هيوستن – ضربت العاصفة المدارية «هارفي» جنوب شرقي تكساس على مدى خمسة أيام مخلفة عشرات القتلى وعشرات آلاف المشردين ودماراً هائلاً يصعب حصر أضراره، قبل أن تواصل العاصفة مسارها إلى ولاية لويزيانا.
واجتاحت العاصفة، التي تعد أكبر إعصار يضرب تكساس منذ أكثر من 50 عاماً، مدينة هيوستن، رابع أكبر المدن الأميركية ومحور صناعة الطاقة بالولايات المتحدة، حيث هطلت كميات قياسية من الأمطار متسببة بفيضانات غير مسبوقة.
وأودت العاصفة بحياة حوالي ٣٠ شخصاً على الأقل، وشردت أكثر من 32 ألف شخص منذ أن وصلت إلى اليابسة، الجمعة الماضي.
خسائر فادحة
وأدت الفيضانات إلى إغلاق أكبر مصفاة للنفط بالبلاد في بورت أرثور في أحدث ضربة لقطاع الطاقة بالولايات المتحدة، مما تسبب في ارتفاع أسعار البنزين وإعاقة إمدادات الوقود العالمية وكبح الطلب على النفط الخام.
وتقدر الخسائر الاقتصادية الناجمة عن «هارفي» بالنسبة لجنوب شرقي تكساس بما يتراوح بين 51 و 75 مليار دولار، لتكون من بين أكبر العواصف كلفة في الولايات المتحدة بحسب، شركة «آر.أم.أس» المتخصصة في تقييم المخاطر، الأربعاء الماضي.
ووفقاً للشركة فإن معظم الخسائر نجمت عن السيول التي اجتاحت منطقة هيوستون.
وقالت الشركة في تقديرات أولية، إن شركات التأمين لن تغطي غالبية تلك الخسائر، نظراً لأن تأمين القطاع الخاص ضد السيول محدود.
وفي الأسبوع الماضي أكدت «آر.أم.أس» أن أضرار الرياح المصاحبة للعاصفة «هارفي» قد تسببت بخسائر تأمين تقل عن ستة مليارات دولار على الأرجح.
ويتوقع بعض المحللين في «وول ستريت» وصول الخسائر المؤمن عليها جراء العاصفة إلى نحو 20 مليار دولار.
كارثة غير مسبوقة
وقال حاكم تكساس، غريغ أبوت الأربعاء الماضي: «الأسوأ لم ينته بعد بالنسبة لجنوب شرق تكساس فيما يتعلق بهطول الأمطار»، وأضاف أن على سكان اًلمناطق، التي ضربتها العاصفة توقع استمرار الفيضانات لما يصل إلى أسبوع، مشيراً إلى أن المنطقة المتضررة من العاصفة أكبر من تلك التي ضربها كل من الإعصار كاترينا في 2005، والذي قتل أكثر من 1800 شخص في نيو أورلينز والعاصفة «ساندي»، التي قتلت 132 شخصاً حول نيويورك ونيو جيرزي عام 2012.
وطلب أبوت من الحكومة الفدرالية الموافقة على تخصيص أموال أكثر من تلك التي خصصتها بعد العواصف السابقة وذلك لإعادة بناء ساحل خليج المكسيك.
ونقلت الوكالة الفدرالية لإدارة الطوارئ (فيما) عن المسؤولين في تكساس قولهم إن ما يقرب من ٥٠٠ ألف منزل لحقت بها أضرار ناجمة عن الفيضانات، فيما تعرض أكثر من ألف منزل للدمار، مضيفة أن نحو 195 ألف شخص يسعون للحصول على مساعدات فدرالية.
وزار الرئيس دونالد ترامب تكساس، الثلاثاء الماضي، لتفقد الأضرار بعد أول كارثة طبيعية كبيرة تختبر إدارته للأزمات.
وجرى إنقاذ نحو أربعة آلاف شخص بالفعل من المياه المرتفعة في منطقة هيوستن، فيما تواصل الشرطة وفرقة الإطفاء وجنود الحرس الوطني محاولة العثور على من غمرتهم المياه.
كذلك صعدت العقود الآجلة للبنزين إلى أعلى مستوياتها في عامين يوم الأربعاء الماضي بينما انخفضت أسعار النفط الخام، حيث تسببت الفيضانات والدمار الناجم عن إعصار هارفي في تعطيل نحو ربع طاقة المصافي الأميركية مما كبح الطلب على الخام وزاد مخاطر نقص الوقود.
وتعطلت طاقة تكريرية تقارب 4.4 مليون برميل في الولايات المتحدة جراء الإعصار وفقا لتقارير شركات وتقديرات «رويترز». ويمثل ذلك نحو ربع إنتاج المصافي الأميركية، وقد تستغرق إعادة تشغيل المصافي أسبوعاً أو حتى أكثر في أفضل الظروف.
حظر التجول ليلاً
فرضت سلطات مدينة هيوستن (٢.١ مليون نسمة) حظر التجول ليلا، لمنع عمليات السرقة والنهب، التي انتشرت مع الفيضانات. ويبدأ حظر التجول من منتصف الليل إلى الخامسة صباحا، ويستثنى من ذلك العاملون في مجال الإنقاذ والمساعدات والذاهبون أو العائدون من العمل.
وأدى الإعصار إلى سقوط كميات قياسية من الأمطار، غمرت مياهها أجزاء واسعة من المدينة في ولاية تكساس، ودمرت المنازل، وتسببت في مقتل أكثر من 20 شخصاً في المدينة.
وقال رئيس بلدية هيوستن، سيلفستر تورنر، إن حظر التجول ضروري لوقف عمليات النهب.
وقال تورنر إن حظر التجول سيساعد في منع «الاعتداء على الممتلكات التي تم إخلاؤها»، وفُرض «من أجل التصدي للجرائم المحتملة فحسب».
وسجل المسؤولون في المدينة حوادث نهب وسرقات وسطو مسلح، وانتحال شخصية أفراد شرطة.
وقد غادر عشرات آلاف الاشخاص مساكنهم بحثاً على ملاجئ بسبب الفيضانات.
وزار الرئيس، دونالد ترامب، ولاية تكساس للاطلاع على الخسائر التي تسبب فيها إعصار هارفي (التفاصيل ص ١٦).
ويجتاح هارفي، الذي انخفضت شدته إلى إعصار درجة إعصار استوائي، ولاية لويزيانا، وأدى فيها إلى تساقط كميات كبيرة من الأمطار، بعد مروره بخليج المكسيك.
وتستعد نيو أورلينز المنخفضة، التي اجتاحها إعصار «كاترينا» في 2005، لمرور إعصار هارفي أيضاً.
استأنف المطاران الرئيسيان في مدينة هيوستن الأميركية عملياتهما بشكل محدود بعد ظهر الأربعاء الماضي، بعدما بدأ منسوب مياه الفيضانات التي خلفتها العاصفة هارفي بالانخفاض.
وخطط مطارا جورج بوش وويليام بي. هوبي الدوليان لاستئناف خدمة محدودة عند الساعة الرابعة من بعد ظهر الأربعاء بالتوقيت المحلي.
وأشار المطاران إلى محاولة العودة التدريجية إلى الخدمة، وسط توقع تقديم خدمة كاملة بحلول نهاية الأسبوع.
عمليات إنقاذ
أبدى خفر السواحل الأميركي براعة في قدرته على التعامل مع حالة الطوارئ في تكساس التي ضربها إعصار هارفي مخلفاً عشرات القتلى وآلاف المواطنين العالقين في مناطق فيضانات خطرة.
هذه البراعة دفعت الرئيس دونالد ترامب إلى الإشادة بهذا الجهاز الأمني، وماقدمه إلى جانب جهات محلية وفدرالية من جهود لإغاثة السكان المحليين.
وقال ترامب «نحن فخورون بخفر السواحل وبالعمل الذي قاموا به، الأرواح التي أنقذوها. حقا فخورون بكم».
وتشارك قوات خفر السواحل في عمليات الإنقاذ والإخلاء والإغاثة منذ مطلع الأسبوع بـ46 طائرة هليكوبتر بالإضافة لستة أطقم إنقاذ من المياه الضحلة وتسع فرق مجهزة بقوارب خاصة بالفيضانات.
ومشطت طائرات الهليكوبتر والقوارب المناطق المتضررة من السيول التي خلفتها العاصفة بحثاً عن السكان المحاصرين.
وطلب خفر السواحل من العالقين عدم البقاء داخل المنازل في حال غمرتها المياه، والصعود إلى الأسطح لتتمكن القوات من رؤيتهم.
وأظهرت مقاطع الفيديو إجلاء خفر السواحل للسكان العالقين عبر عدة عمليات إنزال باستخدام الطائرات، حيث أظهر العناصر براعة عالية.
بدورها استخدمت شرطة مدينة هيوستن قوات دعم جوية للمساعدة في عمليات الإنقاذ، كما أرسلت عدة ولايات بينها ميشيغن قوات للمساعدة في عمليات الإنقاذ.
كذلك شاركت قوات شرطة من مختلف مدن الولاية في مساعدة العالقين من السكان والمحتاجين للمساعدة.
كما طلب من السكان الذين يملكون قوارب أن يتطوعوا بها للمساعدة في الإغاثة.
مساجد هيوستن تفتح أبوابها أمام ضحايا إعصار «هارفي»
هيوستن – فتح مسلمو ولاية تكساس أبواب مساجدهم أمام مئات المشردين جراء تبعات إعصار «هارفي»، الذي ضرب مناطقهم على مدار خمسة أيام، على التوالي.
وأجبر الإعصار والأمطار الغزيرة والفيضانات الناجمة عنها آلاف الأشخاص على ترك منازلهم بحثا عن أماكن آمنة، وتمكن المئات منهم الحصول على ملاجئ في ما لا يقل عن 12 مسجداً بمنطقة هيوستن الكبرى.
وأوضح مدير الجمعية الإسلامية لهيوستن الكبرى ISGH، مسرور جواد خان، في مقابلة مع إذاعة PRI، أن الأشخاص، الذين احتضنتهم المساجد، ليس جميعهم من الطائفة المسلمة في الولاية، قائلاً: «إننا نرحب بكل شخص (يريد الحصول على إيواء في مساجدنا)».
وأشار خان إلى أن ما لا يقل عن 12 مسجداً في المنطقة تم تحويلها إلى ملاجئ عاملة 24 ساعة كل يوم للمشردين، الذين يحصلون فيها على الطعام والماء والخدمات الضرورية.
وأوضح خان أن من بين هؤلاء الأشخاص «مسنون وأطفال صغار»، لافتاً إلى أن «لكل الأشخاص احتياجات مختلفة».
وبدأت الجمعية جهودها لتقديم المساعدة للمواطنين المحليين، قبل اجتياح «هارفي» الولاية، من خلال استخدام شبكاتها الواسعة للتواصل وإجراء فعاليات دعائية خيرية لجمع التبرعات وتعبئة المتطوعين، مما سمح لاحقا برفع عدد المساجد، التي تحولت إلى ملاجئ إلى 21 مسجداً، حسب صحيفة «اندبندنت» البريطانية.
وفي حديث لقناة «سي أن أن» قال مدير «مركز بريند لاين الإسلامي» في مدينة ستانفورد جنوب غربي هيوستن، شايزاد تشاتريوالا، إن المسجد التابع له احتضن من 80 إلى 90 شخصاً، فيما كان من المتوقع وصول حوالي 100 آخرين.
ولفت العديد من الناشطين في مواقع التواصل الاجتماعي إلى أن مساجد هيوستن فتحت أبوابها أمام ضحايا إعصار «هارفي» في الوقت الذي أعلنت فيه إدارة «كنيسة لايكود»، التي تعتبر أكبر كنيسة في المنطقة، عن إغلاق أبوابها طيلة مدة وقوع الكارثة.
ووجّه الكثيرون انتقادات عدة لقرار إغلاق الكنيسة الضخمة، القادرة على احتضان 16 ألف شخص، معتبرين أن هذه الخطوة «غير منطقية».
وقال أحد النشطاء ساخراً: «إذا توجهّت لكنيسة أوستين ووجدتها مغلقة لا تقلق، فالمركز الإسلامي في هيوستن مفتوح».
Leave a Reply