ديترويت – الوقت ينفد أمام شركات «فورد» و«جنرال موتورز» و«ستيلانتس» للتوصل إلى عقود جديدة مع اتحاد عمال السيارات UAW للحصول على عقود جديدة، وقد أكد رئيس النقابة شون فاين، يوم الأربعاء الماضي، أن الاتحاد مستعد للإضراب ضد أي من شركات السيارات الثلاث الكبرى في ديترويت في حال لم يتم التوصل إلى اتفاق معها قبل الموعد النهائي لانتهاء العقود الحالية في 14 أيلول (سبتمبر) الجاري.
وتسعى النقابة العمالية إلى زيادة الأجور بنسبة 46 بالمئة للسنوات الأربع القادمة إلى جانب مجموعة من المزايا الإضافية، بما في ذلك إعادة المزايا التقاعدية للموظفين الجدد وإلغاء تفاوت الأجور وتخفيض أسبوع العمل إلى 32 ساعة مقابل 40 ساعة من الأجر.
وكان أعضاء UAW البالغ عددهم 146 ألف عامل في الشركات الثلاث قد صوتوا خلال الشهر الماضي لصالح الإضراب بأغلبية ساحقة، حيث حصل المقترح على 96 بالمئة من أصوات عمال «جنرال موتورز»، و98 بالمئة من عمال «فورد»، و95 بالمئة من عمال «ستيلانتس» (كرايسلر سابقاً).
وأكد رئيس الاتحاد أنه لن يؤجل موعد الإضراب في حال لم يتم التوصل إلى اتفاق بحلول 14 سبتمبر، مشدداً على أنه لا يخشى إخراج جميع العمال من المصانع؛ إذا لزم الأمر، وذلك بالرغم من التبعات السلبية الواسعة التي قد تطال قطاع صناعة السيارات الأميركية من جراء هذا القرار.
غير أن فاين ترك «الباب مفتوحاً أمام إمكانية تجنب الإضراب»، ملمحاً إلى أن النقابة قد يتعين عليها التخلي عن بعض مطالبها للتوصل إلى اتفاقات.
وفي مقابلة مع وكالة «أسوشييتد برس» ذكر فاين (54 عاماً) أنه بالفعل تم إحراز بعض التقدم في المفاوضات مع «جنرال موتورز» و«فورد»، لكن «ستيلانتيس» لم تقدم بعد، عرضاً مقابلاً ولكن المفاوضات «لا تزال بناءة»، وفق تعبيره.
وعلى عكس قادة UAW السابقين، يحرص فاين على التفاوض مع شركات ديترويت الثلاث في وقت واحد، رافضاً سياسة استهداف شركة معينة للضغط على الشركتين الأخريين. ويتميز أداء فاين الذي تولى منصبه في آذار (مارس) الماضي بأنه أكثر تصادماً مع شركات صناعة السيارات مقارنة بقادة النقابة السابقين، وفي بعض الأحيان لم يتوان عن شن هجمات شخصية على المديرين التنفيذيين.
ويرى بعض المحللين والخبراء في الصناعة بأن الإضراب –بأي شكل من الأشكال– قد يكون ضرورياً لإقناع أعضاء الاتحاد بأن قيادته الجديدة تبذل قصارى جهدها لتحسين ظروف العمل.
تبعات الإضراب
إن شل مصانع السيارات الأميركية لفترة طويلة سيكون مكلفاً، ليس فقط بالنسبة للشركات الثلاث العملاقة والشركات الموردة للقطع، بل أيضاً بالنسبة للاقتصاد ككل وتحديداً اقتصاد ميشيغن الذي يعتمد بشكل كبير على هذا القطاع الحيوي.
ويشير تحليل حديث أجرته «مجموعة أندرسون» الاقتصادية إلى أن شلل الإنتاج في «فورد» «وجنرال موتورز» و«ستيلانتس» في وقت واحد من شأنه أن يكلف الاقتصاد الأميركي ما يقرب من 5.6 مليار دولار في غضون أول عشرة أيام فقط.
وبحسب الخبراء، ستكون الإضرابات المطولة ضد الشركات الثلاث غير مسبوقة، وستؤثر بسرعة على سلسلة توريد السيارات والاقتصاد الأميركي والإنتاج المحلي، وصولاً إلى ارتفاع أسعار السيارات الجديدة.
وقد أبدت إدارة بايدن اهتماماً خاصاً بالمحادثات، بما في ذلك تعيين المستشار الديمقراطي ذي الخبرة الطويلة جين سبيرلينغ لمراقبة الوضع لحساب البيت الأبيض.
وكان بايدن قد صرح بأنه لا يعتقد أن عمال السيارات سوف يضربون مع اقتراب الموعد النهائي، ولكن فاين استغرب تصريح الرئيس الأميركي مكتفياً بالقول «إنه ربما يعلم شيئاً لا نعرفه».
يشار إلى أن آخر إضراب نظمه «اتحاد عمال السيارات» كان في العام 2019 واستهدف شركة «جنرال موتورز» لمدة 40 يوماً.
وبينما تراقب «وول ستريت» الوضع المشتعل، فقد حذرت المستثمرين من احتمال توقف العمل لعدة أشهر.
ووجدت دراسة استقصائية موجزة أجراها «مورغان ستانلي» على 99 مستثمراً أن 58 بالمئة منهم يعتقدون أن الإضراب «مرجح للغاية»، فيما قال 24 بالمئة إنه «محتمل إلى حد ما»، وقال 16 بالمئة فقط إن الإضراب «غير مرجح»، بينما قال 2 بالمئة إنه «غير مرجح على الإطلاق».
ومن بين المستثمرين الذين شملهم الاستطلاع، وجد بنك مورغان ستانلي أن الغالبية العظمى من المشاركين (96 بالمئة) يتوقعون أن يستمر الإضراب المحتمل لفترة أطول من أسبوع. ويتوقع أكثر من الثلث (34 بالمئة) أن يستمر الإضراب لمدة أطول من شهر.
ولدى اتحاد عمال السيارات أكثر من 825 مليون دولار في «صندوق الإضراب» الخاص بها، والذي يجري استخدامه لدفع أجور الأعضاء المضربين، حيث سيتم صرف 500 دولار في الأسبوع لكل عضو مضرب عن العمل.
وبافتراض أن 150 ألفاً أو نحو ذلك من أعضاء الاتحاد مشمولون بالأزمة، فإن أجر الإضراب سيكلف النقابة حوالي 75 مليون دولار في الأسبوع. ومن ثم فإن التمويل البالغ 825 مليون دولار سيغطي حوالي 11 أسبوعاً، علماً أن هذا لا يشمل تكاليف الرعاية الصحية التي سيغطيها الاتحاد، والتي من المرجح أن تستنزف التمويل بسرعة أكبر بكثير.
وفي غضون ذلك، فإن المتحدثين باسم شركات صناعة السيارات رفضوا التعليق مباشرة على الأمر، لكنهم كرروا أن فرقهم تستمر في المفاوضات مع الاتحاد بشكل مفتوح، على أمل التوصل إلى اتفاق يعود بالنفع على كلا الجانبين.
Leave a Reply