واشنطن تستبعد مواجهتها وتبدي مرونة حيال التفاوض .. وإسرائيل قلقة
طهران – تسارعت خلال الأسبوع الماضي التطورات العسكرية والسياسية المحيطة بالأزمة النووية الإيرانية ورست على قلق يبلغ حد الذعر إسرائيليا و«مرونة» أميركية تجاه التفاوض مع إيران وذلك بعد ان وجهت طهران رسالة مدوية عندما اختبرت صواريخ يمكن أن تبلغ إسرائيل، وهو ما سارعت واشنطن الى التحذير من مخاطره، قبل أن تلجأ في وقت لاحق إلى تعديل لهجتها وتتحدث عن آفاق مفتوحة أمام الحل السياسي الذي يختصر المصالح الإقليمية المشتركة بين إيران والولايات المتحدة.
وكانت إيران قد هددت «بإحراق» تل أبيب والأسطول العسكري الأميركي في الخليج في حال شن هجوم على منشآتها النووية، وذلك بعد أيام من تأكيد الرئيس الأميركي جورج بوش مجددا أن الخيار العسكري لا يزال مطروحا، وقبل المناورات الصاروخية.
ونقلت وكالة الطلبة الإيرانية عن علي شيرازي ممثل المرشد الأعلى للجمهورية الإسلامية في إيران علي خامنئي لدى الحرس الثوري قوله في كلمة أمامهم إن «أول رصاصة يطلقها الأميركيون على إيران سيعقبها قيام إيران بإحراق مصالحهم الحيوية في كل أنحاء العالم».
وأشار المسؤول الإيراني إلى أن «النظام الصهيوني يضغط حاليا على قادة البيت الأبيض لتحضير هجوم على إيران»، مضيفا أنهم «إذا ارتكبوا حماقة كهذه سيكون رد إيران الأول إحراق تل أبيب والأسطول الأميركي في الخليج».
وبعد المناورات الصاروخية الإيرانية، استبعد وزير الدفاع الأميركي روبرت غيتس وقوع أي مواجهة بين بلاده وإيران في الوقت الراهن، وذلك عقب اختبار طهران تسعة صواريخ متوسطة وبعيدة المدى قادرة على الوصول إلى إسرائيل والمصالح الأميركية في المنطقة.
وردا على سؤال في مؤتمر صحفي عقده في واشنطن عما إذا كانت تجارب الصواريخ الإيرانية زادت من مخاطر حصول مواجهة، أجاب غيتس «لا أعتقد ذلك».
وعندما سئل غيتس عن إمكان حصول طهران قريبا على صواريخ دفاع جوي روسية قد تجعل توجيه ضربة لإيران من نظام دفاع جوي مطور أكثر صعوبة، قال «انطباعي مبني على معرفتي بأنه من غير المرجح للغاية أن تصل صواريخ الدفاع الجوي تلك لأيدي الإيرانيين في أي وقت قريب».
وشدد وزير الدفاع الأميركي على أن حكومته تواصل تفضيل النهج الدبلوماسي والعقوبات الاقتصادية لتحمل الحكومة الإيرانية على تغيير سياستها خصوصا في مجال تخصيب اليورانيوم.
وتأتي التجارب الصاروخية الإيرانية فيما تحاول الولايات المتحدة التوصل لاتفاق نهائي بشأن خطط لإقامة درع صاروخي لحمايتها هي وأوروبا من تهديدات من الشرق الأوسط تشمل صواريخ إيرانية.
وتعارض روسيا خطط إقامة هذا الدرع الصاروخي وتقول إن إيران ليست قريبة من امتلاك قدرة صواريخ طويلة المدى، لكن غيتس أوضح أن التجارب الإيرانية الأخيرة «ترد بالتأكيد على الشكوك التي أثارها الروس بقولهم إن الإيرانيين لن يمتلكوا صاروخا طويل المدى لمدة تتراوح بين 10 أعوام و20 عاما».
من جانبها أشارت وزيرة الخارجية الأميركية كوندوليزا رايس في تصريحات لها في بلغاريا إلى أن التجارب الإيرانية تبرر خطط واشنطن لإقامة قواعد لدرعها المضاد للصواريخ في شرق أوروبا.
ردود أفعال
وفي تل أبيب اعتبر الرئيس الإسرائيلي شمعون بيريز اختبار إيران صاروخا من طراز «شهاب 3» القادر على حمل رأس حربي نووي «رسالة تهديد موجهة إلى العالم بأسره». وانضمت فرنسا وألمانيا وإيطاليا إلى انتقاد إيران، ووصف وزير الخارجية الإيطالي فرانكو فراتيني في رام الله بالضفة الغربية الصواريخ الإيرانية بالخطيرة للغاية «ولهذا السبب فإن المجتمع الدولي وليس إسرائيل وحدها يهمه وقف هذا التصعيد بصورة قاطعة». أما فرنسا فقالت إن الاختبارات تزيد من المخاوف الدولية، فيما أعربت ألمانيا عن أسفها لأن رد إيران على عرض حوافز قدمته لها الدول الكبرى كان «لفتة لا تدل على حسن النوايا».
وتدرس القوى العظمى حاليا رد ايران على عرض تعاون مقابل تعليق نشاطات تخصيب اليورانيوم الحساسة. واعتبرت المملكة المتحدة ان اعلان طهران اطلاق صواريخ «لا يفيد في شيء سوى تعزيز» قلقنا ازاء نوايا ايران. واعلن ناطق باسم وزارة الخارجية ان «تلك التجارب غير مرحب بها ولا تفيد في شيء سوى تعزيز قلقنا من النوايا الايرانية». وتابع «علينا ان نتساءل: لماذا تحتاج ايران الى مثل تلك الصواريخ ذات المدى البعيد؟ ما رأيناه يزيد في ضرورة ان تحترم ايران التزاماتها الدولية في المجال النووي». ودعت مجموعة الدول الثماني الصناعية الكبرى ايران الى «التصرف بطريقة مسؤولة اكثر» حيال جيرانها ذاكرة العراق وافغانستان وعملية السلام في الشرق الاوسط. وجاء في اعلان نشر في ختام قمة مجموعة الثماني في توياكو (شمال اليابان) «نحث ايران على التصرف بطريقة مسؤولة وبناءة اكثر في المنطقة ولا سيما في اطار عملية السلام في الشرق الاوسط والاستقرار في العراق وافغانستان».. ويتضمن الاعلان كذلك دعوة ايران الى تعليق تخصيب اليورانيوم.
التجارب الصاروخية
وجاءت ردود الأفعال هذه عقب تجربة إيران تسعة صواريخ متوسطة وبعيدة المدى من طُرُز «زلزال» و«الفاتح» و«شهاب 3».
فقد اجرى الحرس الثوري الايراني تجربة على صواريخ متوسطة وبعيدة المدى احدها قادر على بلوغ اسرائيل في وقت لا يستبعد فيه الاميركيون والاسرائيليون اللجوء الى الخيار العسكري في الازمة النووية الايرانية.
وذكرت قناة العالم التلفزيونية الايرانية التي تبث باللغة العربية، ان قوة النخبة في الجمهورية الاسلامية الايرانية اطلقت تسعة صواريخ في اطار مناورات لا سيما صاروخ «شهاب-3» المجهز بشحنة تقليدية ويبلغ وزنه طنا ويصل مداه الى الفي كيلومتر، اي ضعفا المسافة بين حدود غرب ايران واسرائيل. ونقلت وكالة «فارس» ان صاروخ «شهاب 3» يحمل «رأسا انشطاريا» يسمح بتنفيذ «نوع من القصف على القواعد العسكرية واماكن تجمع الجنود والسفن العدوة». وجرت تجربته للمرة الاولى في تشرين الثاني (نوفمبر) 2006، لكن التجارب الاخيرة تأتي في فترة توتر متزايد مع الغرب بشأن ملف ايران النووي مع اشتباه الدول الغربية في سعي طهران الى امتلاك السلاح النووي.
ونقلت قناة «العالم» عن قائد القوات الجوية في الحرس الثوري حسين سالمي قوله ان «الهدف من هذه المناورات هو ان نظهر اننا مستعدون للدفاع عن سلامة الامة الايرانية». واضاف ان «صواريخنا جاهزة للاطلاق في اي زمان او مكان بسرعة وبدقة». واوضح ان «العدو يجب الا يكرر اخطاءه. واهداف العدو تحت مراقبتنا». وذكرت قناة «برس-تي في» التي تبث بالانكليزية ان ما مجموعه تسعة صواريخ اطلقت، موضحة انه الى جانب «شهاب-3»، اطلقت صواريخ «زلزال» التي يبلغ مداها 400 كلم «وفاتح» التي يبلغ مداها حوالى 170 كلم.
وقال قائد البحرية في الحرس الثوري الايراني الاميرال مرتضى صفاري ان قواته «تريد اظهار قدراتها على مواجهة اي مغامرة» للاعداء في ايران، كما افادت وكالة انباء «فارس».
وانهت سفن حربية بريطانية واميركية الثلاثاء مناورات استمرت خمسة ايام في الخليج شملت امن المنشآت النفطية، على ما اعلن الاسطول الاميركي الخامس ومقره في البحرين. وحذر رئيس اركان الجيش الايراني من ان بلاده قد تغلق مضيق هرمز الاستراتيجي الذي تمر عبره حوالى 40 بالمئة من النفط العالمي اذا كانت مصالحها على المحك.
ونشرت صحيفة كويتية معلومات عن «خطة خليجية موحدة» لمواجهة التهديدات الايرانية بإغلاق مضيق هرمز.
وأوضح العميد بيتر هدسون في بيان للأسطول الخامس الاميركي أن «هدف المناورة… هو التدريب على أساليب وإجراءات حماية البنية التحتية البحرية، مثل منشآت النفط والغاز»، فضلاً عن «المساعدة في ضمان نظام بحري قانوني، وأيضاً تحسين العلاقات بين الشركاء الإقليميين».
وكشفت صحيفة «الوسط» الكويتية عن مصادر كويتية مطلعة، عن البدء باتخاذ خطوات أمنية في «الخطة الخليجية الموحدة» لمواجهة التهديدات الإيرانية بإغلاق مضيق هرمز. ويكمن أهم محاور الخطة في تفعيل قوات «درع الجزيرة»، مع تكثيف إجراءات حماية المنشآت والمؤسسات الحيوية والاستراتيجية، من العسكرية والسياسية، إلى النفطية والاقتصادية، ضمن تنسيق خليجي على أعلى المستويات.
أضافت المصادر أن أي تهديد عسكري سيستتبعه اجتماع أمني خليجي عالي المستوى، لوضع هذه القوات تحت إشراف قائد عام يعلن اسمُه بالتنسيق. وفي هذا الإطار، سيقوم وفد أمني كويتي قريباً بزيارة دول عربية وخليجية، لجمع تصوراتها الخاصة بهذا الملف، ولوضع خطة أمنية لتأمين سلامة تدفق الصادرات النفطية والواردات الأساسية.
Leave a Reply