حفاظاً على الصحة والسلامة العامة .. ولحماية المطاعم من المنافسة غير العادلة
ديربورن
على مدار السنوات القليلة الماضية، حققت عربات الطعام، شعبيةً واسعةً في ديربورن حتى باتت المدينة –اليوم– تضم أكثر من 30 عربة مرخّصة لبيع مختلف أصناف المأكولات السريعة، مثل الشاورما والبرغر والتاكو والنقانق وغيرها… إلا أن البلدية ستبدأ بحلول مطلع أيلول (سبتمبر) القادم بتطبيق لوائح تنظيمية جديدة للحدّ من أماكن انتشار هذه العربات، تحت عنوان تأمين السلامة العامة وحماية المطاعم التقليدية من المنافسة غير العادلة.
وجاءت التعديلات التي أقرها مجلس المدينة في نيسان (أبريل) المنصرم لإعادة تشكيل مشهد عربات الطعام المزدهر، في أعقاب سنتين من التجارب والنقاشات حول المشاكل والمخاطر التي ظهرت مع ازدهار هذه التجارة في المدينة، إذ رأى مسؤولو البلدية ضرورة معالجة تحديات عديدة ظهرت خلال الفترة الماضية، مثل التخلص غير القانوني من الشحوم والنفايات في مجاري الصرف الصحي، والازدحام والضوضاء المفرطة، وخطر التوصيلات غير الآمنة للكهرباء، حيث تمتد الأسلاك بشكل غير آمن عبر الأرصفة ومواقف السيارات، فضلاً عن خطر استخدام غاز البروبان في تشغيل الشوايات داخل محطات الوقود.
وتحظر التعديلات على مشغّلي عربات الطعام ركن شاحناتهم على أملاك شركات أخرى، ما عدا الاستثناءات التي تمنحها البلدية للاستخدامات المؤقتة أو المناسبات الخاصة. كما ستُمنع العربات من دخول الأحياء التجارية الرئيسية في المدينة، وتحديداً الداونتاون الغربي والداونتاون الشرقي وشارع وورن ومنطقة ديكس–فيرنور في جنوب المدينة، وذلك بهدف حماية المطاعم القائمة في تلك المناطق من «المنافسة غير العادلة».
في المقابل، يسمح مرسوم البلدية الجديد بركن عربات الطعام في أماكن محددة ضمن المنتزهات العامة، فضلاً عن المواقع المصنّفة عقارياً للاستخدام «الصناعي الخفيف» أو «التجاري العام».
ورغم أن القرار –على الأرجح– لن يُقابل بترحيب مشغلي عربات الطعام الذين سيضطرون إلى تغيير أماكن عملهم، يؤكد أعضاء المجلس البلدي الذين صوتوا لصالح التعديلات بأن المرسوم الجديد يحظى بتأييد واسع لدى السكان الذين يعيشون بجوار المواقع التي تنشط فيها عربات الطعام.
وقالت كايلي بيانشيني، مديرة التخطيط والتصنيف العقاري في بلدية ديربورن، إن تخصيص مساحات لشاحنات الطعام في الحدائق العامة يُعدّ توجهاً شائعاً بين المدن، مما يُتيح «فرصة رائعة لتنشيط مساحاتنا العامة، وتوفير وجهة مُريحة للمشي»، مضيفة بأن توفير مساحة لتجمع شاحنات الطعام في المنتزهات يُمكن أن يخلق مناطق حيوية تجذب الناس إليها.
وسيُطلب من مواقف عربات الطعام، توفير دورات مياه دائمة للزبائن، ومناضد لتحضير الطعام، وتخزين المؤن، والتخلص من النفايات، ومساحة لا تقل عن 180 قدماً مربعاً لتناول الطعام. وترمي هذه التعديلات إلى إلزام شاحنات الطعام بنفس معايير السلامة والنظافة العالية المُطبقة في المطاعم التقليدية. كذلك، تحظر التعديلات استخدام مولدات الطاقة المُزعجة في الحدائق؛ التي يتوجب عليها –في المقابل– توفير توصيلات كهربائية لكل شاحنة على حدة.
إيجاد التوازن
في اجتماع مجلس ديربورن البلدي الذي عُقد في 22 أبريل المنصرم، والذي أقرّ فيه مرسوم عربات الطعام الجديد، صرّح رئيس المجلس، مايكل سرعيني، بأنّ المدينة تعمل على هذا الموضوع منذ عامين على الأقل، «سعياً لتحقيق التوازن بين ازدهار هذا القطاع، ومعالجة قضايا السلامة ومنافسة المطاعم التقليدية».
وتجذب شاحنات الطعام المنتشرة في أرجاء ديربورن، الزبائن من مختلف أنحاء المدينة والمدن المجاورة، الذين يقصدون عرباتهم المفضلة لتناول الوجبات المتنوعة بخدمة سريعة وأسعار متهاودة، علماً بأن معظم عربات الطعام في ديربورن تقدم اللحوم «الحلال» وتشكل منافسة غير متكافئة مع المطاعم المحلية التي تخضع لقيود تنظيمية صارمة إلى جانب التكاليف والأعباء التشغيلية.
وقال سرعيني: «نحن نسعى جاهدين للقيام بالصواب، ولهذا السبب استغرق الأمر كل هذا الوقت»، لافتاً إلى أنه مازال بإمكان المجلس إدخال تعديلات إضافية على المرسوم، لكنه طمأن أصحاب عربات الطعام بأن التغييرات المحتملة لن تكون على حسابهم، بل لصالحهم، مؤكداً اعتزاز المدينة بازدهار هذا القطاع.
بدوره، أكد عضو المجلس، روبرت أبراهام، بأن القواعد التي ستدخل حيز التنفيذ في الأول من سبتمبر المقبل، لا تهدف إلى الإضرار بأعمال مشغلي الشاحنات، وإنما ترمي إلى ضمان عملهم وفقاً لمختلف اللوائح المحلية والولائية المتعلقة بالصحة والسلامة العامة، مشدداً على أنه «لا يمكن الاستمرار في تشغيل عربات الطعام الخاصة كنشاط تجاري ثانوي في موقع لم يُصمّم أصلاً لتقديم الطعام».
وحول منافسة المطاعم التقليدية، قال جون ماكنمارا، المسؤول في «جمعية ميشيغن للمطاعم والفنادق»، إنه من الشائع أن تنظم البلديات أماكن عمل شاحنات الطعام التي تلعب دوراً مهماً في توفير خدمة متنقلة، وأحياناً، توفر لأصحابها طريقاً نحو تأسيس مطعم أو حتى سلسلة مطاعم. غير أن الأهم –بحسب مكنمارا– هو ضمان التنافس العادل مع المطاعم التي تعمل وفق قواعد تنظيمية صارمة.
وقال ماكنمارا: «لسنا ضد شاحنات الطعام. لدينا أعضاء في الجمعية يملكون شاحنات طعام. ما نعارضه هو قدرة هذه الشاحنات على التوقف في أي مكان».
وبالفعل، لجأت بلديات عديدة في منطقة ديترويت الكبرى –مؤخراً– إلى تنظيم مواقع شاحنات الطعام ضمن حدودها. فعلى سبيل المثال، عيّنت بلدية ديترويت أماكن محددة لعمل الشاحنات في منطقة «الأعمال المركزية» بالداونتاون و«المركز الثقافي» في ميدتاون. كما منعت البلدية شاحنات الطعام من التواجد على بُعد 200 قدم من المحلات التجارية الأخرى التي تبيع نفس المنتجات، بالإضافة إلى أماكن بيع الكحول والأنشطة الرياضية.
كما خصّصت هايزل بارك في مقاطعة أوكلاند، مواقع محدّدة لركن عربات الطعام، مع منح موافقات خاصة لتواجدها في الأماكن العامة أو الممتلكات الخاصة، بشرط توفير حاويات للنفايات.
أما في ديربورن هايتس، فتعتمد البلدية حالياً على مرسوم مؤقت يسمح للشاحنات بالعمل لمدة 180 يوماً متواصلة، ريثما تُطوّر المدينة قواعد دائمة للترخيص والتنظيم.
وفي السياق، صرّح رئيس مجلس المدينة والمرشح لرئاسة البلدية، محمد بيضون، بأن المجلس يعمل على وضع القانون المنشود منذ عدة سنوات، مستدركاً بأن البلدية مازالت اليوم في مرحلة تبادل الآراء.
واستبعد بيضون في تصريح لصحيفة «ديترويت نيوز» أن يتم حظر شاحنات الطعام في ديربورن هايتس، مفضّلاً أن يتم تحديد مواقع معيّنة لعملها.
وأردف بيضون بأن الحاجة إلى وضع قواعد لعمل شاحنات الطعام في المدينة لفتت انتباهه قبل انتخابه لعضوية مجلس المدينة، وتحديداً عندما أنشأ بنفسه، شاحنة طعام مؤقتة لبيع النقانق خلال شهر رمضان في ديربورن هايتس، موضحاً أنه تلقّى مخالفة لتشغيلها بدون ترخيص، رغم أن البلدية لم تكن لديها في ذلك الحين قواعد أو إجراءات محددة للحصول على ترخيص.
Leave a Reply