طهران وجهت صواريخها نحو ديمونة .. وتل أبيب تبقي العالم فـي دائرة التكهنات
عواصم – فيما كان يبدو بوضوح أن إسرائيل تعمل على ابقاء إيران وبقية العالم في حالة تكهن وترقب لما إذا كانت ستشن هجوما على منشآت نووية إيرانية أم لا ومتى تفعل، كان موقف واشنطن مخالفا وإن شابه بعض الإرتباك. أما طهران فقد قللت من أهمية التهديدات الإسرائيلية، واعتبر وزير الخارجية الإيراني منوشهر متكي أنّ الدولة العبرية ليست في وضع يمكنها من القيام بذلك، لكن ذلك لم يمنعها من توجيه صواريخها نحو مفاعل ديمونة النووي الإسرائيلي، حسب مجلة «التايمز» البريطانية.
من ناحيتها، لم تقم إسرائيل بجهد يذكر لتهدئة التكهنات التي اثارتها مناورات جوية اسرائيلية ضخمة نهاية الشهر الماضي وتصريح وزير اسرائيلي بان العمل العسكري «حتمي» وتوقع المسؤول الاميركي السابق جون بولتون بان ذلك قد يحدث في الاسابيع الاخيرة من فترة ولاية الرئيس الاميركي جورج بوش.
وتحاول إسرائيل عبر وسائل إعلامها وتصريحات مسؤوليها التأكيد على الحديث عن خيارات عسكرية، وإن تربطه بهدف الردع والضغط على الاوروبيين لزيادة ضغوطهم الدبلوماسية في شأن الملف النووي الإيراني.
وقال رئيس اركان الجيش السابق موشي يعلون للصحفيين الاسبوع الماضي «جيش الدفاع الاسرائيلي يجب ان يكون جاهزا لجميع الخيارات… عمل عسكري في ايران ليس بالامر السهل. يجب ان يكون الملاذ الاخير ولكن يجب ألا نستبعده». ووصف فكرة بولتون بأن الهجوم الاسرائيلي قد يقع بين الانتخابات الاميركية في تشرين الثاني (نوفمبر) وبدء ولاية الرئيس الجديد في كانون الثاني (يناير) بانه «تكهن مثير للاهتمام جدا».
وبولتون الذي يدعو الى استخدام العنف تجاه ايران لا يرى فرصة تذكر في أن تقوم ادارة بوش بذلك خاصة بعد ان افاد تقرير للمخابرات الاميركية العام الماضي بأن طهران أوقفت العمل على تصنيع قنبلة ذرية مع استمرارها في انشطة نووية أخرى.
إلى ذلك، حذر الرئيس السابق لجهاز الاستخبارات الإسرائيلية «الموساد» شبتاي شافيت من أن إيران قد تحصل على أسلحة نووية خلال عام، منبهاً إلى أن الوقت المتبقي لإسرائيل لمواجهة هذا الخطر أخذ بالنفاد.
وتوقع شافيت «ألا تقدم الولايات المتحدة على ضرب طهران إذا ما انتخب المرشح الديموقراطي للرئاسة الأميركية باراك أوباما رئيسا»، معتبراً أنّ «إقدام إسرائيل على توجيه ضربة لإيران ليس مشروطا بموافقة أميركية».
وزادت تقارير مسربة عن تدريب عسكري كبير قامت به اسرائيل فوق البحر المتوسط يوم الثاني من حزيران (يونيو) من الجدل الدائر بشأن موقف اسرائيل.
وقال مسؤولون أميركيون طلبوا عدم نشر اسمائهم ان التدريب شمل مئة طائرة لكنهم لم يؤكدوا او ينفوا تقريرا لصحيفة «نيويورك تايمز» افاد انه كان تدريبا على شن هجوم على ايران.
ويقول بعض المحللين الامنيين أن حتى حملة جوية اميركية شاملة لن تتمكن سوى من تعطيل خطط ايران النووية لبضع سنوات. والقوات الاسرائيلية التي تعمل بعيدا عن ديارها لا تأمل في تدمير جميع المنشات النووية المحصنة المتناثرة.
وربما يعتقد الاسرائيليون أن مجرد الحديث عن عمل عسكري قد يدفع ايران الى تغيير سلوكها أو على الاقل يحفز على عمل دولي أكثر تشددا لحمل طهران على وقف مساعيها النووية التي يقول الايرانيون انها تهدف فقط لانتاج الكهرباء وليس القنابل.
إيران
وتسخر ايران من هذا اللغو باعتباره «حربا نفسية» وتهدد بعواقب وخيمة اذا وقع أي هجوم.
وقد أشار قائد الحرس الثوري الإيراني الجنرال محمد علي جعفري أنّ طهران ستلجأ إلى كافة الوسائل الرادعة أذا ما تعرضت للخطر، بما في ذلك إقفال مضيق هرمز.
وقال متكي أنه لا يعتقد أن الإسرائيليين في وضع يمكنّهم من مهاجمة طهران، مشيراً إلى أنّهم «يعرفون تمام المعرفة ماذا ستكون عواقب مثل هذا العمل». وأوضح أن إسرائيل ما زالت تتعامل مع عواقب حربها الأخيرة مع «حزب الله»، وتعاني أيضا من «أزمة عميقة من انعدام الشرعية» في المنطقة.
وأشار متكي إلى أن طهران تدرس بدقة وروح إيجابية رزمة الحوافز التي قدمتها مجموعة «5+1»، مؤكداً أنّ وفد المجموعة «تعامل مع إيران باحترام، خلافاً للسابق، قد وفر الأرضية لدراسة الموضوع… لذا فان طهران ستعامل الطرف المقابل بالاحترام نفسه».
إلى ذلك، ذكرت صحيفة «التايمز» البريطانية أن إيران نقلت صواريخ باليستية من طراز «شهاب-3» (التي يصل مداها إلى نحو ألفي كيلومتر) إلى مواقع إطلاقها، وذلك في أعقاب التدريبات التي أجراها سلاح الجو الإسرائيلي مؤخراً، مشيرة إلى أنّ طهران «تستعد للثأر لأي هجوم محتمل من خلال إطلاق صواريخ باتجاه (مفاعل) ديمونة».
أميركا
من جهتها تعيش واشنطن حالة من الارباك، فقد انتقدت الخارجية الأميركية بشدة التعليقات التي أدلى بها مسؤول في وزارة الدفاع (البنتاغون) وأشار فيها إلى تزايد الاحتمالات بتوجيه ضربة إسرائيلية إلى إيران خلال الشهور المقبلة. وكان «المسؤول الكبير» الذي أذاعت شبكة «أي بي سي» التلفيزيونية الأميركية تعليقاته دون الكشف عن اسمه، قد قال إن إيران سوف تقوم برد انتقامي ضد الولايات المتحدة وإسرائيل إذا تعرضت لهجوم عسكري.
وقال المسؤول إن البرنامج النووي الإيراني يقترب من «الخطوط الحمراء» وإن ذلك قد يؤدي إلى هجوم استباقي إسرائيلي عليه. وانتقد الناطق باسم الخارجية الأميركية توم كيسي، التصريحات للمسؤول وقال إنها مغلوطة وتفتقد إلى اللياقة. وقال كيسي «إنه لأمر أحمق أن يسعى البعض للحديث عن أشياء لا يعرفونها وأن يؤكدون أمورا دون أن يلحقوا أسماءهم بتلك التأكيدات».
وذكر المسؤول العسكري في تصريحاته للشبكة الأميركية إن أحد الخطوط الحمراء في البرنامج النووي الإيراني ستتمثل في إنتاج إيران ليورانيوم مخصب بما يكفي لتصنيع سلاح ذري.
وفي سياق آخر، أعلن قائد الأسطول الأميركي الخامس في منطقة الخليج الأدميرال كيفن كوسيغريف، أن الولايات المتحدة «لن تسمح لإيران بإغلاق مضيق هرمز»، مستبعداً وقوع مواجهات عسكرية مع إيران، فيما ينتظر أن تستأنف المحادثات النووية الأسبوع المقبل، بالتزامن مع فرض الكونغرس الأميركي حظراً على تصدير مادة البنزين لإيران.
وصرح كوسيغريف في مؤتمر صحافي عقده في مقر قيادة الأسطول الخامس بقاعدة الجفير في العاصمة البحرينية المنامة، ان الإيرانيين «لن يتمكنوا من إغلاق مضيق هرمز. لن نسمح لهم بإغلاقه». وأوضح كوسيغريف «لا يتعين على احد أن يختبر جديتنا وعزيمتنا في حماية جنودنا وحماية أمن الملاحة في هذه المنطقة». وأضاف ان «التصريحات الإيرانية الأخيرة والتهديد بإغلاق مضيق هرمز غير بناءة وغير مسؤولة. مثل هذا العمل لن يكون موجهاً ضد الولايات المتحدة بل ضد المجتمع الدولي بأسره». ولكن كوسيغريف استبعد وقوع مواجهة عسكرية بين الولايات المتحدة وإيران، مشدداً على أنه «لا يعتقد أننا ننوي مهاجمة إيران». واستبعد المسؤول العسكري الأميركي أيضاً أن تقوم إسرائيل بتوجيه ضربة لإيران قائلاً «لا أرى سبباً لقيام إسرائيل بتوجيه ضربة لإيران على المدى القصير».
Leave a Reply