ديترويت
مع انتهاء فصل الشتاء القارس، يباشر هواة الطبيعة في ميشيغن، ممارسة العديد من أنشطتهم المفضلة في الهواء الطلق، ولعل أبرزها في مثل هذا الوقت من السنة، هو جمع القطر الطبيعي من جذوع الأشجار Maple syrup وذلك بواسطة عملية بسيطة كان يستخدمها السكان الأصليين في أميركا الشمالية منذ مئات السنين.
وعلى الرغم من أن كندا تتخذ ورقة شجرة القيقب –أو «الميبيل»– شعاراً وطنياً لها، إلا أن ميشيغن تعتبر الولاية الأكثر احتواء على هذا النوع من الشجر، مقارنة بسائر الولايات الأميركية والمقاطعات الكندية على حد سواء، كما أن ميشيغن هي أكثر مناطق العالم إنتاجاً لقطر القيقب، حيث يجمع المنتجون والهواة في الولاية، ما يزيد عن 90 ألف غالون من هذه المادة المحلية التي تتكون بشكل طبيعي خلال الشتاء، داخل جذوع أشجار القيقب.
ويستخرج قطر القيقب من نسغ الأوعية الخشبية لأشجار القيقب السكري والقيقب الأحمر والقيقب الفضي وغيرها من أنواع القياقب التي تنتشر في جميع أنحاء ميشيغن، بما في ذلك منطقة ديترويت الكبرى، بشرط أن يكون عمر الشجرة قد تجاوز 40 سنة.
ففي المناخ البارد، تخزن هذه الأشجار النشا في جذوعها وجذورها قبل الشتاء؛ ثم يتحول النشا بعد ذلك إلى سكر يتصاعد في النسغ خلال الربيع. ويمكن الاستفادة من أشجار القيقب بثقب فتحات في جذوعها وجمع النسغ الناضح بوسائل متعددة على مدار عدة ساعات. ويتم غلي النسغ ليتبخر الكثير من الماء ويبقى القطر الطبيعي المركز الجاهز للاستهلاك.
وينتهي موسم جمع القطر، بمجرد اخضرار غصون الأشجار، حيث يتحول طعم النسغ إلى المرورة.
والجدير بالذكر أن قطر القيقب جُمع واستخدم لأول مرة من قبل سكان أميركا الشمالية الأصليين. واعتمد المستوطنون الأوروبيون الممارسة نفسها قبل أن يحسنوا أساليب الإنتاج تدريجياً.
وفي الوسيلة القديمة، كان المنتِج يقوم بحفر فتحة أو فتحتين في الشَّجرة، ويدخل أنبوبة معدنية في كل فتحة. وعندئذ يتدفّق السَّائل داخل الأنبوبة ويصبُّ في الوعاء المعلق بالأنبوبة، ويأخذ المُنْتِجُ هذه الأوعية.
أمَّا في الوسائل الأكثر حداثة، فيقوم المنتج بإدخال أنابيب معدنية في فتحات تحفر بالأشجار، فيتدفّق السائل من خلال هذه الأنابيب التي تكون موصولة بالأوعية، والتي بدورها تكون موصلة بشبكة من الأنابيب التي تحمل السَّائل إلى وعاء مركزي.
بعد أن يتم جمع سائل القيقب يتم تصنيعه للحصول على القطر من خلال غليه في وعاء عميق حتى يتم التخلص من معظم الماء الموجود فيه للحصول على القطر بالطعم والقوام المطلوبين، وإذا تم الاستمرار في تبخير الماء سينتج في النهاية مادة سكر القيقب، التي يمكن استخدامها كبديل للسكر الصناعي في إعداد المأكولات وخاصّةً المخبوزات.
فوائد وأضرار
يعتبر قطر القيقب صحياً للغاية، لكونه محلّى طبيعياً غنياً بالعديد من المعادن والفيتامينات المفيدة لمناعة الجسم من أمراض السكري والسرطان والشيخوخة، مثل الحديد والزنك والمنغنيز والبوتاسيوم والكالسيوم و«فيتامين ب».
كذلك يحتوي قطر القيقب على موادّ مضادّة للأكسدة أبرزها مركب «البوليفينول»، ممّا يجعله أيضاً مفيداً في حماية الشرايين من التصلّب. كما يعتبر شراب القيقب مضادّاً للالتهابات ومساهماً في تحسين عملية الأيض، ما يساعد على تحسين معدّل حرق الدهون في الجسم، ويمنع تراكمها.
ويزيد قطر القيقب، طاقة الجسم وينشّط عمل الدماغ والأعصاب، كما يعد مفيداً جداً في تخفيف الوزن حيث يمكن إدخاله في أنظمة الحمية الغذائية، باعتباره أحد أفضل أنواع المحليات، كالسكر الأبيض والأسمر والعسل، وأقلّها سعرات حرارية.
وعند اقتنائك لقطر القيقب، لا بدّ من التنويه إلى أهمية التحقق من العبوة للتأكد من عدم إضافة السكر المكرر خلال عملية التصنيع.
وتجدر الإشارة إلى أن قطر القيقب، ورغم فوائده الغذائية المهمة للجسم، إلا أنه يحتوي على نسبة مرتفعة من السكر مما يستوجب تناوله بكميات محدودة، إذ أن كل 100 غرام من شراب القيقب تحتوي على 67 غراماً من سكر السكرور الذي قد يؤدي إلى أمراض خطيرة.
Leave a Reply