توقعات بسقوط مؤسسات مالية كبرى.. والاحتياطي يتدخل لإنقاذ «أي آي جي»إفلاس «ليمان براذرز» وبيع «ميريل لينش» يهزان الاقتصاد العالمي نيويورك – شهد مطلع الأسبوع الماضي هزة اقتصادية كبيرة عصفت ببورصة «وول ستريت» سجلت واحدة من أسوأ موجات البيع في تاريخها، وذلك بعد انهيار رابع المؤسسات المصرفية في الولايات المتحدة الأميركية، بنك «ليمان براذرز»، وكذلك شراء «بنك أميركا» مؤسسة «ميريل لنش» بمبلغ 50 مليار دولار بعد فقدان الأخيرة لـ95 بالمئة من قيمتها.ويبدو أنّ الإثنين الماضي سيدخل قاموس الأسواق المالية العالمية، ليحل مكان «الثلاثاء الأسود»، الذي يؤرخ الانهيار المدوي للبورصة الأميركية في العام 1929 فقد تهاوى «ليمان براذرز» ومؤسسة «ميريل لينش»، وهما اثنان من أكبر العمالقة الماليين، متسببين في اضطراب خطير في البورصات العالمية، يتخوف الكثيرون من أنه بات خارج نطاق السيطرة، ما ينذر بعواقب وخيمة على النظام المالي العالمي. ما دفع الحكومة الأميركية بالتدخل السريع لوقف «تأثير الدومينو» على المؤسسات المالية الأخرى فتم إنقاذ شركة التأمين العملاقة «آي أي جي» بمبلغ 87 مليار دولار.وقد أشهر مصرف «ليمان براذرز»، رابع أكبر مؤسسة مالية استثمارية في الولايات المتحدة، إفلاسه ما أدى إلى تراجع قيمة سهمه بنسبة 95 في المئة ليقفل على 19 سنتاً. وأشار المصرف، في بيان، إلى أن القيمة الإجمالية لديونه بلغت 613 مليار دولار حتى 16 أيار الماضي، فيما لم تتعد قيمة أصوله 639 مليار دولار. وتسبب هذا الإعلان، مصحوباً بمخاوف من إقدام المزيد من المصارف على خطوات مماثلة، بموجة ذعر قوية في بورصة وول ستريت، ما دفع المستثمرين إلى بيع الأسهم في بداية التعاملات، ما انعكس سلباً على مؤشرات البورصة الأميركية. وتردد صدى هذا القرار حول العالم حيث تأثرت به البورصات العالمية وأسواق السلع والمصارف المركزية والحكومات وغيرها من المؤسسات المالية، إذ هبطت البورصات الأوروبية والآسيوية فيما خسرت البورصات الخليجية 7 في المئة من قيمتها. في غضون ذلك، أعلن «بنك أوف أميركا» عن شراء أسهم مؤسسة «ميريل لينش» الاستثمارية، في صفقة بلغت قيمتها 50 مليار دولار.وقال كبير استراتيجيي السوق في مؤسسة «جيفريز» آرت هوغان إنّ عمق هبوط صناعة المال غير مسبوق منذ عقود طويلة.وقال إنّه لا يمكن مقارنة ما يحدث الآن سوى بفترة الكساد الكبير في عقد الثلاثينات من القرن الماضي وكذلك سلسلة الإفلاسات التي حدثت في القرن التاسع عشر.وأوضح «لم نر شيئا مماثلا من قبل وليس هناك خارطة طريق للخروج من الأزمة».ومن جهته أعلن مجلس الاحتياط الفيدرالي الأميركي اعتزامه توفير المزيد من القروض للبنوك الأميركية والمؤسسات المالية وتوسيع نطاق المؤسسات والشركات التي يمكن أن تستفيد من هذه القروض.وجاء تحرّك بنك الاحتياط الفيدرالي كخطوة استباقية للمساعدة في تهدئة مخاوف أسواق المال قبل بدء تعاملاتها اليوم في ظل التطورات السلبية التي تهدد بتراجع كبير في أسعار الأسهم.وفي محاولة موازية لاحتواء الأزمة، وافقت عشرة من أكبر بنوك العالم أيضا على تكوين صندوق للطوارئ بقيمة 70 مليار دولار يكون من حق أي من هذه البنوك الحصول على ثلث هذه القيمة.البيت الأبيض قلقمن جهتها قالت واشنطن إن إجراءاتها التي استهدفت دعم شركة التأمين المتعثرة «أي آي جي» أدت لتفادي توسع الأضرار بالاقتصاد، معبرة عن قلقها حول شركات أخرى.وأقرّ الرئيس الأميركي جورج بوش بالمخاوف التي يشعر بها المستثمرون والعاملون في قطاع المال نتيجة لهذا الاضطراب، لكنه طمأن إلى أنّ إدارته تعمل على تخطي هذه الأزمة. وفيما لم يعط بوش أي تفاصيل حول طبيعة الخطة المقترحة، أشار إلى أنّ الإجراءات قد تكون «مؤلمة» على المدى القصير بالنسبة للأشخاص القلقين على استثماراتهم والموظفين في الشركات.
وأفادت المتحدثة باسم البيت الأبيض أن هناك قرارا من قبل وزير الخزانة هنري بولسون ورئيس مجلس الاحتياطي الفيدرالي بن برنانكي ومستشارين اقتصاديين حكوميين آخرين، تضمن أن فشل شركات كبرى بهذا الحجم كان سيلحق الضرر والخسارة بأكبر اقتصاد عالمي.وعبرت دانا بيرينو عن قلق إدارة الرئيس بوش بشأن شركات أخرى، وهو الأمر الذي يجعل وزير الخزانة ومسؤولين آخرين يعملون لمعرفة إمكانية وقف أي خسائر أخرى.وأشارت أيضا إلى صورة غير واضحة للاقتصاد الأميركي ومروره بأوقات صعبة مما يتطلب وقتا للتغلب على المشكلات، لكنها لم توضح أسماء أي شركات كانت تعنيها.وأفادت صحيفة واشنطن بوست أن الحكومة سيطرت على شركات التأمين العملاقة تفاديا لانهيار النظام المالي العالمي.محطات إفلاس قادمة؟ من ناحيتها، تكهنت «إيكونوميست» الاقتصادية المتخصصة بأن الأوضاع الاقتصادية في السوق المالي الأميركي والعالمي ستتداعى، وأن بنك «ليمان براذرز» لن يكون المحطة الأخيرة في الإفلاس.ووصفت المجلة الأحداث الأخيرة ابتداء من إفلاس «ليمان» واستحواذ «بنك أوف اميركا» على «ميريل لينش» فضلا عن زحف بعض المؤسسات الكبرى كي تبيع نفسها خشية أن تلقى مصير ليمان، بأنها غير اعتيادية.وقالت أيضا إن الأزمة المالية الأميركية تدخل في ظل هذه الظروف مرحلة جديدة في غاية الخطورة، مشيرة إلى أن تصفية أصول ليمان من شأنها أن نخفض أسعار الأصول المشابهة لها في شركات أخرى.فنهاية ليمان تبرز العجز الصناعي، أو عدم الاستعداد لإنقاذ المعتل حتى وإن كانت عواقب ذلك وخيمة.إن أكثر ما يثير القلق، حسب إيكونوميست، هو التأثير على الشركات الفرعية وخاصة السوق الكبير للديون غير المسددة، إذ يعتبر ليمان ضمن أهم البنوك الضامنة للديون غير المسددة، لا سيما أنه يمتلك عقودا تقديرية تصل قيمتها 800 مليار دولار.أما «ميريل لينش» فقد باع نفسه بدافع الخشية من اللحاق بركاب «ليمان» الذي أعلن إفلاسه.وضمن المؤشرات الدالة على تدهور الأوضاع الاقتصادية، قيام بعض البنوك الضعيفة بشراء النقد لمساعدة الجهود الرامية لتحقيق استقرارها، حيث أعدت مجموعة من البنوك وشركات الأمن يصل عددها عشرة، سبعين مليار دولار كقروض تقدمها لأي عضو مؤسس فيها إذا ما واجه نقصا بالأموال النقدية.
Leave a Reply