ديربورن – خاص “صدى الوطن”
وسط حضور خجول لا يتجاوز العشرات، شهد مسرح “سينما فيرلين كلوب”، مساء الجمعة الماضي عرضاً أولياً للفيلم التسجيلي “إنهم مثلنا تماما” للمخرج والكوميديان الأميركي من أصل مصري، أحمد أحمد.
والفيلم يقدم، من جهة، إجابة للكوميديين الأميركيين الذي كانوا يسألون زملاءهم الكوميديين من أصل عربي عن نجاح جولاتهم الفنية في العالم العربي، وكيفية استقبال العرب لذلك النوع من الفن: “ستاند أب كوميدي”.
كما أنه يمتحن، من جهة أخرى، المناخات والخصائص الثقافية والشعبية لبعض المدن العربية، مثل بيروت ودبي والقاهرة وجدة، مظهرا الفروق الطفيفة حينا، والعميقة حينا آخر، بين تلك المدن، مع إبراز انفتاح الناس العاديين على النكتة والفكاهة وشغفهم بالضحك والتسلية.
“ستاند أب كوميدي” ظاهرة غير منتشرة فنيا على نطاق واسع في التقاليد والنشاطات الفنية في العالم العربي، ولكنها تحظى بقبول الناس شيئاً فشيئاً، حيث يقدم الفيلم ضمن جولاته المتعددة نماذج عن كوميديين عرب بينهم امرأة، في تدليل على انتشار هذه الظاهرة وقبول الناس لها.
ولكن ما يؤخذ على الفيلم الذي يعتمد اللغة الإنكليزية هو أن معظم نماذجه ومقولاته تشتق من حياة شرائح اجتماعية معينة، وخاصة تلك التي تتقن اللغة الإنكليزية، لا سيما وأن الفيلم يرصد ويعتمد ردود أفعال المتفرجين الذين يحضرون عروضاً لفنانين يقدمون فقراتهم باللغة الإنكليزية، إضافة إلى الكثير من المشاهد التي تقدم أنماط الحياة الغربية التي يعيشها الشباب العربي.
محنة الفيلم أنه يريد إثبات مسألة بديهية، وهي إثبات أن جميع الناس يتشاركون بعض القيم الأساسية، وبشكل أكثر تفصيلا، يريد الفيلم أن يثبت تلك القواسم المشتركة بين العرب والأميركيين (!) بما في ذلك مسألة الضحك على النكتة، أو تمتع الشعوب العربية بروح الدعابة. والمحنة الأخرى، المضمرة قليلا، أن المخرج، يستخدم جولاته الفنية في الشرق الأوسط، كحامل وكموضوع لإيصال هذه الفكرة، مع التأكيد أن المخرج قام بإدرج وإشراك كوميديين آخريين، ومن خلفيات ثقافية متعددة، ولكن هؤلاء جميعهم ظهروا وكأنهم مجرد كومبارس.
ويتعرض الفيلم لثقافة المناطق العربية المختلفة وحساسياتها تجاه أنواع معينة من النكت، وبخاصة الدينية والجنسية، فبينما “يمكنك أن تقول أي شيء في بيروت، لا يمكنك أن تفعل الشيء ذاته في دبي مثلا أو جدة” بحسب تعبير الفيلم.
في نهاية العرض، حضر المخرج أحمد وأجاب عن أسئلة الحاضرين الذين كانوا بمعظمهم من العرب الأميركيين، حول الدوافع وراء صناعة الفيلم والرسائل التي يريد توجيهها وإيصالها للجمهور الأميركي الذي تحكمه نظرة نمطية تجاه العرب وثقافتهم وأنماط حياتهم، وخاصة بعد أحداث الحادي عشر من أيلول.
وأشار أحمد إلى أنه كان ممنوعاً من إحياء حفلات فنية في الإمارات العربية، بسبب إحدى الدعابات التي ساقها في إحدى عروضاته الكوميدية في الولايات المتحدة، والتي يعبر فيها عن حيرة الإنسان الذي يعيش في دبي عما يختار، حيث يتجاوز المسجد مع البار. ولفت أحمد إلى ذلك الإشكال حل بسرعة وسمحت له السلطات بإقامة عرض كوميدي بعدها.
ونوّه أحمد إلى مدينة الكويت كانت ضمن المادة الفيلمية ولكن تم حذفها، لكونها لا تؤثر على السياق العام الذي ينبني عليه الفيلم.
ويتضمن الفيلم بالإضافة إلى كل ذلك، زيارة المخرج إلى الحارة المصرية التي جاءت منها أسرة أحمد أحمد، لتكون ضمن الشريط الذي يعرض للأجواء والمناخات الشعبية وحب المصريين للنكتة وتمتعهم بحس الفكاهة، حيث يصف الفيلم المصريين “بأصحاب الدم الخفيف وسرعة البديهة”.
Leave a Reply