ديربورن – «صدى الوطن»
أعلن مكتب الادعاء العام في مقاطعة وين، الثلاثاء الماضي، عن توجيه سبع تهم جنائية بحق كاتبة بلدية ديربورن السابقة (الكليرك) كاثلين بودا، تضمنت السرقة واختلاس المال العام وسوء استخدام المنصب، وذلك بعد أشهر طويلة من التحقيقات التي كشفت «صدى الوطن» تفاصيلها أواخر تشرين الثاني (نوفمبر) الماضي.
ومثلت بودا (65 عاماً) ظهر الخميس أمام قاضي محكمة ديربورن مارك سامرز، حيث وجهت إليها التهم التي تصل عقوبتها إلى السجن لأكثر من 15 سنة وغرامة بآلاف الدولارات، دون أي تعليق منها.
وأظهرت التحقيقات أن بودا -التي أعلنت عن تقاعدها بعد ثلاثة أيام من مداهمة مكتبها في 16 كانون الأول (ديسمبر) 2015- كانت تختلس مبالغ نقدية من أموال البلدية بسبب إدمانها على لعب اليانصيب، بحسب وثائق التحقيق الرسمية.
وكان مكتب الادعاء العام في مقاطعة وين، قد أعلن عن التهم ضد بودا رسمياً يوم الأربعاء الماضي، وتضمنت تهمة الاختلاس (السجن لغاية 10 سنوات وغرامة بخمسة آلاف دولار) وثلاث تهم سرقة (السجن لغاية أربع سنوات وغرامة بخمسة آلاف دولار عن كل تهمة) وثلات تهم بسوء استخدام المنصب (السجن لغاية خمس سنوات وغرامة 10 آلاف دولار).
وتم الإفراج عن بودا بكفالة بقيمة 50 ألف دولار ومصادرة جواز سفرها، إلى حين مثولها أمام القاضي سامرز مجدداً في العاشر من آذار (مارس) المقبل.
وقال الناطق باسم شرطة ميشيغن الملازم مايكل شو إن بودا اختلست مئات الدولارات وباعتقادنا «دولار واحد يكفي» لمحاسبة أي مسؤول مؤتمن على المال العام.
تفاصيل القضية
وبحسب التحقيقات التي أجرتها شرطة ولاية ميشيغن على مدى سبعة أشهر -ونشرت «صدى الوطن» تفاصيلها في تشرين الثاني 2016- فقد كشف موظفان في مكتب الكليرك عن اشتبهاهما بقيام بودا، وبشكل متكرر، بسرقة مبالغ نقدية من الأموال التي يدفعها المراجعون.
كما كشفت التحقيقات أنه في حالات الازدحام، مثل مواسم دفع الضرائب، يتم اعتماد نافذة «الكليرك» وذلك بهدف تخفيف الضغط وتفادي الطوابير الطويلة أمام نافذة أمين الصندوق (الكاشير)، على أن يقوم موظفو الكليرك لاحقاً بتسليم المبالغ النقدية والشيكات إلى أمانة الصندوق.
وقد أدلى ثلاثة موظفين من مساعدي بودا، بشهاداتهم لشرطة الولاية، حيث أشاروا إلى أنهم لاحظوا أن بودا كانت تنقل صندوق الأموال النقدية المجموعة من نافذة الكليرك إلى مكتبها الخاص بشكل متخفٍ، قبل أن تقوم لاحقاً بتسليمه إلى الجهة المعنية وليس بداخله سوى الشيكات وبعض الفكّة.
وفي بعض الأحيان، لاحظ الموظفون اختفاء مبالغ نقدية كبيرة من صندوق الأموال لاسيما عندما كانت بودا تحضر اجتماعات متأخرة، حيث كان زملاؤها يجدون عند حضورهم إلى العمل صباح اليوم التالي، أن الصندوق المحفوظ في خزنة مقفلة، كان شبه خال.
وعندما سئلت بودا عن تفسيرها لاختفاء تلك الأموال، أجابت بأنها «كانت تأخذها لكي تقوم بحفظها لأنها لم تكن تثق بترك النقود في الخزنة».
وقال الموظفون إنهم بدأوا بملاحظة تصرفات بودا المريبة بعد انتقال البلدية إلى مقرها الجديد على شارع ميشيغن أفنيو.
وقال موظفان، أحدهما يعمل في مكتب الكليرك منذ 25 عاماً، إنهما قاما بداية بوضع علامات على الأموال والفواتير المدفوعة لمتابعتها، حيث أن بودا ظنت -بحسب أقوالهما- أنها في حال تخلصت من الفواتير المدفوعة الموضوعة داخل صندوق الكليرك، سوف لن يلاحظ أحد أنها استولت على الأموال.
ولدى قيام الموظفين باقتفاء أثر الفواتير المعُلّمة، تم رصد اختفاء 400 دولار في أقل من شهرين.
كما لاحظ موظف ثالث سلوك بودا المريب وتصرفاتها مؤكداً أنها كانت «تهتم بالمبالغ النقدية (الكاش) بطريقة ملفتة».
وقالت موظفة إن بودا لديها مشكلة إدمان حقيقية على لعب اليانصيب، حيث كانت تشتري بطاقات لا يقل ثمنها عن خمسين دولاراً يومياً، مشيرة إلى أن الكليرك؛ السابقة بدأت التحدث أكثر عن أزمتها مع المقامرة بالتزامن مع ملاحظة الموظفين اختفاء الأموال من الصندوق.
المداهمة
وفي 16 كانون الأول (ديسمبر) 2015 تلقى مكتب الكليرك مذكرة تفتيش، وقام المحققون وشرطة الولاية بمداهمة المبنى البلدي حيث تم التقاط الصور ومصادرة جوّال بودا الخاص بالعمل، إضافة إلى صناديق تتضمن وثائق من شهادات الولادة والوفاة ونسخ الفواتير والسجلات و«الفلاشات» والأموال التي كانت في مكتب بودا، إضافة إلى أغراض أخرى.
وقد استأنفت بودا عملها ذلك اليوم حتى نهاية الدوام الرسمي، وبعدها حضرت جلسة للمجلس البلدي بحضور رئيس البلدية جاك أورايلي وأعضاء المجلس البلدي وكأن شيئاً لم يكن، قبل أن تقدم استقالتها عقب ثلاثة أيام من ذلك بداعي التقاعد، مبررة ذلك بالضغوط الانتخابية القادمة وقتذاك، حيث كانت بودا تقضي عامها الـ21 في منصب «الكليرك» الذي انتخبت له خمس مرات.
وعزت بودا أسباب تقاعدها لـ«صدى الوطن» حينها إلى أنها تشارف على الـ65 من عمرها، مؤكدة أن تقاعدها من منصب الكليرك لا علاقة له بالتحقيقات الجارية.
وبقيت تفاصيل مداهمة مكاتب البلدية طي الكتمان لمدة ثمانية أشهر، حيث لم يدلِ خلالها أي مسؤول بلدي بأي تصريح في هذا الشأن. ولم يخرج الموضوع إلى دائرة الضوء إلا بعد اختلاف أعضاء المجلس البلدي بشأن الترتيبات المالية الخاصة بأجور بودا وتعويضاتها، حيث تقدم عضوا المجلس توماس تافلسكي وروبرت ابراهام، بمقترح يخصص مبلغ 11300 دولار من ميزانية البلدية، تعويضاً لبودا عن أيام المرض والإجازات.
وكان عضو المجلس مايك سرعيني قد عارض دفع آلاف الدولارات لبودا «التي ما تزال تخضع للتحقيق»، واصفاً المقترح المستعجل بأنه يلامس حدود الإهانة. وقال: «في ضوء ما يجري، بشأن اختلاس أموال دافعي الضرائب، وطالما أن التحقيق لم ينته بعد، لا أفهم كيف يمكن تمرير قرار كهذا».
من ناحيتها، قالت مديرة الموارد البشرية في البلدية سينثيا بيبر إن الموظفين في البلدية، لهم الحق في الحصول على التعويضات بعد تقاعدهم، غير أن قانون ميشيغن يسمح بمصادرة تعويضاتهم في حال الإدانة بتهم جنائية أو خيانة ثقة الناس.
وقد أقر رئيس البلدية جاك أورايلي وجميع أعضاء المجلس، ما عدا سرعيني، أن من حق بودا الحصول على التعويضات، لأن التحقيقات ما تزال مستمرة ولا يوجد أي دليل حتى الآن على أنها مذنبة.
وتم إقرار تعويضات بودا بستة أصوات مقابل معارضة صوت واحد.
وأكدت محامي المدينة ديبرا والينغ أنه إذا تمت إدانة بودا فسوف يكون بإمكان البلدية ملاحقتها لاسترجاع التعويضات.
Leave a Reply