علي حرب
مركز التجارة المعروف باسم «جيبرالتر» وهو الإسم الغربي لـ «جبل طارق» المغربي الذي تحتله بريطانيا، كان يعد زبائنه دائماً بتجربة تسوق فريدة من نوعها وهي بالفعل كانت متميزة بفرادتها.
لقد كان «جيبرالتر» بمثابة «فلي ماركت» السوق المفتوح المسقوف المترامي الأطراف فـي مدينة تايلور، مكاناً يمكنك فـيه ان تفاوض وتجادل فـي الأسعار، وتجد كل ما تشتهيه لشراء الأثاث والقوارض أو الزواحف، أو اختيار خاتم الماس لشريكة الحياة فـي المستقبل، أو التسوق فـي متاجر الدولار والحصول على المواد المنزلية المستعملة أو على قميص مفصل لك مرسوم عليه حسب المذاق. كل ذلك كنت تجده تحت سقف واحد اسمه «جيبرالتر».
لكن فصلاً كبيراً وحقبة مديدة من التجارة انقضت بإقفال مركز تجارة «جبل طارق» فـي مدينة تايلور يوم الأحد ١٦ نوفمبر بعد ٣٤ عاماً من البيع والشراء والمقايضة والأعمال التجارية، مما اضطر عشرات من الباعة المتجولين لنقل بضائعهم أو إغلاق محلاتهم.
بعض البائعين إنتقلوا إلى مركز «جيبرالتر» الآخر فـي مدينة «ماونت كليمنس»، الذي يبعد حوالي ٤٠ ميلاً إلى الشرق من تايلور. واختار آخرون ترك أسواق «جيبرالتر» واتخاذ مسار وظيفـي مختلف أو التقاعد كلياً عن البيع والشراء.
لقد عمل كاتب هذا التقرير فـي مركز «جيبرالتر» التجاري فـي تايلور لأكثر من ست سنوات، ابتداءاً من فترة الدراسة فـي الثانوية وحتى الكلية. كان هذاالسوق التجاري أكثر من مركز للتسوق، كان مجتمعاً من الباعة والزبائن والمتفرجين، الذين تقاسموا الصداقات والولاءات وراء الشكليات فـي مكان العمل، وهذا النوع من الود الحقيقي بين الأفراد قلما تجده فـي المراكز التجارية والشركات المساهمة.
لكن لكل بداية نهاية وقد تم بيع الموقع التجاري فـي تايلور إلى شركة «ميناردز» وهي شركة لتحسين المنازل والتي تأمل بالاستفادة من سوق منطقة «داونريفر».
ولم يتفاجأ معظم البائعين من قرار الإغلاق بسبب التقلص المستمر فـي قاعدة الزبائن منذ عام ٢٠٠٩.
وقال خضر بيضون، الذي امتلك محلاً مخصصاً لصنع اللافتات فـي مركز «جيبرالتر» «لقد كنت أعرف ذلك من قبل ثلاث سنوات. لقد رأيت علامات الإغلاق
بسبب تراجع الأعمال، ولكن لا تزال الصدمة مؤلمة حتى
بعد حدوث الاقفال».
بعد الإعلان عن أنباء إغلاق السوق فـي شهر أبريل، بدأ بيضون يعمل فـي تجارة النقل فـي «تايلور»، لكنه بقي فـي أسواق «جيبرالتر» حتى اليوم الأخير. بيضون افتتح أول محل تجاري له «كي أند بي» «K & B» لليافطات، فـي عام ١٩٩٩ وقال إنَّ «جيرانه» فـي السوق، كما يحب الباعة فـي مركز جبل طارق تسمية بعضهم البعض، اصبحوا مثل عائلته. وأضاف «أنا سوف أشتاق لهم».
وكان مركز «جيبرالتر» مفتوحاً فقط أيام الجمعة والسبت والأحد. وقال بيضون انه يتوقع تغييراً جذرياً فـي العمل، متابعاً «هذا هو روتين عملي لمدة ١٥ عاماً. أنا لا أعرف مدى حزني عند الذهاب إلى العمل كل يوم والتوقف عن العمل فـي عطلة نهاية الأسبوع».
كريس حداد، التي كانت تملك محل مجوهرات مع زوجها شربل حداد، التي لا تزال تُمارس نشاطها التجاري بعد الانتقال إلى «ماونت كليمنس»، قالت «إن الجزء العاطفـي هو الجانب الأكثر صعوبة فـي المرحلة الانتقالية فبعد ٢٠ عاماً أصبح الزبائن أصدقاءنا نراهم بإنتظام. إن حياتنا العملية الان قد تغيرت وهذا هو الأمر الأصعب».
وقالت حداد «ان المخاوف المالية ثانوية قياساً إلى العبء العاطفـي». واضافت انها قررت نقل عملها إلى «ماونت كليمنس» بعد ان أبلغها العديد من الزبائن بانهم سيبقون مترددين على محلها بغض النظر عن موقعها التجاري.
واردفت حدَّاد «كنا مترددين فـي البداية لأننا سننتقل مسافة ٤٠ ميلاً ومعظم الناس لا يقطعون هذه المسافات لرؤية شخص ما من أجل مصلحة تجارية ضيقة، لكن الجميع قال أينما ذهبتما، فإننا سنتبعكما. ولم نكد نفتح ابوابنا فـي «ماونت كليمنس» حتى زارنا اثنان من الزبائن من أجل رؤيتنا».
وقالت كريس انه عندما أعلن خبر إغلاق «جيبرالتر» فـي تايلور بكت من دون انقطاع لأيام وأسابيع . ومع ذلك، فـي خضم الحزن، قالت انها وجدت الإثارة لبدء مغامرة جديدة.
جمال دكروب، الذي يملك محل «دي ال دي» للأزياء، كذلك قام بنقل عمله إلى «ماونت كليمنس». وقال حول ذلك «كنت على استعداد لذلك. والأمر لم يكن مفاجأة لي»، وأضاف أنه اختار الانتقال إلى «ماونت كليمنس» بعد وعود من مركز «جيبرالتر» بتسويق موقعه وجلب الزبائن.
وأردف «لقد كنت أعمل فـي «جيبرالتر» منذ نحو ٢٥ عاماً وكان الزبائن والموردون أصدقائي ولو كان لي الخيار لكنت قد بقيت فـي تايلور. وأشاد كل من دكروب وحداد بإدارة أسواق «جيبرالتر» لمساعدتهم فـي الانتقال إلى الموقع الجديد.
نانسي صادق، التي انتقل متجرها المختص ببيع حقائب اليد إلى «ماونت كليمنس» من تايلور قبل ثلاثة أشهر قالت ان الخروج من سوق تايلور كان «محبطاً للغاية».
وكان قد أنشيء «جيبرالتر» فـي تايلور كسوق تجاري للمحلات التي أغلقت من قبل «جيم كوستر» فـي عام ١٩٨٠ وتوسع إلى سوق حر وكبير بعد عامين. وفتح سوق «ماونت كليمنس» قبالة الطريق السريع «٩٤» فـي عام ١٩٩٠.
Leave a Reply