئيس الفلسطيني محمود عباس ورئيس الوزراء سلام فياض. وردا على سؤال عما اذا كانت إسرائيل مستعدة للتفاوض حول قضايا الوضع النهائي، أشارت ليفني الى «هوة… في استعداد الطرفين… والقدرة على ترجمة ذلك الى تفاهم ومن ثم ترجمته الى أفعال على الأرض» موضحة ان ثمة «توقعات عالية وأؤمن بالتوقعات الواقعية». أما رايس، فأعربت عن «أملها» بالتوصل الى «تفاهمات مشتركة حول إقامة دولة فلسطينية». وردا على سؤال حول احتمال دعوة سوريا الى «مؤتمر بوش»، قالت رايس ضاحكة «لم ندعُ احدا حتى الآن». من جهتها، ذكرت صحيفة «معاريف» أن قادة إسرائيل استقبلوا رايس «بفتور»، مشيرة الى ان ليفني أبلغتها خلال لقائهما أن إسرائيل معنية بـ«قمة بيانات فقط» لا بـ«اتفاقات مبادئ» خلال «مؤتمر بوش».غير ان رايس لم ترد على أسئلة الصحافيين حول جدول أعمال الاجتماع والمشاركين فيه.
Leave a Reply