بقلم: صخر نصر
ما إن تبحث عن سلعة ما لتشتريها عبر الشبكة العنكبوتية وتبدأ في تفحص طلبك ومواصفاته وسعره، ثم تنتقل الى صفحة أخرى أو إلى مادة أخرى حتى تنهال عليك العروض من كل حدب وصوب، فتظهر أمامك على شاشة الكومبيوتر الاعلانات المتحركة والثابتة كلما فتحت صفحة أو تفقدت بريدك الالكتروني أو صفحة التواصل الاجتماعي (الفيسبوك) الخاصة بك، وأمام هذا الاقتحام لخصوصيتك الالكترونية في العالم الافتراضي تخاف أن يصبح الاقتحام حقيقة ويدخل المعلن الى بيتك وربما الى غرفة نومك دون استئذان.
بالتأكيد أن ازدهار سوق الاعلان دليل على الرخاء الاقتصادي، والإعلان هو خدمة حضارية لها وجهان، وجه لخدمة الزبون (الذي هو أنا وأنت) والآخر لخدمة المنتج أو البائع، وتقدم هذه الخدمة عبر وسائل الاعلام بمختلف أنواعها، المطبوعة والمسموعة والمرئية، وأخيراً الإلكترونية.
بالنسبة للإعلام المقروء، أحد أقدم تلك الوسائل، فعندما تشتري صحيفة أو مجلة لتطالع ما فيها حسب اهتماماتك السياسية أو الاجتماعية أو الثقافية أو الرياضية، تعترض نظرك الإعلانات المنتشرة على الصفحات فتصلك الرسالة بملء إرادتك، وإن لم يعجبك الإعلان تقلب الصفحة، وينتهي الأمر.
وكذلك الحال بالنسبة لإعلانات التلفزيون التي يمكن تجاهلها بمجرد تغيير القناة أو النظر بعيداً عن الشاشة، حتى أن بعض المحطات تخلت عن فوضى الإعلانات لاسيما في أوقات نشرات الأخبار حتى لا يتم التشويش على مضمون النشرة وأهمية الأحداث وكي لاتقطع سلسلة أفكار المشاهد، فتاة جميلة شبه عارية تحمل غسيلها لترميه في بطن الغسالة ليخرج بعدها زاهياً بألوانه، وتطل من خلاله علبة مسحوق الغسيل الذي تنصح الجميلة باقتنائه وإذا لم يعجبك الإعلان، يمكنك ببساطة مشاهدة محطة أخرى، وينتهي الأمر.
ولا يوفر المعلنون طريقة للدخول الى عقل وقلب المستهلك، حتى بتنا اليوم نتفرج على الإعلانات أكثر من الأحداث والمسلسلات، وأصبحت السهرة التلفزيونية إعلانية بامتياز، أكثر منها ثقافية أو ترفيهية.
كل هذا مقبول، وقد تعودنا عليه، لأننا ندرك أهمية الإعلان في الوصول إلى المستهلك وكمصدر دخل رئيس للمؤسسات الإعلامية، لكن ما لا نقبله أن تخترق شركات الإعلان حساباتنا الالكترونية، وتنط إعلاناتها في وجهنا كلما فتحنا بريدنا الإكتروني أو «الفيسبوك» لتقدم لك عرضاً لتبديل إطار سيارتك بسعر مغر، أو كرسي لتستريح عليه في حديقة منزلك فيما يختفي بريدك خلف الصور التي تقفز في وجهك فتلعن الساعة التي بحثت فيها عن اطار وتفضل السير بإطار مهترىء يعرض حياتك للخطر نكاية بالإعلان والمعلنين.
Leave a Reply