حملة القمع الفدرالية مستمرة: النشاط على مواقع التواصل الاجتماعي
قد يؤدي إلى رفض طلبات الهجرة والدراسة في الولايات المتحدة
واشنطن، آناربر
في إطار الحملة الفدرالية لقمع الأصوات الطلابية المناهضة للاحتلال الإسرائيلي في الجامعات الأميركية، كشفت ست جامعات على الأقل في ولاية ميشيغن عن إلغاء تأشيرات لطلاب دوليين لديها، بقرار من وزارة الأمن الداخلي التي أصدرت –الأسبوع الماضي– قراراً بأثر فوري يعتبر «الأنشطة المعادية للسامية» على مواقع التواصل سبباً قانونياً لإلغاء تأشيرات للطلبة الأجانب ورفض طلبات الهجرة إلى الولايات المتحدة.
وفي بيان صادر عن رئيس «جامعة ميشيغن–آناربر»، سانتا أونو، الأربعاء الماضي، ذكرت الجامعة أن الحكومة الفدرالية ألغت تأشيرات 12 طالباً حالياً و10 خريجين دون الإفصاح عن الأسباب.
وقالت «جامعة ميشيغن–آناربر» في بيان، إن السلطات ألغت تأشيرات طلاب دوليين لديها، من بينهم طالب واحد على الأقل، تطوع بمغادرة البلاد بمفرده بناءً على توصية من مسؤولي الجامعة. كما كشفت جامعة «وين ستايت» عن إلغاء تأشيرات ما لا يقل عن أربعة طلاب لديها.
ويأتي إلغاء التأشيرات، وسط حملة قمع واسعة على مستوى البلاد ضد الطلاب الدوليين في الولايات المتحدة، في أعقاب قرار صدر مؤخراً عن إدارة الرئيس دونالد ترامب بملاحقة وترحيل أعداد متزايدة من الطلاب الدوليين في جميع أنحاء البلاد.
ووفقاً لصحيفة «ديترويت فري برس»، سافر أحد الطلاب من «جامعة ميشيغن» إلى بلاده بعد إلغاء تأشيرته خشية أن يتعرض للاعتقال والترحيل القسري. وكتب جوناثان ماسي، عميد «كلية تاوبمان» للهندسة المعمارية والتخطيط العمراني بالجامعة، أنه «نتيجةً لإجراءات حكومية، غادر طالب ماجستير في الهندسة المعمارية بكلية تاوبمان إلى خارج البلاد بناءً على توصية من المركز الدولي بجامعة ميشيغن». ولم يُقدّم ماسي أية تفاصيل عن هوية الطالب أو أسباب مغادرته.
وصرحت كاي جارفيس، مديرة الشؤون العامة في «جامعة ميشيغن»، في بيان، بأن وزارة الأمن الداخلي ألغت تأشيرات طلاب في الجامعة، مضيفة بأن مسؤوليها اتصلوا بهؤلاء الطلاب «لإبلاغهم بالعواقب المحتملة لهذا الإجراء».
وتضم «جامعة ميشيغن 7,704 طلاب دوليين مسجلين حاليا و2,497 خريجاً دولياً مازالوا مقيمين في البلاد بشكل قانوني للتدريب المهني أو اكتساب الخبرة.
ولم يكن طلاب جامعتي «ميشيغن» و«وين ستايت»، وحدهم، في مرمى حملة القمع الفدرالية التي تأتي رداً على موجة الاحتجاجات الوطنية العارمة التي قادها طلاب الجامعات ضد حرب الإبادة الإسرائيلية في غزة العام الماضي، حيث طالت قرارات إلغاء التأشيرات أربع جامعات أخرى في ميشيغن وهي «ميشيغن ستايت» و«أوكلاند» و«سنترال ميشيغن» و«غراند فالي ستايت».
وفي حين أعلنت جامعة «ميشيغن ستايت» يوم الاثنين الماضي أن تأشيرات عدد غير محدد من الطلاب الدوليين قد ألغيت، قالت «جامعة أوكلاند» إن طالباً من جنوب السودان، وهو مقيم دائم في كندا، قد أُوقف على الحدود وأُلغيت تأشيرته.
وكانت جامعة «سنترال ميشيغن» من أوائل الجامعات التي كشفت الأسبوع الماضي عن إلغاء تأشيرات طلاب لديها دون الإفصاح عن عددهم.
ولم تعلن أي من الجامعات عن جنسيات الطلاب المتأثرين بحملة إلغاء التأشيرات التي طالت طلاباً دوليين في جميع أنحاء الولايات المتحدة، بما في ذلك، جامعات «مينيسوتا»، «كاليفورنيا»، «كارنيغي ميلون»، «أريزونا ستايت»، «كورنيل»، «نورث كارولاينا» و«جامعة تكساس»، وغيرها.
وصرّح آري هاريس، المتحدث باسم جامعة «كارنيجي ميلون» في ولاية بنسلفانيا، أن الطلاب المتأثرين بإلغاء التأشيرات أمام خيارين: إما مغادرة البلاد أو إعادة تقديم طلب استعادة تأشيراتهم على أمل الموافقة عليها.
وفي الشهرين الماضيين، اعتُقل أو رُحِّل العديد من الطلاب الدوليين في جامعات في جميع أنحاء البلاد. ويتلقى الطلاب الذين جُرِّدوا من تأشيراتهم، أوامر من وزارة الأمن الداخلي بمغادرة البلاد على الفور – وهو ما يمثل انقطاعاً عن الممارسة السابقة التي غالباً ما سمحت لهم بالبقاء واستكمال دراستهم.
وفي البداية، بدت الحملة موجهة ضد الطلاب النشطين سياسياً – وخاصة المتظاهرين المؤيدين لفلسطين. أما الآن، ومع تزايد عدد الطلاب الذين يتلقون أوامر بمغادرة البلاد، يتسع نطاقها ليشمل الطلاب الدوليين المشتبه في ارتكابهم مخالفات أخرى غير المشاركة في الاحتجاجات.
وفي 28 آذار (مارس) المنصرم، صرّح وزير الخارجية الأميركي ماركو روبيو للصحفيين بأن الوزارة تقوم بإلغاء التأشيرات «كل يوم»، مؤكداً إلغاء مئات التأشيرات للطلاب المشاركين في مظاهرات مؤيدة لفلسطين.
وأضاف: «إذا كنتَ في هذا البلد بتأشيرة طالب وشاركتَ في حركات احتجاجية، فمن حقنا رفض تأشيرتك… لن نستورد ناشطين إلى الولايات المتحدة. إنهم هنا للدراسة. إنهم هنا لحضور المحاضرات. ليسوا هنا لقيادة حركات احتجاجية تُخلّ بالنظام وتُقوّض جامعاتنا».
وكان الرئيس دونالد ترامب قد خاض حملته الانتخابية متعهداً بترحيل الطلاب الأجانب المشاركين في الاحتجاجات المؤيدة للفلسطينيين، وبدأت هذه الجهود مع طالب الدراسات العليا في جامعة كولومبيا والناشط الفلسطيني محمود خليل، الذي أصبح رمزاً لحملة قمع الاحتجاجات في الحرم الجامعي. واعتقلت سلطات الهجرة خليل في سكنه الطلابي بالجامعة النيويوركية رغم أنه يحمل بطاقة إقامة دائمة عبر زواجه من طالبة أميركية ينتظر منها مولودهما الأول. وكان خليل شخصية بارزة في احتجاجات العام الماضي ضد حرب الإبادة الإسرائيلية في غزة. ويقول مؤيدوه إن اعتقاله يقمع حرية التعبير والآراء المؤيدة للفلسطينيين.
ضد القمع
الناشط محمود خليل، الذي تحول إلى رمز لحرية التعبير في الحرم الجامعية بأميركا، تحدث مؤخراً عن «اختطافه» في مقال رأي نُشر في صحيفة «كولومبيا ديلي سبكتاتور»، متمهاً الجامعة بالمساهمة في اعتقاله وداعياً الطلاب إلى مقاومة القمع.
وفي مقاله، الذي نُشر في الصحيفة التابعة للجامعة، أشار محمود إلى تصاعد استهداف الطلاب الدوليين المدافعين عن القضية الفلسطينية، واعتبر الطالب الفلسطيني الأصل، الذي وصف نفسه بأنه «سجين سياسي» أن الإجراءات الفدرالية ضده وزملائه امتداد لسياسات الجامعة تجاه فلسطين.
وبحسب ما ذكرت الصحيفة، تسعى إدارة ترامب إلى إلغاء بطاقته الخضراء بناءً على مزاعم تتعلق بدعمه لحماس ومشاركته في أنشطة معادية للسامية وعمله في منظمة «الأونروا».
وانتقد خليل في مقاله سياسات «جامعة كولومبيا»، مشيراً إلى تجاهلها للقضية الفلسطينية وتركيزها على مصالحها المالية. ودعا الطلاب إلى عدم التهاون في مواجهة القمع الذي قد يمتد ليشملهم.
مراجعة مواقع التواصل
في سياق حملة التضييق الفدرالية على الأصوات المعارضة لدولة الاحتلال الإسرائيلي، أعلنت إدارة خدمات المواطنة والهجرة التابعة لوزارة الأمن الداخلي الأميركي، في بيان الأربعاء الماضي، إنها «ستبدأ فحص أنشطة الأجانب على مواقع التواصل الاجتماعي بحثا عن معاداة السامية».
وأوضح البيان أنها ستبدأ في «اعتبار أنشطة الأجانب المعادية للسامية على مواقع التواصل الاجتماعي، والتحرش الجسدي باليهود، أسباباً لرفض طلبات الهجرة».
وسيؤثر هذا «فوراً» على الأجانب المتقدمين للحصول على إقامة دائمة قانونية، والطلاب الأجانب، والأجانب المنتسبين إلى مؤسسات تعليمية مرتبطة بنشاط معاد للسامية.
وقالت إدارة خدمات المواطنة والهجرة إنها «تُطبّق جميع قوانين الهجرة ذات الصلة بأقصى درجة، لحماية الوطن من المتطرفين والإرهابيين الأجانب، «بمن فيهم أولئك الذين يدعمون الإرهاب المعادي للسامية، والأيديولوجيات العنيفة المعادية للسامية، والمنظمات الإرهابية المعادية للسامية مثل حماس، والجهاد الإسلامي الفلسطيني، وحزب الله، والحوثيين».
وقالت تريشيا ماكلولين، مساعدة وزير الأمن الداخلي للشؤون العامة: «لا مكان في الولايات المتحدة للمتعاطفين مع الإرهاب من بقية العالم، ولسنا مُلزمين بقبولهم أو السماح لهم بالبقاء هنا».
وأضافت: «لقد أوضحت الوزيرة كريستي نويم أن أي شخص يعتقد أنه يستطيع القدوم إلى أميركا والاختباء وراء التعديل الأول للدستور للدفاع عن العنف والإرهاب المعادي للسامية فليُعيد النظر في قراره. أنت غير مُرحّب بك هنا».
وبموجب هذه الإرشادات، ستعتبر الإدارة أي محتوى على مواقع التواصل الاجتماعي يشير إلى تأييد أو تبني أو ترويج أو «الإرهاب المعادي للسامية، أو المنظمات الإرهابية المعادية للسامية، أو أي نشاط معادٍ للسامية آخر،» «عاملا سلبياً في أي تحليل تقديري لإدارة الهجرة عند البت في طلبات منافع الهجرة».
Leave a Reply