بغداد – تفادى العراق، في اللحظة الأخيرة الأسبوع الماضي، مأزقاً سياسياً، عندما اقر برلمانه تعديلات نهائية على قانون الانتخابات التشريعية بعد مداولات ماراتونية وتدخلات متعددة المستوى محلياً ودولياً.
فقد توصل ساسة العراق الى اتفاق حول قانون الانتخابات التي أجل موعدها الى السادس من آذار (مارس) المقبل قبل ان يعلن مكتب الرئيس جلال الطلباني أن مجلس الرئاسة حدد السابع منه بدلا من السادس بعد اعتراض قادة أكراد من أن الموعد غير ملائم لأنه يصادف ذكرى اتفاقية انتهكت حقوقهم وقعت قبل عقود بين العراق وإيران.
وكانت المفوضية المستقلة للانتخابات قد قالت إنه لا يمكن إجراء الانتخابات في موعدها المقترح في السابع والعشرين من شباط (فبراير) لتزامنه مع مناسبة دينية للمسلمين الشيعة.
وجاء تحديد الموعد النهائي بعد إقرار البرلمان العراقي قانونا جديدا للانتخابات بعد تجاذبات بين الكتل السياسية دامت أشهرا مما استدعى تأخير موعدها الذي كان مقررا بين 18 و23 كانون الثاني (يناير) المقبل.
وفي الجلسة الأخيرة وبعد الاتفاق على بنود الملحق القانوني، كان لا بدّ من التصويت. وهنا بدأ فصل آخر مما يسمّيه البعض “مسرحية” جلسة الأحد الماضي. حيث كان النصاب غير مكتمل، ويجب “إحضار” 5 نواب ليصبح التصويت ممكناً. ساعة من الزمن وأحضر النواب الخمسة. وعندما حانت ساعة رفع الأيدي، ضرب رئيس البرلمان أياد السامرائي يده، وأعلن إقرار القانون “بشبه الإجماع”. مصطلح قد لا يكون موجوداً قانونياً.
ورفع القانون الجديد عدد المقاعد من 275 إلى 325 منها 310 مقاعد للمحافظات العراقية الـ18، في حين خصص 15 مقعدا تعويضيا ثمانية منها للأقليات وخمسة منها للمسيحيين، كما نص على أن يكون ثلث أعضاء البرلمان من النساء.
وستوزع المقاعد على النحو التالي: 68 للعاصمة بغداد، و31 للموصل، و24 للبصرة، و11 للديوانية، و18 للناصرية، و16 لبابل، و17 للسليمانية، و14 للأنبار، و14 لأربيل، و13 لديالى، و12 لكركوك، و12 لصلاح الدين، و12 للنجف، و11 لواسط و10 للعمارة، و10 لدهوك، و10 لكربلاء، و7 للسماوة.
وادى حق النقض الذي مارسه الهاشمي للقانون الانتخابي الى تأخير اجراء الانتخابات التي كانت مقررة في الاسبوع الثالث من كانون الثاني (يناير) المقبل.
وعبرت الامم المتحدة الأسبوع الماضي عن الامل في ان يعلن مجلس الرئاسة موعدا مبكرا لانتخابات هي الثانية منذ الاطاحة بنظام صدام حسين، غداة اقرار البرلمان قانون الانتخابات اثر محادثات ماراتونية بين المكونات.
والانتخابات خطوة حاسمة نحو تعزيز وترسيخ الديمقراطية في العراق، وضمان انسحاب الوحدات القتالية بحلول آب (اغسطس) 2010 والخروج التام نهاية عام 2011، على النحو المخطط له حاليا.
ووضعت الولايات المتحدة والامم المتحدة ثقلها للتوصل الى اتفاق حول قانون الانتخابات، خصوصا مع المجموعة الكردية التي نالت عددا من المقاعد يعتبرها العرب السنة تفريطا بحقوقهم.
وتلقى رئيس اقليم كردستان مسعود بارزاني اتصالا هاتفيا من الرئيس الاميركي باراك اوباما ونائبه جو بايدن، وفقا لبيان نشر الاثنين الماضي على الموقع الالكتروني لحكومة اقليم كردستان. وتابع البيان ان بارزاني “وعد بتسخير كل امكاناته لكي تتوصل القوى والاطراف السياسية الى اتفاق عادل يرضي جميع الاطراف”.
وقد دعت واشنطن والامم المتحدة الى تأجيل الجلسة الاستثنائية للبرلمان التي كانت مقررة اصلا منتصف النهار، من اجل التوصل الى توافق في الآراء بشأن النص الذي كان موضع مفاوضات مكثفة.
وفي البرلمان الجديد الذي يضم 325 مقعدا، فان الاكراد واثقون من نيل 41 مقعدا (بدل 38 حالياً) مخصصة للمحافظات الثلاث ومقعدين اضافيين مخصصين للمسيحيين، فضلا عن نحو عشرة مقاعد اخرى على المستوى الوطني يمكن ان يحصلوا عليها.
ويخصص القانون ثمانية مقاعد للاقليات، خمسة منها للمسيحيين، كما ينص على ان يكون ثلث اعضاء البرلمان من النساء. كما تم الاتفاق على ان يتم تصويت العراقيين في الخارج وفقا لمحافظاتهم.
وكان الهاشمي نقض في 18 تشرين الثاني (نوفمبر) القانون في نسخته الاولى مطالبا بتمثيل افضل للعراقيين الذين يعيشون في الخارج.
ويعتمد الهاشمي على الناخبين في الخارج لتحسين تمثيل العرب السنة افتراضا ان غالبيتهم من هذه المجموعة، وقد فروا من العراق بعد سقوط نظام صدام حسين في اعقاب الاجتياح الاميركي، ثم خلال الحرب الطائفية التي بدات العام 2006. وقد توقعت أوساط إعلامية ارتفاع رصيد الهاشمي في أوساط العرب السنّة، على حساب الحزب الإسلامي وجبهة التوافق ومجالس الصحوات. كما ارتفع رصيده في الأوساط الليبرالية والعلمانية، لأنه “استطاع مجابهة التحالف الكردي-الشيعي، وحقق إنصافاً حتى لبعض المحافظات الشيعية”، وهو ما ظهر في تظاهرة التأييد له، التي جابت محافظة ذي قار.
Leave a Reply