ألبكيركي
بعد حالة من الذعر عاشها أبناء الجالية المسلمة في ولاية نيومكسيكو، إثر مقتل أربعة مسلمين من أصول جنوب آسيوية في مدينة ألبكيركي، تمكنت السلطات المحلية، يوم الثلاثاء الماضي، من اعتقال المشتبه به الرئيسي في القضية، والذي تبين أنه من أصول أفغانية، مما أزال الشبهات السابقة حول وجود دوافع عنصرية وراء سلسلة جرائم القتل التي هزت المجتمع المسلم الأميركي برمته، واستدعت إدانة مباشرة من الرئيس جو بايدن.
وذكرت الشرطة المحلية أن الرجل المحتجز هو مهاجر أفغاني يدعى محمد سيد (51 عاماً) ويشتبه في قتله رجلين مسلمين على الأقل، ويعتقد أنه يعرف الضحايا، وأن نزاعاً شخصياً حدث بينهم ربما أدى إلى جرائم القتل واستهداف الضحايا، وفقاً لشبكة «أن بي سي».
وقال قائد الشرطة، هارولد ميدينا، في بيان له «لقد تتبعنا السيارة التي يعتقد أنها متورطة في جريمة قتل حديثة لرجل مسلم في ألبكيركي، وتمكنا من اعتقال السائق الذي يعتبر المشتبه به الرئيسي في جرائم القتل التي حدثت». وأضاف: «أنا ممتن للغاية للعمل الشاق الذي قام به كل من عمل بسرعة للمساعدة في تحقيق العدالة للعائلات والضحايا المتأثرين بهذه الجرائم المأساوية».
وقال كايل هارتسوك نائب قائد شرطة ألبكيركي للصحفيين إن المشتبه به محمد سيد تم اعتقاله الاثنين الماضي عقب اتصال أحد المرشدين بالسلطات بعد توافر معلومات عن مكان تواجده. وأضاف أن سيد متهم بارتكاب جرائم قتل أفتاب حسين (41 عاماً) في 26 تموز (يوليو) الماضي، ومحمد أفضل حسين (27 عاماً) في مطلع آب (أغسطس) الجاري، كما لا يزال مشتبها به في مقتل كل من نعيم حسين (25 عاماً)، يوم 5 أغسطس، ومحمد أحمدي (62 عاماً) في 7 تشرين الثاني (نوفمبر) 2021، مشيراً إلى أن السلطات لا زالت تحقق في هذه الحالات.
وقال المدعي العام في مقاطعة برناليلو، راؤول توريز، إن اتهامات القتل متوقعة في القضية.
من جانبه، وجه رئيس بلدية ألبكيركي، تيم كيلر، الشكر لسلطات إنفاذ القانون المحلية والفدرالية لجهودهم في هذه القضية والتوصل إلى المشتبه به واعتقاله.
وقال كيلر في بيان: «نأمل في أن يجلب تحركهم السريع إلى زيادة الشعور بالأمان للكثيرين الذين يعانون من الخوف من حوادث إطلاق النار الأخيرة».
وكانت شرطة المدينة قد أنشأت موقعاً على الإنترنت للسكان من أجل تحميل مقاطع الفيديو والصور التي قد تساعد السلطات في التحقيقات. وصوت مجلس مكافحة الجريمة المحلي لصالح زيادة المكافأة لمن يدلي بمعلومات تساعد في اعتقال الجناة إلى 20 ألف دولار.
ونشرت السلطات صورة سيارة داكنة اللون قالت إنها يشتبه في أنها تم استخدامها «كوسيلة نقل» خلال ارتكاب الجرائم، وهي السيارة التي تم التوصل من خلالها إلى هوية ومكان المشتبه به الذي تم احتجازه.
حالة ذعر
وقد أثار مقتل أربعة رجال مسلمين من أصول جنوب آسيوية في ألبكيركي، منذ نوفمبر الماضي، مخاوف وحالة من الذعر بين أبناء الجالية المسلمة في ولاية نيومكسيكو، وقد غذت تلك المخاوف، التقارير الإعلامية وتصريحات السياسيين، بمن فيهم الرئيس بايدن الذي أوحى بأن الجرائم التي وقعت هي جرائم كراهية ضد المسلمين.
وتناقلت وسائل الإعلام مخاوف سكان ألبكيركي المسلمين، من الاستهداف العنصري، خاصة وأن الضحايا كانوا مسلمين ومن أصول مماثلة (أفغانستان وباكستان)، وقد تعرضوا جميعاً لكمائن وتم إطلاق النار عليهم.
ووفقاً لصحيفة «نيويورك تايمز» فقد قال بعض أبناء الجالية إنهم باتوا يخشون الخروج من منزلهم. فيما دعت الجمعيات المسلمة، السكان إلى «توخي الحذر».
وقال رئيس بلدية ألبكيركي، إن سكان المدينة من المسلمين في حالة تأهب وخوف شديد، حتى أن بعضهم كان يخشى الخروج من منزله لشراء البقالة والطعام.
فيما ذكرت شبكة «سي أن أن» أن شرطة المدينة كثفت من تواجدها حول المساجد والمدارس التابعة للمسلمين وجامعة نيومكسيكو.
من جانبها، أعلنت حاكمة ولاية نيو مكسيكو الديمقراطية ميشيل غريشام، إرسال تعزيزات شرطية إلى مدينة ألبكيركي، وقالت في بيان: «أشعر بالغضب والحزن لأن هذا يحدث في نيو مكسيكو، وفي مكان يفتخر بتنوع الثقافة والفكر.. ما حدث لا يمثلنا».
وبدوره، أعرب الرئيس جو بايدن، عن حزنه وغضبه من «الهجمات البغيضة» التي وقعت ضد مسلمين في نيومكسيكو، مشدداً على أن إدارته تقف بقوة إلى جانب الجالية المسلمة.
وقبل أن يتبين أن المشتبه به مسلم أيضاً، قال بايدن في تغريدة على حسابه الرئاسي بموقع تويتر: «أشعر بالغضب والحزن بسبب القتل المروع لأربعة رجال مسلمين في ألبكيركي بولاية نيومكسيكو». وأضاف: «في الوقت الذي ننتظر فيه تحقيقاً كاملاً حول ما حدث، أرسل دعواتي لأسر الضحايا، وإدارتي تقف بقوة إلى جانب المجتمع المسلم.. فلا مكان لهذه الهجمات البغيضة في أميركا».
كذلك ساهم بعض المؤسسات الممثلة للمجتمع المسلم الأميركي بزيادة حالة الذعر في أوساط المسلمين بمدينة ألبكيركي، حيث نشر «المركز الإسلامي في نيومكسيكو» بياناً عبر «فيسبوك» قال فيه: «نحث الجميع على اتخاذ الاحتياطات، والوعي بما يحيط بهم، خاصة في الجزء الجنوبي الشرقي من المدينة حيث حدثت عمليات القتل، بما في ذلك التأكد من عدم متابعتهم في المنزل، وتجنب المشي بمفردهم في الليل».
وأضاف: «عقدنا عدة اجتماعات مع مسؤولي المدينة والولاية بالإضافة إلى وكالات إنفاذ القانون. ويعمل الجميع بجد لضمان أن يظل المسلمون في مدينتنا آمنين، وتقديم المجرمين للعدالة». وتابع: «حتى الآن، ليس لدينا أي دليل على استهداف مسجدنا، ولكن ما زلنا نتخذ خطوات لتوفير تدابير أمنية إضافية».
كذلك، كان نائب المدير الوطني لمجلس العلاقات الأميركية الإسلامية (كير)، نهاد عوض، قد وصف حوادث مقتل الرجال الأربعة بأنها جرائم كراهية، قائلاً إن «هذا النوع من الجرائم لا يؤثر فقط على الجالية المسلمة في ألبكيركي، بل على جميع الأميركيين».
وأضاف: «يجب أن نتحد ضد الكراهية والعنف بغض النظر عن العرق أو الدين أو أصل الضحايا والجناة».
Leave a Reply