فيروز زيدان فردون
وتقفون واثقين من أنّ الجنّة تحت قدميها.. هي الأمّ التي عانت منكم وأعطتكم ما لا تستحقّونه.. أنتم الصغار بعقوقكم إذ أسميتم أنفسكم العظماء.. أنتم ممّن لا يستحقّ العيش سوى مع الفئران.
ابحروا في غيّكم وسيحوا في بقاع الأرض.. واعلموا أنّ ما تحطّمون به أبناء وطنكم لهو الضعف والمرض النفسي الذي تعيشونه.. اعتقدتم أنّ السجّاد الأحمر والبدلات اللامعة وعقود الأعناق سترفعكم، فرحتم واضعين أنفسكم في وحول المواشي.. لماذا تتكبّرون على الذين وضعوا تحت أقدامكم السلالم لكي ترتقوا؟ بينما رأيناكم فقط تتزاحمون لإرضاء غروركم وإشباع فقركم المعنوي. أصبحتم بنظر شعبكم الرائحة الكريهة التي انبعثت من ما بقي من مآدبكم ولقاءاتكم التي لا تنتهي إلا بمأدبة عشاء أقيمت على شرف فلان وفلان.
كيف تبخلون على أبناء جلدتكم بنكران الذات وهو المُفتتَح لرسالة الأمانة والوفاء.. حتّى أصبح واحدكم كالولد الضال؟ متناسين أنّ الضلالة من سوء التربية وقلّة العناية بحسن التصرّف وكثرة الانزلاق بالملذّات.. نسيتم أنّ ما سلبتموه من المال العام لتختزنوه، لهوَ من حقّ أبناءٍ شرّدتموهم ومواطنين عظماء من أساتذة ومدراء ومهنيّين وآباء وأمّهات صالحات وقفن صامدات بوجه الفقر والتفكّك الأسري.. فوقفتم خلف النوافذ خائفين من صوت الحقّ.
كم أشعر بالحزن عندما أمرّ على نشرات الأخبار. تندّدون خلالها بأصوات من تسمّونهم الجهلة بينما هم مورد الثقافة.. وهم جذور أرضكم.. وأصحاب أقلام علّمتكم لتكونوا قدوة ومفخرة، لا لتكونوا مُلامين مُدانين.. وها أنتم تفرحون بعذابات غيركم وتشبعون من جوعهم. والأمر المُستغرَب كيف تستطيعون النوم العميق وأبناء بلدكم يسهرون الليالي ألماً وجوعاً وعطشاً وحاجةً وهم خيرة الأبناء..
لماذا تبيعون الغالي بالرخيص؟ كيف تنعمون والزهور الفوّاحة تذبل أمام أنظاركم؟ متى سيعرف كلّ صاحب بدلة منكم أنّ الإناقة بكمال النفس والعفّة؟
جلستُ هنا في هذه البلاد المُكتشفة بعد آلاف السنين من حضارة بلاد الأرز.. أتأمّل الأمواج. نسيت أنّي في إجازة خاصة عليَّ أن أستمتع بها من متاعب الحياة.
تلفّتّ من حولي.. رأيت الناس هادئين هانئين لا يعرفون سوى أنّهم يعيشون تحت سقف آمن وحياةً بلا معاناة يومية.. فحزنت على أبناء وطني ذلك الشعب الحيّ الذكيّ الذي أصبح كطير بلا جناح.. مكتوف الأيدي.. فأنتم أشبه بمسلسل تركي حُكمنا بإخراجه.. كما حُكمت الأرض منذ عقود.. نسيتم أنّ لكم أبناءً، وأبناءَ أبناء.. وأهلين وأقارب وأصدقاء.. أنصحكم بإجراء عمليات جراحية لنظركم وبجرعات تهدّئ من روعة حبّكم للتواصل مع غروركم المتكامل. أنتم تقفون وراء المنابر والمايكرفونات وتبنون قصوراً من رمال الوعود، والشعب يحلم بسقف آمن.. وراقبوا العالم الذي لا يعرف –حسب ادّعائكم– ما تعرفون.. ولا يعبد ما تعبدون.. ألا تخجلون أيّها الحكّام الذين كحّل الغرور عيونهم. ألا تخجلون من أن يشحذ شعبكم المتعلّم المثقّف الراقي، الحبَّ والعطف وحتّى الإحساس بالعيش فوق أرضه؟
تسمّون العدوّ هو من اغتصب الأرض وتنسون أنكم بقُصر نظركم وغروركم أعداء أبناء شعبكم.. اغتصبتم أرضهم.. نفوسهم.. علمهم.. طموحاتهم.. مستقبلهم.. حبّهم.. اغتصبتم حتّى الأمل الذي يعيشوا عليه.. تسرقون المال العام وتعيشون برفاهية.. ثمّ تتسابقون إلى الإعلام بكافة وسائله لتقولوا: «سنعمل.. سنقدّم.. سننجز.. سنحقّق و.. و.. و» بينما أنتم تراوحون في غمرات أحلامكم الشخصية عائدين منفوشين فوق كراسيكم.
ولأجل الإنصاف يجب أن تميّزوا بين الدَين والوفاء، بين العيب والحياء، بين السرقة والأمانة وبين الستر والفضيحة كي يتمكّن شعبكم من العيش قبل أن يرفع عنكم الستار.. وقد رأيناكم تشجّعون الضياع بحيث لا يهمّكم أمر صيانة الكرامة في حياة الناس فما أقذر ما تفعلون! استيقظ أيّها الضمير.. والتفت من حولك.. واحفظ أبناءك كي لا تهلك ويهلكون..
Leave a Reply