خطوة أسدلت الستار على قصة نجاح عربي أميركي لم تعمّر طويلاً
ديربورن – خاص «صدى الوطن»
لم تقفل سلسلة مطاعم «لاشيش» أبوابها ليل السبت الماضي أمام زبائنها وحسب، بل أقفلت على قصة نجاح عربي أميركي لم تعمّر طويلاً فاتحة أبواب الحذر والترقب أمام تجارب تجارية عربية أميركية أثبتت نجاحها، ولكن يبقى أن تثبت إستمرارية هذا النجاح أمام تحدي الإنصياع للقوانين الأميركية الذي سقط فيه صاحب مطاعم لاشيش المهندس العربي الأميركية الحاذق طلال شاهين بسبب عدم إعارة الإنتباه الكافي «للمطبات» التي غالباً ما تبرز في نهاية طريق النجاح وعلى سفح قمة الثروة التي تزين لأصحابها أنهم باتوا «محصنين» من السقوط، ليكتشفوا في لحظة أن الطريق إلى الهاوية معبدة وواسعة، بخلاف الصعود إلى القمة الذي تعترضه الصعوبات والتحديات.
فمساء السبت الماضي أسدل الستار على الفصل الأكبر من فصول معركة البقاء التي خاضتها مطاعم «لاشيش» مع السلطات الأميركية بأفرعها المختلفة، من سلطة تحصيل الضرائب إلى سلطة الهجرة والأجهزة الأمنية التي دخلت على خط هذه المعركة بتهم خطيرة وُجهت إلى طلال شاهين أبرزها «دعم الإرهاب»، وما بين تهم التهرب الضريبي و«دعم الإرهاب» عززت الحكومة هجومها على هذه السلسلة بتهم تتعلق بمارسات غير قانونية أدت إلى منح بطاقات إقامة والحصول على الجنسية الأميركية لأفراد من الدائرة القريبة من شاهين نجحوا في الحصول على مناصب أمنية مرموقة في مكتب التحقيقات الفدرالي ثم في وكالة المخابرات المركزية الأميركية، قبل إكتشاف «عدم قانونية» إقامتهم وبالتالي سحب الجنسية الأميركية منهم.
فقد أعلنت مطاعم لاشيش عن إقفال مطاعمها الأحد عشر المنتشرة في منطقة ديترويت الكبرى بعدما شهدت هبوطاً حاداً في مبيعاتها جراء المشاكل القانونية التي إحتاجتها على دفعات منذ أن إدعت سلطات تحصيل الضرائب على صاحب المطاعم طلال شاهين بالتهرب الضريبي فاتحة الأبواب والسجلات أمام سلسلة من التحقيقات كانت كفيلة بتوجيه ضربة قاصمة إلى السمعة التجارية لهذه المطاعم وإفلاسها بعد عملية وضع يد عليها من قبل مصلحة تحصيل الضرائب إستمرت لنحو سنة، وبعدما قرر صاحبها «الإبتعاد» عن مواجهة القضاء الأميركي وتفضيله البقاء في لبنان على العودة ومحاولة إنقاذ ما يمكن إنقاذه.
«إنها مأساة حقيقية». هكذا وصف محامي مطاعم «لاشيش» روبرت فوريست خطوة الإقفال التي فاجأت ما تبقى من الزبائن والموظفين على حدّ سواء. وأوضح فوريست أن إقفال الأفرع الأحد عشر للسلسلة المنتشرة في عددٍ من مدن الضواحي بما فيها المقر الرئيسي في مدينة ديربورن إنعكس على أكثر من ثلاثمئة موظف وعائلاتهم ممن تبلّغوا قرار الإقفال صباح يوم الأحد الماضي.
وأوضح المحامي فوريست «أن إقتصاد الولاية المتدهور ورفض المسؤولين في مالية الولاية الموافقة على بيع سلسلة لاشيش وإستخدام عائداته لتسديد الضرائب المستحقة قد أسهما في قرار الإقفال». أضاف «إن المباني والتجهيزات والأثاث سيتم بيعها لتسديد الديون الضريبية لسلطات الولاية والسلطة الفدرالية».
وعزا محام آخر الإقفال إلى رفض المدعي العام الأميركي في ديترويت الموافقة على بيع السلسلة إلا في حال عودة صاحبها طلال شاهين إلى الولايات المتحدة لمواجهة التهم الموجهة إليه.
وقدر المحامي «خسائر» حكومة الولاية والحكومة الفدرالية من جراء الإقفال بحوالي 12 مليون دولار هي القيمة التقريبية للضرائب المستحقة.
وقد رفض المدعي العام الأميركي ستيفن مورفي التعليق على هذه الخطوة ومثله فعلت وزارة المالية في الولاية وقسم التحريات في مصلحة تحصيل الضرائب «آي آر إس».
ردود فعل
وأحدثت هذه الخطوة ردود فعل لدى زبائن السلسلة الذين إرتبطوا بعلاقة «حميمة» مع المطبخ اللبناني على مدى أكثر من عشرين عاماً. وتساءلت ليندا نوينسكي (56 عاماً) من مدينة ليفونيا: الآن ماذا سآكل؟، بعدما قادت سيارتها إلى نافذةالبيع الجانبي في فرع مدينة وست لاند وفوجئت بالإقفال.
وترى ناقدة الأطعمة في صحيفة فري برس سيلفيا ركتور «إنه رغم وجود الكثير من المطاعم الشرق أوسطية في منطقة ديترويت إلا أن لاشيش كان أكثرها شهرة». أضافت لقد كانت أطعمتهم (لاشيش) رائعة وأكسبت شاهين سمعته مكنته من إفتتاح المزيد من المطاعم.
وابتدأت مسيرة إنحدار مطاعم لاشيش في نيسان من العام 2005 عندما أغار عملاء فدراليون على منازل يملكها شاهين وعلى مقر السلسلة الرئيسي بحثاً عن أدلة على إشتباههم بوجود بيانات مبيعات مزدوجة للتهرب من دفع حوالي سبعة ملايين دولار لضرائب دخل فدرالية.
وفي أيار (مايو) من العام 2006 أدين شاهين مع زوجته إلفت الأعور بتهم التهرب الضريبي، لكنه كان قد غادر الأراضي الأميركية إلى لبنان مع مبلغ عشرين مليون دولار تقول السلطات الأميركية أنه جمعها بعيداً عن أعين الضرائب. وتعهّد شاهين آنذاك بالعودة لمواجهة التهم إلا أنه لم يفعل.
وجرت لاحقاً إدانة شاهين بتهم أخرى من بينها مساهمته في ترتيب زيجة وهمية لصديقة زوجته ندى براوتي التي حازت على الجنسية الأميركية والتي خوّلتها الحصول على وظائف حساسة في كل من الـ«إف بي آي» والـ «سي آي أي» وشملت التهم تسريب معلومات تتعلق بتحريات حول أنشطة لـ«حزب الله» الذي تصنفه وزارة الخارجية الأميركية في خانة المجموعات الإرهابية.
وتقضي زوجة شاهين عقوبة بالسجن مدتها 18 شهراً بعد إدانتها بالتزوير الضريبي، أضيفت إليها الأسبوع قبل الماضي عقوبة بالسجن ثلاثة أشهر بعدما أدينت بتهمة مخالفة قوانين الهجرة.
من جهته قال ناشر «صدى الوطن» أسامة سبلاني أن المدعين الفدراليين تسبّبوا في إفلاس مطاعم لاشيش بسبب إتهاماتهم لشاهين بدعم «حزب الله» وأضاف سبلاني «لقد أدت هذه الإتهامات إلى تحطيم الثقة القائمة بين الزبائن والمطاعم» موضحاً أن زبائن لاشيش لم يُردوا دعم شخص مشتبه بإرساله أموال إلى الإرهابيين. وقارن سبلاني بين ما تعرضت له مطاعم لاشيش وما تعرضت له مؤسسات خيرية إسلامية من إتهامات متهوّرة منذ إعتداءات 11 أيلول.
إما المدير الإقليمي للجنة العربية الأميركية لمكافحة التمييز عماد حمد فاعتبر أن إقفال مطعم لاشيش «خسارة عظيمة» لكنه أضاف «إن هذه القضية تظهر ما يحصل عندما يقدم رجل أعمال على مخالفة القانون».
وتباينت ردود فعل زبائن أميركيين لـ«لاشيش» في تعليقات على الإنترنت بين الصدمة من فقدان هذه المطاعم من حياتهم اليومية وتعلقهم بالمطبخ الشرق اوسطي وبين «متفهّم» للاسباب ومتعاطف مع محنة الموظفين. فيما أعرب آخرون عن عدم أسفهم، واعتبروا أن الإقفال هو النتيجة الطبيعية لمخالفة قوانين البلاد.
Leave a Reply