ستيرجيس
تعيش الأسر الأميركية ضغوطاً نفسية متزايدة وسط اشتداد أزمة نقص حليب الأطفال المركّب (الفورميلا) في مختلف أنحاء البلاد، عقب إغلاق مصنع رئيسي في ولاية ميشيغن بسبب تلوث بكتيري محتمل أدى إلى تعليق الإنتاج وسحب المنتجات من الأسواق في شباط (فبراير) الماضي.
الأزمة التي تسببت بإحراج بالغ للإدارة الأميركية، دفعت الرئيس جو بايدن إلى تفعيل قانون الإنتاج الدفاعي لمساعدة الشركات المصنعة في الحصول على المكونات اللازمة لزيادة الإمدادات ورغم أن شركة «أبوت» المالكة للمصنع المغلق في ميشيغن قد توصلت –الإثنين الماضي– إلى اتفاق مبدئي مع إدارة الغذاء والدواء الأميركية (أف دي أي) لإعادة تشغيل المصنع في غضون أسبوع، إلا أن وصول منتجات الشركة إلى أرفف المتاجر قد يستغرق ستة أو ثمانية أسابيع إضافية، وهو ما دفع بايدن إلى توجيه الوكالات الفدرالية لاستخدام الطائرات التجارية التابعة لوزارة الدفاع لاستيراد حليب الأطفال من الخارج.
ويعتبر مصنع «أبوت» الواقع في مدينة ستيرجيس بجنوب ميشيغن، أحد أكبر منشآت إنتاج حليب الرضّع في الولايات المتحدة، وقد أقدمت الشركة الأم على إغلاقه بشكل طوعي بعد اكتشاف إصابة عدد من الأطفال بعدوى بكتيرية.
ومنذ ذلك الحين، عمدت «أبوت» التي تتخذ من شيكاغو مقراً لها، إلى استيراد حليب الأطفال من مصنعها في إيرلندا لتخفيف النقص الحاد في الأسواق الأميركية، حيث ساهمت عملية السحب –خلال فبراير الماضي– في تأجيج الأزمة على مستوى البلاد.
وبلغ متوسط معدل نفاد المخزون لحليب الأطفال –الأسبوع الماضي– 43 بالمئة، وفقاً لشركة «داتا أسمبلي» للأبحاث، والتي جمعت معلومات من أكثر من 11 ألف متجر تجزئة في الولايات المتحدة.
وتجدر الإشارة إلى أن جذور الأزمة تعود إلى مشاكل سلسلة التوريد ونقص العمالة، غير أن المشكلة ازدادت سوءاً منذ بدأت «أبوت» عملية سحب طوعي للحليب المصنوع في ميشيغن بعد وفاة رضيعين.
وشمل هذا السحب «سيميلاك» و«أليمنتوم» و«أليكير»، وهي علامات تجارية تستخدمها ملايين العائلات الأميركية. وقد أظهر تحقيق لاحق، خلو التركيبة من أية مشاكل، لكن الإنتاج ظل معلقاً بسبب اكتشاف ظروف غير آمنة تسمح بنمو البكتيريا داخل المنشأة.
وبحسب الاتفاق المبدئي الذي تم بين «أبوت» والسلطات الفدرالية، والذي لا يزال يحتاج إلى موافقة القضاء، يتعين على الشركة اتخاذ العديد من الخطوات لتعزيز سلامة المنتجات بما في ذلك تعيين خبير مستقل لمراقبة العمليات في مصنع ستيرجيس.
وأشاد الرئيس التنفيذي ورئيس مجلس إدارة شركة «أبوت»، روبرت فورد، بالاتفاق، وقال في بيان «نتطلع إلى العمل مع إدارة الغذاء والدواء لإعادة فتح المنشأة بسرعة وأمان». وأضاف «نحن نعلم أن الملايين من الآباء ومقدمي الرعاية يعتمدون علينا ونأسف بشدة لأن السحب الطوعي أدى إلى تفاقم النقص في حليب الأطفال على الصعيد الوطني»، مؤكداً أن الشركة «ستعمل بجد لإعادة كسب الثقة التي وضعها الآباء والأمهات ومقدمو الرعاية في تركيباتنا على مدى خمسين عاماً».
وفي العادة، تزود المستشفيات وأطباء الأطفال، الأهل بعينات عدة ليختاروا ما يلائم طفلهم منها. لكن قلة من هؤلاء لا تزال تملك عبوات حليب أطفال في المخزون الموجود لديها.
من جانبه، انتقد حاكم ولاية تكساس، غريغ أبوت، إدارة بايدن لاستمرارها في شحن الحليب الصناعي المختفي من الأسواق إلى مراكز احتجاز المهاجرين غير الشرعيين. وقال في بيان: «الأطفال هم أضعف وأغلى أبناء تكساس ويستحقون العناية بهم أولاً».
كذلك ساهمت التقارير حول نقل العديد من الرضع إلى المستشفيات بسبب نقص الحليب، عدا عن معاناة الأهالي الذين يضطرون إلى القيادة لمسافات طويلة لتوفير الغذاء لأطفالهم، في زيادة الضغط على إدارة بايدن الذي ردت باتخاذ سلسلة تدابير لمحاولة معالجة الأزمة.
وهذه التحركات هي أول استجابة رئيسية لبايدن لأزمةٍ زرعت القلق والإحباط بين الآباء في جميع أنحاء البلاد ودفعت الجمهوريين والديمقراطيين على حد سواء إلى المطالبة باتخاذ إجراء عاجل.
وفي رسالة إلى وزير الصحة الأميركي كزافييه بيسيرا، ووزير الزراعة توم فيلساك، أشار بايدن إلى أن الصناعة يجب أن تنتج المزيد من حليب الأطفال في الأسابيع والأشهر القادمة، إلى جانب العمل على تعجيل عمليات استيراد حليب الأطفال ونقله إلى المتاجر بأسرع وقت ممكن.
وقال بايدن: «واردات حليب الأطفال ستكون حلاً مؤقتاً حتى زيادة الإنتاج. لذلك أطلب منكم اتخاذ جميع الإجراءات المناسبة المتاحة لجلب حليب أطفال آمن إضافي إلى البلاد على الفور».
وقال البيت الأبيض إن «تجاوز طرق الشحن الجوي المعتادة سيسرع من استيراد وتوزيع حليب الأطفال وسيمثل دعماً فورياً بينما يواصل المصنعون زيادة الإنتاج».
وذكر البيت الأبيض أن بايدن قام بتفعيل قانون الإنتاج الدفاعي لضمان توفر المكونات اللازمة للشركات لصنع حليب أطفال آمن.
ولفت إلى أن «الرئيس يطلب من الموردين توجيه الموارد اللازمة إلى صانعي ألبان الأطفال قبل أي عميل آخر ربما يكون قد طلب تلك البضاعة».
وكان بايدن قد تعهد في وقت سابق، بإزالة العقبات أمام زيادة الإنتاج، مما ساهم في التوصل إلى الاتفاق مع «أبوت» التي تنتج مع ثلاث شركات أخرى، أكثر من 90 بالمئة من منتجات حليب الأطفال في السوق الأميركي.
وقال البيت الأبيض إن بايدن تحدث مع تجار التجزئة والمصنعين، بمن في ذلك «وول مارت» و«تارغت»، لمناقشة سبل التعاون «لمساعدة العائلات في الحصول على حليب الأطفال».
Leave a Reply