حسن خليفة – «صدى الوطن»
يسعى القيادي العربي الأميركي المخضرم إسماعيل (إش) أحمد، لأن يصبح أول عضو عربي في مجلس ولاية ميشيغن التربوي في الانتخابات المقررة يوم الثامن من تشرين الثاني (نوفمبر) القادم.
ويعتبر اسماعيل أحمد، المرشح عن الحزب الديمقراطي أحد أبرز قدامى الناشطين العرب الأميركيين في مجال تنظيم وتمكين المجتمعات المحلية لتحقيق العدالة الاجتماعية وتكافؤ الفرص التعليمية، وذلك عبر دوره الريادي في منظمة «أكسس» قبل توليه لاحقاً مناصب حكومية وتربوية خلال مسيرته الحافلة.
ويستند أحمد في ترشيحه الى خبرته الطويلة في التعامل مع المجتمعات المهمشة، ويدعو في برنامجه الانتخابي الولاية الى توفير الأدوات اللازمة لجميع المناطق التعليمية في أنحاء ميشيغن، لتعزيز وتنمية قدرات طلابها المبدعين والبارعين من جميع الفئات العمرية.
تحت هذا الشعار يترشح أحمد، عن الحزب الديمقراطي، لعضوية المجلس التعليمي، جنباً إلى جنب مع رئيس المجلس الحالي الديمقراطي جون أوستن، الذي يسعى للاحتفاظ بمقعده لثماني سنوات إضافية.
ويتواجه مرشّحا الحزب الديمقراطي، أوستن وأحمد، مع بقية مرشحي الأحزاب للفوز بمقعدين في مجلس الولاية التعليمي الذي يتشكل من ثمانية أعضاء منتخبين (لمدة ثماني سنوات)، ويتولى الإشراف على وزارة التعليم في ميشيغن.
ويتنافس أوستن وأحمد مع اثنين من المرشحين عن الحزب الجمهوري، إضافة الى مرشحي الأحزاب الأخرى (الخضر والليبرتاريون ودافعو الضرائب).
التعليم العام
وفي حديث لـ«صدى الوطن» أكد أحمد على الأهمية القصوى للتعليم العام بوصفه «العنصر الأكثر حيوية» لتأمين المجتمعات -ولا سيما مجتمعات المهاجرين- لأنه يوفر له فرصة للنهوض والازدهار.
وقال «إنها فرصتهم للتفوق والتقدم وتربية أبنائهم وتحسين مستوى حياتهم»، مشيداً بالدور الأساسي الذي يؤديه الناشطون المنظمون لإسماع أصوات مجتمعاتهم للمسؤولين.
وأعطى أحمد مثالاً على ذلك نجاح الجالية العربية في إقرار مقترح تاريخي بإصدار سندات خزينة لتطوير منطقة كريستوود التعليمية في ديربورن هايتس، بفضل جهودها المنظمة بالدرجة الأولى.
وأضاف أن «تلك الجهود تبدو واعدة ومعظم السكان والمسؤولين يحبذون فكرة تحسين المدارس»، لكن ميشيغن هي من الولايات الأميركية الأقل إنفاقاً على التعليم العام بحسب أحمد، الذي أشار الى أنها تحتل المرتبة ٤٩ بين الولايات الأميركية الخمسين.
ويرجع أحمد (69 عاماً) تدني ترتيب ميشيغن الى «المعادلة» (الفورميلا) التي تعتمدها الولاية في الانفاق على التعليم العام والتي لا تنظر بجدية الى احتياجات الطلاب في كل منطقة تعليمية عند احتساب حصصها من ميزانية وزارة التعليم.
فمثلاً مدارس ديترويت العامة لا تحصل على تمويل إضافي رغم أن ربع طلابها تقريباً هم من ذوي الاحتياجات الخاصة، بحسب أحمد الذي أشار الى أن تعليم طالب معوّق بدنياً أو ذهنياً قد يكلف خمسة أضعاف الطالب السليم.
ولفت الى أنه في ديترويت، يجد الطالب المعوّق نفسه حبيس منطقة الرمز البريدي الخاصة به، ولا تتاح له فرصة التعلّم في المدارس الأكثر ملاءمة له والموجودة في أماكن أخرى.
أحمد الذي يدعو «إلى تعزيز التعليم العام لأنه نواة الديمقراطية في المجتمع»، يؤكد أن ديترويت بحاجة الى تيار واسع لدعم الاستثمار في مجال التعليم العام في المدينة، وذلك «حتى تعود الديمقراطية الى مدارس ديترويت».
وأضاف أنه خلال توليه منصب وزير الخدمات الاجتماعية في ميشيغن، ساهم أحمد بإنشاء تحالف واسع من رواد الأعمال والمسؤولين الحكوميين وممثلي المدارس العامة والمشتركة (تشارتر) والنقابات والمؤسسات غير الربحية، وقد قام هذا التحالف بتقديم خطة استراتيجية شاملة لمكتب الحاكم بشأن النهوض بمستوى التعليم في الولاية، لكن مجلس نواب الولاية لم يقرّ سوى جزء منها.
وتناولت الخطة سبل خفض العجز في ميزانية التعليم في الولاية، والتي كان يخصص 40 بالمئة منها لخدمة الفوائد، كما شملت الخطة مسألة الديمقراطية والشفافية في مدارس ديترويت واقترحت إنشاء سلطة خاصة للسماح بإنشاء مدارس «تشارتر» في المدينة، على أن تُفرض نفس المعايير على المدارس العامة والمشتركة.
وأردف أحمد انه على الرغم من أن العديد من مدارس «التشارتر» الموجودة حالياً متميزة، و«لكن الغالبية العظمى منها إضافة الى المدارس العاملة عبر الإنترنت تقدم مستويات تعليم متدنية»، مشيراً الى أن ديترويت تضم اليوم 12 مدرسة تشارتر، و«الكثير منها تتطلع إلى تحقيق الربح بدلاً من ملء الفجوة في التعليم» على حد قوله.
خبرة طويلة
وبينما يتصارع المشرعون في العاصمة لانسنغ بشأن المصالح المتضاربة، يؤكد أحمد أنَّ لديه الخبرة الكافية للعمل مع الحزبين لإنجاز الأمور، رغم أنه ينتمي الى الحزب الديمقراطي.
وتولى اسماعيل أحمد وزارة الخدمات الاجتماعية في حكومة ميشيغن، خلال عهد الحاكمة الديمقراطية جنيفر غرانهولم (٢٠٠٣-٢٠١١) وتعتبر هذه الوزارة اليوم -بعد دمجها بوزارة الصحة- أكبر دائرة حكومية بيروقراطية في الولاية. وأحمد هو أحد مؤسسي «المركز العربي للخدمات الاقتصادية والاجتماعية» (أكسس) في سبعينات القرن الماضي، كما ساهم في تأسيس «المتحف الوطني العربي الأميركي» (٢٠٠٥) وعدد من النقابات.
ويدرك أحمد أن التغيير يكون أكثر فعالية في حال وجود «عنصر بشري فاعل».
تحديث الصيغة
ويرى أحمد أيضاً أن أساليب التدريس الحالية «عفا عليها الزمن إلى حد كبير»، لأنها بالأصل صممت لأنواع «المهن التي سعى اليها الأجداد». وأضاف «علينا خلق مبدعين يمكنهم تجاوز الخطوط، وتثليث المعلومات والعمل في مجالات متنوعة. ويدعو أحمد الى توفير «خبرة عمل» للطلاب قبل التحاقهم بالكلية، «وجزء من هذا هو للاستثمار أما الجزء الآخر فهو لإطلاق العنان لإبداع المعلمين ومديري المدارس والمجتمع بشكل عام».
زوجة أحمد هي مدرسة في منطقة ديربورن التعليمية، ولذلك فهو يعرف عن كثب كيف أن «المعلمين لا ينالون التعويضات المالية التي يستحقونها» «فالمعلمون غالباً ما يقضون ساعات طويلة لمساعدة الطلاب، ويصرفون من جيوبهم أحياناً ثمن المواد، كما يتم تحميلهم مسؤولية تدريب قادة المستقبل»، وأمام كل هذا يرى أحمد أنه من الضروري أن تعاد للمعلم القدرة على الإبداع في التعليم، منتقداً تشدد مشرعي الولاية في تحديد المنهاج التعليمي مما «يسلب المعلمين قدرتهم على الإبداع ويمنعهم من اعتماد طرق تدريس خاصة بهم».
ويعتبر أحمد أن للأهالي الدور الأساس في نجاح الطلاب لأنهم القاعدة التي ينطلقون منها، لافتاً الى أن زوجته قامت بتأسيس برنامج خاص في ديربورن لتعزيز دور الأهالي في تعليم أبنائهم وتستفيد منه حالياً قرابة ١٥٠ عائلة، بحسب أحمد. ويقوم هذا البرنامج بمساعدة بتعليم الآباء المهاجرين مهارات اللغة والمهارات الأخرى اللازمة لمساعدة أبنائهم في أداء الواجبات المدرسية.
وأشار أحمد الى أن 40 بالمئة من أهالي ديترويت، غير مؤهلين لمساعدة طلاب أعلى من مستوى الصف السادس.
كما أن مدينة مثل ديربورن هايتس قامت بإلغاء برنامج شامل لتعليم اللغة الإنكليزية كلغة ثانية للبالغين، ولكنه توقف لأن الولاية أوقفت تمويل دورات تعليم اللغة الإنكليزية كلغة ثانية للبالغين.
وختم أحمد بالقول انه في حال فوزه في انتخابات الشهر القادم فسوف يشجع ويعوض المدارس التي توفر برامج تعليم اللغة الإنكليزية كلغة ثانية للطلاب والأهالي، في إطار تلبية متطلبات سوق العمل العالمي. وختم «علينا أنْ نعيد العامة الى المدارس العامة. أنا أثق بحرص الجمهور على مدارسه أكثر بكثير من ثقتي بمشرعي اليمين».
Leave a Reply